قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اليوم الثلاثاء ، خلال جلسة عمومية بمجلس المستشارين، إن التحديات المرتبطة بمحدودية الموارد المائية وتفاقم الخصاص في الماء لاسيما في الفلاحة كانت ولا تزال تفرض علينا اعتماد سياسة استباقية ومتواصلة للتحكم في مياه الري وترشيدها.
وأوضح أخنوش أن بلادنا راكمت إنجازات ومكتسبات مهمة بفعل سياسات إرادية منذ أطلق جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني سياسة السدود في منتصف الستينيات، التي تبيّن أنها بالفعل استراتيجية ناجعة مكنت من ضمان الأمن المائي.
وتابع “وتثمينا لهذه السياسة، وتنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وضع مخطط المغرب الأخضر اقتصاد وتثمين مياه الري في صلب برامجه المهيكلة، وذلك بهدف الرفع من نجاعة استخدامها المستدام وتعزيز الأمن الغذائي للبلاد”.
وفي هذا الصدد، أوضح أخنوش أنه تم إطلاق مجموعة من الأوراش استهدفت تعميم استعمال التقنيات المقتصدة في الماء، وتوسيع المساحات المسقية بواسطة السدود، وتأهيل وعصرنة دوائر الري الصغير والمتوسط، وتعبئة الموارد المائية غير التقليدية لأغراض السقي، بالإضافة إلى تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الري، مذكّرا بهذه المناسبة، بأن تنزيل مخطط المغرب الأخضر خضع لمنهجية تشاركية وتعاقدية أخذت بعين الاعتبار المؤهلات الفلاحية الجهوية والموارد المائية المتاحة مجاليا.
وأضاف الوزير أن هذا ما مكّن من اعتماد مخططات جهوية وعقد برامج لسلاسل الإنتاج، تعد بمثابة خرائط جهوية للإنتاج الفلاحي تتماشى مع الموارد المائية المتوفرة داخل كل جهة، مشيرا إلى أن أوراش الري وإعداد المجال الفلاحي في إطار مخطط المغرب الأخضر، همّت ما يناهز 850 ألف هكتار من الأراضي المسقية (أي أكثر من نصف المساحة الوطنية المسقية)، باستثمار عمومي قارب 40 مليار درهم لفائدة 250 ألف فلاح، أكثر من 90 في المائة منهم يعتبرون من صغار الفلاحين.
وأكّد أن هذه المجهودات غير المسبوقة شملت توسيع المساحة المجهزة بالري الموضعي لتصل إلى 630 ألف هكتار، أي 39 في المائة من المساحة المسقية على الصعيد الوطني، ما يمنح بلادنا مكانة متميزة بين الدول الرائدة في مجال تعميم القتنيات المقتصدة في الماء (ما يناهز ضعف مستوى دول كإيطاليا وجنوب إفريقيا التي لا تتعدى فيها هذه النسبة 22 في المائة).
أما فيما يخص التكامل والاندماج بين مشاريع السدود والتجهيزات الهيدروفلاحية، أشار وزير الفلاحة إلى أنه كل السدود الفلاحية المنجزة أو التي في طور الإنجاز خلال الفترة ما بين 2008 و2020، تمت مواكبتها بمدارات سقوية في سافلتها، مؤكّدا في هذا الصدد، أنه تمت توسعة المدارات السقوية عبر إحداث 17 دائرة سقوية جديدة مرتبطة بالسدود الفلاحية، على مساحة تناهز 82.300 هكتار، استفاد منها أكثر من 30 ألف فلاح، غالبيتهم من صغار الفلاحين.
وأشار عزيز أخنوش إلى أن هذا الإنجاز المرتبط بتوسعة المدارات السقوية يستلزم شرطين، وهما توفر الموارد المائية الكافية، وكذلك الموارد المالية اللازمة لإنجاز هذا النوع من المشاريع، مشيرا في نفس الوقت إلى أن تحقيق نتائج كبيرة بفضل المجهودات الهامة التي تم بذلها في مجموعة من المدارات في مختلف جهات المملكة.
وبالنسبة لدوائر الري الصغير والمتوسط، فقد أكّد أخنوش أنه تم استصلاح وإعادة تأهيل أكثر من 180 ألف هكتار لفائدة أزيد من 110 ألف فلاح صغير، مما ساهم بشكل كبير في دعم صمود الفلاحة الصغرى بالمناطق الهشة، كالواحات والجبال، وبالتالي تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
ومن جهة أخرى، أوضح الوزير أن مخطط المغرب الأخضر اعتمد مقاربة مبتكرة ورائدة لتنزيل مشاريع الري من خلال تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مكنت من إطلاق أربعة مشاريع مهيكلة لدعم صمود وتنافسية الفلاحة المسقية في ظل التحديات المناخية عبر تنويع مصادر المياه، خاصة باللجوء إلى مشاريع تحويل المياه السطحية وتحلية مياه البحر، مشيرا إلى أن هذه المشاريع ستمكّن من تعبئة حوالي 160 مليون متر مكعب سنويا من المياه، منها 110 مليون متر مكعب عبر تحلية مياه البحر.
ومساهمة من القطاع الفلاحي في ابتكار آليات جديدة لضمان التدبير السمتدام لموارد المياه الجوفية، أشار أخنوش إلى أنه دائما ما كان من السبّاقين إلى إيجاد حلّ لهذه الإشكالية، مذكّرا بأن أول عقدة فرشة ماء، كانت بجهة سوس ماسة، مضيفا أن الوزارة تشتغل حاليا على هيكلة مشروع سيمكن من الحد من الاستغلال غير المستدام للفرشة المائية لاشتوكة عبر إرساء نظام متطور، في إطار عقدة الفرشة المائية دائما، يقوم على تحديد حصص فردية من هذه الفرشة ومراقبة جلبها.
وخلص أخنوش إلى التذكير بأن هذا النموذج الواعد سيمكن من رفع تحدي الاستغلال المستدام للمياه الجوفية الذي يبقى تعميمه طموح الوزارة مع جميع الشركاء.