استعرض عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أهم محاور برنامج إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، مبرزًا المنجزات التي تحققت والتطلعات المستقبلية التي تؤطر هذا الورش الاستراتيجي، في أفق ضمان عدالة صحية حقيقية وجودة رعاية طبية تحفظ كرامة المواطنين.
في هذا الصدد، شدد رئيس الحكومة خلال الجلسة الشهرية المخصصة للأسئلة الشفهية الموجهة لرئيس الحكومة بمجلس النواب، على أن تحسين المنظومة الصحية يمر أساسًا عبر تطوير البنيات التحتية، مذكّرًا بأن الحكومة أطلقت برنامجًا واسع النطاق لتأهيل أزيد من 1.400 مركز صحي من الجيل الجديد، بميزانية لا تقل عن 6.4 مليار درهم. وقد تم بالفعل تأهيل 949 مركزًا صحيًا، مع استمرار الأشغال لاستكمال باقي المراكز المبرمجة.
وأوضح أخنوش أن هذه المراكز، المجهزة بالتقنيات الطبية والرقمية الحديثة، ستساهم في تخفيف الضغط عن المستشفيات الإقليمية والجهوية والجامعية، من خلال تقديم خدمات صحية للقرب بجودة عالية، وطاقم طبي متخصص.
كما أعلن عن خطة طموحة لتعميم المستشفيات الجامعية عبر مختلف جهات المملكة، بهدف ضمان رعاية صحية متخصصة قريبة من المواطنين وتعزيز التكامل بين مستويات الرعاية. في هذا الإطار، أُطلق برنامج لإحداث مستشفيات جامعية جديدة في أكادير، العيون، كلميم، بني ملال، والرشيدية، إلى جانب إعادة بناء مستشفى ابن سينا بالرباط بطاقة استيعابية تفوق 1.000 سرير.
وبالتوازي، اعتمدت الحكومة برنامج عمل لتأهيل وتحديث خمسة مراكز استشفائية جامعية بفاس، الدار البيضاء، الرباط، مراكش، ووجدة، في غضون سنتين، بميزانية إجمالية تقدر بـ1.7 مليار درهم، يشمل تحديث تجهيزاتها ومعداتها الطبية.
وفي سياق متصل، أكد رئيس الحكومة أن إصلاح المنظومة الصحية لم يعد يرتكز على حلول ترقيعية أو مبادرات ظرفية، بل بات مؤطرًا بإطار قانوني متكامل. وقد تم، بتعاون بنّاء مع البرلمان، استكمال الترسانة القانونية اللازمة، في مقدمتها: القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، وقانون إحداث الهيئة العليا للصحة، وقانون إحداث المجموعات الصحية الترابية، وقانون الوظيفة الصحية، وقانون إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، وقانون الوكالة المغربية للدم ومشتقاته.
وأبرز أخنوش أن هذه القوانين بأنها تشكل “ثورة في القطاع الصحي”، مشيرًا إلى أن الحكومة بذلت جهدًا خاصًا لتنزيلها. وقد تُوج هذا المسار بتعيين جلالة الملك، نصره الله، لرئيس الهيئة العليا للصحة، ومديري الوكالتين المتخصصتين، وعقد أول المجالس الإدارية لهما، ما يعكس إرادة قوية لضمان حكامة جيدة، استمرارية الإصلاحات، وديمومتها.
من جانب آخر، أبرز أخنوش الأهمية التي توليها الحكومة للرقمنة باعتبارها رافعة أساسية لتحسين جودة الرعاية الصحية وتجويد خدماتها. وأوضح أن الهدف هو تبسيط وتسريع الإجراءات الإدارية والطبية، وضمان التكامل والربط البيني بين مختلف الفاعلين الصحيين.
وأشار إلى أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية شرعت في توحيد النظام المعلوماتي الصحي على الصعيد الوطني، وتوسيعه ليشمل المراكز الصحية من المستوى الأول، ما سيمكن من مواكبة «الملف الطبي المشترك» وتوفير قاعدة بيانات صحية متكاملة.
وأكد أن هذا النظام المعلوماتي سيكون آلية جوهرية لتسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الصحية، وتقليص الإنفاق الطبي للأسر المغربية، في سياق تعميم التغطية الصحية، بما يعزز الإنصاف والعدالة الصحية، ويضع المواطن في قلب المنظومة الصحية.