قال محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إن مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026 يأتي في سياق وطني استثنائي يعزز المسار التنموي الشامل الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله بكل ثبات.
وأكد، خلال مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2026، كما وافق عليه مجلس النواب، أن المشروع يعكس تحولا نوعيا في مقاربة المالية العمومية من منطق إدارة التوازنات إلى منطق صناعة المستقبل، انسجاما مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة.
وأوضح البكوري أن هذا النقاش يتزامن مع مجموعة من الخطب الملكية التاريخية، بما فيها خطاب عيد الوحدة ليوم 31 أكتوبر، الخطاب الذي كرس الاعتراف الأممي بالتقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في ملف وحدته الترابية.
وأضاف أن قرار جلالة الملك، جعل هذا اليوم عيدا وطنيا للوحدة يجسد لحظة حاسمة في مسار الدفاع عن القضية الوطنية وترسيخ التلاحم بين العرش والشعب.
وشدد البكوري على أن النجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة في ملف الصحراء المغربية، خاصة الاعترافات الدولية المتتالية بسيادة المغرب على كامل أقاليمه الجنوبية، تشكل فرصة لتعزيز الاستثمارات الكبرى بهذه الجهات وجعلها منصة لوجستيكية واستثمارية رائدة في غرب افريقيا.
كما نوه بالأدوار الطلائعية للدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن الوحدة الترابية في مختلف المحافل الدولية
وفي سياق متصل، توقف البكوري عند الاحتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، مؤكدا أن قرار مجلس الأمن الأخير بترسيخ مبادرة الحكم الذاتي يشكل فتحا جديدا للقضية الوطنية بفضل عبقرية قيادة جلالة الملك وإجماع الشعب المغربي.
وأبرز أن الأقاليم الجنوبية تعرف نهضة تنموية غير مسبوقة حولتها إلى وجهة للاستثمارات الوطنية والدولية.
كما وجه البكوري تحية تقدير للقوات المسلحة الملكية ومختلف الأجهزة الأمنية على تضحياتها في حماية استقرار المملكة وإحباط كل المخططات التي تستهدف أمنها، مؤكدا أن هذه المؤسسات تجسد صمام الأمان للوطن.
وتطرق البكوري إلى الانجازات الرياضية التي حققتها كرة القدم الوطنية، والتي وصفها بمحطات مفصلية جاءت نتيجة رؤية استراتيجية أطلقها جلالة الملك في سنة 2008.
وأكد أن نجاح المنتخب الوطني وأبطال الفئات الصغرى على المستوى العالمي جعل من الرياضة رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل الاستعداد لاحتضان نهائيات كأس افريقيا للأمم وكأس العالم بمعية اسبانيا والبرتغال.
وفي الجانب الاجتماعي، قال البكوري إن الحكومة واصلت تنزيل ورش الحماية الاجتماعية باعتباره ركيزة اساسية لبناء مغرب اجتماعي حديث، مشيرا إلى تخصيص 72 مليار درهم لتغطية نفقات هذا الورش خلال السنوات الاخيرة. وأكد أن تعميم التغطية الصحية والرفع من ميزانيات الصحة والتعليم يؤشر على تحول كبير في أولويات الدولة المغربية.
وسجل البكوري أن قطاع الصحة عرف إصلاحات هيكلية عميقة شملت تقييم الاختلالات وتطوير الموارد البشرية وتأهيل العرض الصحي ورفع الميزانية من 19.7 مليار درهم سنة 2021 إلى 32.6 مليار درهم سنة 2025، مع تأهيل 1400 مركز صحي من الجيل الجديد وتعميم المستشفيات الجامعية.
أما قطاع التعليم، فأبرز أنه عرف زيادة تراكمية غير مسبوقة في الميزانية تجاوزت 27 مليار درهم منذ سنة 2021، ليصل الغلاف إلى 97.1 مليار درهم في مشروع قانون المالية 2026.
وأكد أن هذه المقاربة تعكس إرادة الحكومة في بناء مدرسة عمومية حديثة قادرة على تكوين أجيال جديدة من الكفاءات.
وأشار البكوري إلى أن المشروع المالي يكرس الانتقال نحو اقتصاد منتج للثروة عبر رفع المجهود الاستثماري العمومي إلى 380 مليار درهم، وهو رقم غير مسبوق يعكس الرغبة في تعزيز السيادة الوطنية في القطاعات الحيوية. كما سجل تحقيق الاقتصاد الوطني لنسب نمو مشجعة وصلت إلى 4.6 في المائة وتراجع عجز الميزانية إلى 3.5 في المائة مع تحكم إيجابي في دين الخزينة.
وفي الجانب الجبائي، أكد البكوري أن المشروع يرسخ العدالة الجبائية عبر توسيع الوعاء الضريبي ومحاصرة التهرب وتعزيز الرقمنة وتحديث الإدارة. كما نوه بإشادة المؤسسات المالية الدولية بالاصلاحات التي اعتمدتها المملكة واعتبارها دليلا على صلابة الاقتصاد الوطني ومصداقية توجهاته الاستراتيجية.
وتوقف البكوري عند السياسة المائية، مشيرا إلى أن الحكومة واصلت تنفيذ البرنامج الوطني للماء الشروب 2020.2027 الذي مكن من مواجهة آثار سبع سنوات متتالية من الجفاف. وأكد أهمية تسريع مشاريع السدود وتحلية المياه وربط الأحواض المائية لضمان الأمن المائي للمملكة.
كما نوه بالمشاريع الضخمة في مجالات النقل واللوجستيك والموانئ، خاصة ميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي، مؤكدا أن هذه المشاريع سترفع جاذبية المجالات الترابية وتخلق دينامية اقتصادية واسعة.
وفي ختام مداخلته، أكد محمد البكوري أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يرسخ مسار الدولة الاجتماعية ويعزز مسيرة المغرب الصاعد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، معتبرا أن الحصيلة المسجلة خلال هذه الولاية الحكومية إيجابية وملموسة وتعكس إرادة سياسية واضحة لمواصلة البناء والتطوير خدمة لمصلحة الوطن والمواطنين.




