نظمت الشبيبة التجمعية بجهة مراكش-آسفي، مساء أمس الخميس، ندوة تفاعلية ضمن سلسلة ندوات “لقاء الخميس السياسي”، وذلك لمناقشة موضوع “آفاق التعاقدات السياسية والحزبية بالمغرب وأثرها على التنمية”، بمشاركة كل من سعيد شباعتو ومصطفى بايتاس، عضوي المكتب السياسي، ونجيب الصومعي الباحث الاقتصادي، وعبد العالي مازن عضو الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية.
وبهذه المناسبة، قال مصطفى بايتاس إن الحياة السياسية والحزبية في المغرب ليست سهلة القراءة، والمواطن البسيط لا يتمكن من قراءة المشهد السياسي والحزبي بسهولة، لأن جميع المشاريع متشابهة والحدود ليست واضحة بشكل بيّن وبالتالي الأحزاب السياسية لم تولي هذا الموضوع أهمية كبيرة.
والدليل، حسب بايتاس، هو أنه لحد الآن لا تزال الاختيارات والتعاقدات التي تمر على مستوى الدوائر الانتخابية كلها، وفق شروط ومعايير محلية، مضيفا أن هذا راجع بالأساس إلى الاقتراع الذي يقسم اللوائح إلى دوائر صغيرة، مشيرا إلى أمكانية إعادة النظر في النظام والتقطيع الإداري وإقرار لائحة الأطر أو لائحة وطنية أو ربما التوجه نحو انتخابات على دورين، من أجل إعادة المشاريع السياسية إلى توهجها.
وأضاف النائب البرلماني أن المشاريع السياسية كانت واضحة في مرحلة ما بعد الاستقلال، لكن مع النظام الانتخابي أصبحت الأحزاب السياسية تعمل وفق هذا المنطق، مشيرا إلى أن جانب آخر يعود إلى سيكولوجية الناخب المغربي الذي يصوت وفق محددات محلية ترتبط بالشخص، باستثناء ما يمكن ملاحظته من توجه نحو تبني توجهات سياسية، في الانتخابات الأخيرة، خاصة في المدن.
من جانبه، أكّد سعيد شباعتو على أن التعاقدات السياسية تقتضي أن تتأسس على شيء أعمق وأوسع من التعاقد على برنامج، والتعاقد والسياسي أساسا يكون على مبني على قيم إيديولوجية، التي تأتي بناء على تراكم ودراسات وتصورات وقيم، ليأتي بعدها تصور مشروع مجتمعي على غرار حزب التجمع الوطني للأحرار الذي اختار الديمقراطية المجتمعية، مشيدا في هذا الإطار بوثيقة “مسار الثقة”.
وحول التحالفات على مستوى الحكومة، أوضح شباعتو أن الأمر يتعلق بتحالفات “برمجاتية”، مضيفا أن الدليل هو بعض الخرجات التي يتحدث فيها الرئيس عزيز أخنوش انطلاقا من القيم الإيديولوجية للحزب تزعج بعض الأطراف، مشيرا إلى أن الفاعل السياسي لما يكون يربط ما بين ما هو إيديولوجي وسياسي يكون منسجما في أفكاره، وهذا الانسجام هو المطلوب.
أما بالنسبة لمرحلة ما بعد كورونا، أكد شباعتو أن النموذج التنموي أصبح الآن نموذجا مجتمعيا، لأن الاقتصاد والسلطة والديمقراطية والحريات العامة من أجل حماية الإنسان المغربي، مضيفا أن هذه الأزمة وهذا الخطر سيتجاوزه المغرب، والمطلوب هو أن يبقى الجميع في هذا الإطار من التضامن والتعبئة الجماعية، ويكون حضور الأحزاب دائما على كل المستويات، مع ضرورة الانسلاخ من العمل الفردي.
من جهته، يرى نجيب الصومعي أن أزمة كورونا تسببت في تحولات كبيرة في العالم على المستوى الاقتصادي والسياسي والتنموي والاجتماعي وغير ذلك، بالإضافة إلى انهيار المنظومة الإيديولوجية وانخراط العالم في نظام جديد، وهو ما سينتج عنه الحاجة إلى أجندات تنموية جديدة وتغيير العقليات وآلية الاشتغال.
وبالتالي، يضيف الصومعي، فهذا يطرح أسئلة على الفاعل السياسي والحزبي، من أجل أن تكون لديه مكانة في هذا التحول لأنه في حالة عدم التأقلم ستكون هناك مجموعة من الإشكالات، كما أن على الفاعل السياسي والحزبي أن يأتي بالحلول باعتبار أن هذا الأخير المفروض أنه يقدم برامج ويترافع ويدافع عنها، لكي ينال ثقة المواطن ويدبر الشأن العام.
وأزمة كورونا، حسب المتحدث نفسه، تطرح إشكالات كبيرة على مستوى تدبير الحياة السياسية وعلاقة الفاعل السياسي والحزبي مع المواطن، وأيضا مدى قوة البرامج الانتخابية والسياسية التي ستقدمها الأحزاب للمواطن لأن المغربي بعد كورونا ليس هو المغربي في فترة ما قبل هذه الأزمة.
أما عبد العالي مازن، فقد أوضح أن إمكانية لعب فئة الشباب دورا مهما في المرحلة المقبلة تتحكم فيه مجموعة من العوامل على غرار تموقع الشباب داخل الأحزاب ومدى تأثير هذه الفئة في قرارات الأحزاب، لأن فتح المجال أمام الشباب كقوة اقتراحية غير موجود في كل الأحزاب السياسية، وأيضا تباين مستوى الكفاءة والكاريزمة السياسية لدى الشباب، ثم مدى إرادة ورغبة الأحزاب.
وبالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، أكد مازن أنه من خلال تجربته داخل الشبيبة التجمعية يرى أن هناك مستوى محترما جدا لفئة الشباب وطنيا وجهويا ومحليا، كما أخذ على عاتقه تأطير هذه الفئة من خلال الجامعات والمنتديات الجهوية وغيرها من الأنشطة.
وأشار إلى أن الحزب منذ تولي عزيز أخنوش رئاسته، غيّر النمط الكلاسيكي للأحزاب الذي يعتمد بالأساس على الموسمية، إذ أحدث هياكل وتنظيمات موازية مختلفة التي باتت تشتغل بشكل متواصل وعلى مدار السنة، على المستوى الوطني والجهوي والمحلي.