أكد محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2026، أن التوجه الحكومي يسير نحو خلق اقتصاد تنافسي، أكثر تنوعا وصلابة وانفتاحا، وتقوية تماسك النسيج الاجتماعي، والبناء المؤسساتي الحديث، وتعزيز الاشعاع الدولي للبلاد، الشيء الذي لم يكن لم يكن ليتحقق دون الرؤيةٍ الملكية المُتبصِّرةٍ لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
وأشار إلى أن مشروع مالية 2026 يعد أهم وثيقة قانونية في مسار التشريع، لذا لا يجب أن تناقش بمعزل عن سياق عالمي يواجه معضلات معقدة وتحولات جيوسياسية وتراجع في التجارة العالمية، بمعزل عن التحديات المناخية مع توالي سنوات الجفاف.
وبالرغم من وقع ذلك، أكد البكوري أن الحكومة هي حكومة فعل وتفاعل، حيث تنهج خيار خلق الفرص بدلا من التحجج بالأزمة، بحصيلة أداء مشرفة يتجاوز فيها المنجز حجم المتوقع، حسب قوله
وأبرز أن المجهود الحكومي يرتكز على تنويع القطاعات الأساسية للاقتصاد الوطني لجعله أكثر استقرارا وغير مرتبط بعامل المناخ، بالشكل الذي يتناغم مع المعطيات المحفزة، بما فيها تطور الطلب الداخلي، استعادة النشاط الإنتاجي، بالإضافة إلى تطور قطاع الخدمات.
كما مكن هذا المجهود المقدر للحكومة، حسب البكوري، من خلق بيئة وبنية متكاملة ومحفزة للصناعة الوطنية، مما حقق تطور مهما في القطاعات الصناعية ذات الأولوية التي عززت الاقتصاد الوطني ووفرت المزيد من فرص العمل، بما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية لبلادنانحو التصنيع المتقدم والتنمية المستدامة.
وأعلن أن هذه الدينامية مكنت تحقيق مؤشرات مهمة سواء فيما يتعلق بالتحكم في مستويات التضخم، أو التقليص من حجم دين الخزينة، والتحكم في مستوى عجز الميزانية.
“لم يكن تحقيق هذه المؤشرات بالأمر اليسير، لولا اتخاذ إجراءات مهمة من قبيل تنزيل مقتضيات القانون الإطار للإصلاح الجبائي خاصة فيما يرتبط بإصلاح الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الدخل”، وفق قوله.
وأشار إلى أن ذلك مكن من رفع الموارد الجبائية دون زيادة في الضغط الجبائي، مما ساهم في تحقيق استدامة المالية العمومية وضمان توازنها، مبرزا أن هذه النتائج شكلت عاملا مهما لإعادة تصنيف البلاد ضمن فئة “درجة الاستثمار”، مما ينذر بآفاق اقتصادية مستقبلية واعدة ويشجع على الاستثمار الخاص.
ومن خلال مشروع قانون مالية 2026، أبرز البكوري أن الزمن الحكومي يفتح الباب لمرحلة جديدة، “مرحلة برؤية أوسع وطموحًا أكبر، جوهرها تحقيق الصعود التنموي والاجتماعي والاقتصادي لبلادنا تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله، بما يحقق رفاه المواطن ويضمن التوازن والانصاف في الاستفادة من ثمار النمو”، حسب وصفه.
وأشار إلى أن الحكومة تواصل تنزيل المشروع الملكي للدولة الاجتماعية، من خلال جعل المواطن محور استهداف الفعل العمومي، بالشكل الذي تتفوق فيه جودة الخدمات الاجتماعية على تعددها، وتنتصر له سرعة النمو الاقتصادي، ويساهم في بناء واقع أفضل ومستقبل واعد للأجيال القادمة بما يليق بإنسانية الإنسان ويحفظ أمنه وكرامته ويحقق رفاهه واستدامته.
وفي قراءته لما جاء به مشروع قانون المالية لسنة 2026، أشار إلى أن ميزانية الصحة والتعليم وصلت إلى مستويات استثنائية، حيث بلغت الميزانية الإجمالية المخصصة لقطاع التعليم 97.1 مليار درهم، والميزانية الإجمالية لقطاع الصحة ناهزت 42,4 مليار درهم، و”من باب التذكير، فلطالما شكل الرفع من ميزانيتي هاذين القطاعين مطلبا تكرر في تاريخ الحكومات السابقة ليتحقق اليوم”، حسب قوله.
وتجسيدا للتعلميات الملكية السامية، أشار البكوري إلى أن الحكومة تعمل على إطلاق جيل جديد من برامج وأوراش التنمية الترابية المندمجة، بما يضمن تحقيق وترتيب الأولويات وترك الأثر المباشر على المواطن، ويجعل من المجالات الترابية الحضرية والقروية منها على وجه الخصوص مجالات مشجعة على الاستقرار ومحفزة للاستثمار وخالقة لفرص الشغل القار.
ولأجل ذلك، نوه البكوري بالمقاربة المعتمدة لإعداد هذا الجيل الجديد من البرامج، والمبنية أساسا على الإشراك المباشر للمواطنات والمواطنين والفاعلين الترابيين والمدنيين، وهو مايمكن لمسع عن قرب ضمن اللقاءات التشاورية المعدة لهذا الغرض، والتي ستمكن من تحديد دقيق لخريطة الاحتياجات الجهوية.
“ولا يحدونا أدنى شك بأن الحكومة، ستسعى إلى التنزيل الأمثل لهذه البرامج والأوراش، التي سيكون لها وقع إيجابي ومباشر على مستوى عيش المواطن، بما يتماشى أيضا مع انتظاراتنا لتحقيق العدالة المجالية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، وتقليص الفوارق المجالية سواء تلك القائمة بين الجهات أو تلك المتواجدة فيما بين الأقاليم والجماعات بالجهة”، حسب قوله.
وستعمل الحكومة، وفق البكوري، على تنزيل البرنامج الوطني للتنمية المندمجة للمراكز القروية الناشئة وفق مقاربة أولية تشمل 77 مركزا قرويا ناشئا على امتداد التراب الوطني، منها 36 مركزا قرويا نموذجيا خلال سنة 2026.
وأكد أن الفريق حرص على المساهمة إيجابا في المناقشة العامة والتفصيلية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، كما ساهم قدر الإمكان في تجويد مقتضياته عبر تقديم 31 تعديل باسم فرق ومجموعة الأغلبية من أصل 227 تعديلا، تفاعلت معها أيضا الحكومة بكل جدية ومسؤولية حيث تم قبول 72 تعديلا، والتي ترمي في مجملها إلى مسايرة توجه تسريع وتيرة الصعود الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا.




