انسجاما مع الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أطلق المغرب رسميا، أمس الجمعة بنيويورك، “قطب المغرب الرقمي من أجل التنمية المستدامة”، بهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي بإفريقيا والمنطقة العربية.
وجرى إطلاق هذا القطب بمبادرة من وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال حفل تم تنظيمه على هامش أشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، والوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، والسفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، عمر هلال.
وتعزز هذه المبادرة الاستراتيجية تموقع المغرب كمحفز إقليمي وقاري للتحول الرقمي الشامل والمستدام، في خدمة البلدان العربية والإفريقية.
وبهذه المناسبة، أبرز رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن “قطب المغرب الرقمي من أجل التنمية المستدامة”، الذي تم إطلاقه في الأمم المتحدة من طرف المغرب، يجسد التزام المملكة الثابت، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لفائدة تسريع التحول الرقمي في إفريقيا والعالم العربي.
وأضاف أخنوش، أن هذا القطب، الذي قامت بإطلاقه وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يوجد في صلب استراتيجية “المغرب الرقمي 2030″، يعمل على ترسيخ التحول الرقمي كرافعة استراتيجية سواء في القطاع الاقتصادي أو داخل المجتمع بشكل عام.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن هذا القطب يجسد أيضا قناعة المغرب بأن دينامية التنمية لا يمكن أن تتحقق دون تعبئة الاستثمارات في مجال الرقنمة والذكاء الاصطناعي من أجل توفير الوظائف، وجلب القيمة المضافة، وتعزيز تنافسية الاقتصادات وتكريس السيادة الرقمية.
ولفت إلى أن اختيار المغرب لاستضافة المقر الدائم لهذا القطب ينبع من دينامية الإصلاحات التي أنجزتها المملكة في مجال الرقمنة، ويبرز المكانة المتميزة التي يحظى بها المغرب باعتباره حلقة وصل بين إفريقيا والعالم العربي وأوروبا، فضلا عن دوره الرئيسي لفائدة الشراكات الشاملة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي السياق ذاته، دعا أخنوش كافة الشركاء الدوليين، لاسيما الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، إلى دعم هذه المبادرة والانضمام إليها وجعلها نموذجا يحتذى.
وبدورها، أكدت السغروشني أن هذه المبادرة “تجسد إرادة المغرب الثابتة من أجل جعل التكنولوجيا محركا للإنصاف والابتكار وتوفير الفرص، سواء داخل حدودنا أو عبر إفريقيا والمنطقة العربية”، مشيرة إلى أن هذا القطب “يترجم رؤية المغرب لمستقبل رقمي لا يترك أحدا يتخلف الركب، من خلال تحويلها إلى واقع ملموس مدعوم بالتزامنا الراسخ وبالخبرة الجماعية لشركائنا”.
وبالنظر لكون ثلثي سكان العالم يتوفرون على ربط بخدمات الإنترنت، فإن التحول الرقمي يعيد تشكيل الاقتصادات والمجتمعات، حيث يوجد الذكاء الاصطناعي في صلب هذا التحول، غير أن الدول العربية والإفريقية ما تزال تواجه تحديات مستمرة، لاسيما تشتت المنظومات ونقص الكفاءات، وارتفاع التكاليف، وغياب التنسيق في السياسات العمومية، حيث يطمح هذا القطب إلى الاستجابة لهذه التحديات، من خلال توفير منصة إقليمية للابتكار المشترك وتوفير حلول شاملة تتمحور حول الإنسان.
وسيركز هذا القطب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات ذات أولوية، لاسيما الصحة والتعليم والقدرة على مواجهة التغيرات المناخية والحكامة، وتشجيع تمكين النساء والشباب لجعلهم قادة للتحول الرقمي.
من جانبه، أبرز مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالنيابة، هاوليانغ شو، أن “التحول الرقمي يشكل ركيزة أساسية ضمن الخطة الاستراتيجية الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 2026-2029″، مضيفا أنه بفضل الشراكة مع المملكة، “سيوفر قطب المغرب الرقمي من أجل التنمية المستدامة للبلدان العربية والإفريقية فضاء فريدا لبلورة وتنفيذ حلول رقمية بشكل مشترك، تعود بالنفع على الإنسان والكوكب معا”.
وخلال هذا الحدث، ناقش المشاركون صيغ إحداث تحالف من أجل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات لفائدة الدول العربية والإفريقية، كمنصة متعددة الأطراف موازية للقطب، هدفها توحيد المعايير، وتطوير الكفاءات، وتعزيز الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية المستدامة.
ومن خلال هذه المبادرة، يؤكد المغرب ريادته في مجال التعاون جنوب-جنوب من أجل التحول الرقمي، وانسجامه مع خارطة طريق الأمين العام للأمم المتحدة بشأن التعاون الرقمي، والاستراتيجية الرقمية العالمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فضلا عن الأجندات الرقمية للاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.