نظم المكتب الوطني لجمعية “أمل الأحرار لذوي الاحتياجات الخاصة” لقاءً وطنيًا متميزًا تحت عنوان: “من أجل سياسات عمومية دامجة… التجمع الوطني للأحرار فاعل أساسي في ترسيخ الحقوق الدستورية وبناء الدولة الاجتماعية”، بحضور رئيسها الوطني محمد أمين بوشيحة، وثلة من الفاعلين السياسيين والمدنيين والحقوقيين من مختلف جهات المملكة.
ويأتي هذا اللقاء “في إطار مواصلة ترافع الجمعية من أجل قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة، وتعزيز انخراط المجتمع المدني في بلورة سياسات عمومية دامجة وعادلة”.
وقد شكل هذا اللقاء لحظة قوية لتجديد الالتزام الجماعي بقضية الإدماج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف السياسات العمومية، والتأكيد على أن بناء الدولة الاجتماعية، كما نص عليها دستور المملكة، لا يمكن أن يتحقق دون إنصاف هذه الفئة وضمان حقوقها الأساسية في التعليم، الصحة، الشغل، المشاركة السياسية، والكرامة الإنسانية.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد بوشيحة على أن القضية ليست إنسانية فقط، بل وطنية ودستورية، تستوجب تكاثف كل الجهود من حكومة ومؤسسات وأحزاب ومجتمع مدني، مشيدًا بالدور الريادي الذي يلعبه حزب التجمع الوطني للأحرار كقوة سياسية مسؤولة، اختارت أن تجعل من العدالة الاجتماعية وتمكين الفئات الهشة عمادًا لعملها داخل الحكومة، بقيادة رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش.
ونوه بوشيحة خلال اللقاء بالقرارات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة الحالية في مجال الإعاقة، وعلى رأسها إخراج القانون الإطار الخاص ببطاقة الإعاقة، بعد أكثر من ثلاثين سنة من الانتظار، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة في الحسم في هذا الورش، إلى أن جاءت حكومة التجمع الوطني للأحرار لتضع حدًا لهذا التعثر، وتُخرج هذا النص إلى حيز التنفيذ، في خطوة تاريخية استقبلتها الأسر المغربية بالكثير من الأمل والارتياح، حسب تعبيره.
ولم يغفل بوشيحة الإشادة بالدور الحيوي الذي يقوم به مصطفى بايتاس، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، من خلال مواكبته الدؤوبة لقضايا العمل الجمعوي، وحرصه على تمكين الجمعيات الجادة من فضاءات للترافع البناء والشراكة المؤسسية، لا سيما تلك التي تشتغل ميدانيًا في قضايا الإعاقة.
وأضاف رئيس الجمعية أن ما يميز حزب الأحرار هو انتصاره للكرامة الإنسانية، وإرادته السياسية القوية في تنزيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص من الشعارات إلى السياسات العمومية الواقعية. وهو ما نلمسه اليوم من خلال الدعم الفعلي لقضايا الإعاقة، والاستماع المستمر لمطالب الفاعلين الجمعويين، والانفتاح على مقترحاتهم من أجل إرساء مجتمع دامج لا يُقصي أحدًا.
وفي هذا السياق، شدد رئيس المكتب الوطني للجمعية على أهمية مواصلة هذا النهج التشاركي، الذي يُعد ركيزة أساسية لبناء مغرب الحقوق والعدالة الاجتماعية، كما نص عليه الدستور، وكما تتطلع إليه كل الفئات الهشة والمهمشة في مختلف ربوع الوطن.
وقد اعتبر الحاضرون أن وزارة العلاقات مع البرلمان تحولت في ظل إشراف الوزير بايتاس إلى شريك فعلي ومواكب للمجتمع المدني، عبر آليات جديدة وواقعية تراعي خصوصية هذا النسيج الحيوي.
كما شهد اللقاء مداخلات وازنة لكل من أمل الملاخ عضوة المجلس الوطني وسناء نور والمهدي قرنيفة وعبد اللطيف بندادي، الذين أجمعوا على أن الدولة الاجتماعية لا يمكن أن تكتمل دون شمول سياساتها لكل الفئات، وخاصة الأشخاص في وضعية إعاقة، الذين يعانون من معيقات بنيوية في الولوج إلى الحقوق والخدمات.
وتم التأكيد على أن التعاطي مع قضايا الإعاقة يجب أن يتجاوز البعد الإحساني، ليترسخ في شكل رؤية حقوقية ومؤسساتية عادلة ومنصفة.
وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلى الإنجاز النوعي الذي تحقق بإصدار المرسوم رقم 2.23.152 بتاريخ 29 ماي 2025، المتعلق بتطبيق أحكام المادة 13 من القانون الإطار رقم 97.13، والمتعلق بإحداث لجان جهوية خاصة بالتوجيه التربوي للأشخاص في وضعية إعاقة، تحت إشراف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. على اعتبار أن هذا المرسوم يؤسس لمنظومة تعليم دامج حقيقي، حيث يضمن دراسة ملفات الأطفال ذوي الإعاقة، وتوجيههم نحو التعليم أو التكوين المهني المناسب، مع إحداث آلية تتبع لمسارهم الدراسي، وإمكانية إحداث لجان إقليمية متى دعت الضرورة.
وقد أكد المتدخلون أن هذا المرسوم يُترجم بوضوح الإرادة السياسية للحكومة، بقيادة السيد عزيز أخنوش، في تنزيل الالتزامات الدستورية والمقتضيات القانونية المرتبطة بالإعاقة، وجعلها أولوية وطنية فعلية، لا مجرد شعارات مناسباتية.
وقد أثنى الحضور على البعد العملي الذي تميزت به مخرجات هذا اللقاء، وعلى الروح الإيجابية التي طبعت كل المداخلات، حيث أبان الجميع عن إرادة جماعية في الدفع قدمًا بملف الإعاقة نحو أفق أكثر عدالة وإنصافًا، يكرّس قيم الدولة الاجتماعية التي ينشدها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ويجعل من قضية الإدماج الكامل للأشخاص في وضعية إعاقة أحد أعمدة المشروع التنموي الجديد للمملكة.
وفي ختام هذا اللقاء الوطني، جددت الجمعية، عبر رئيسها محمد أمين بوشيحة، التأكيد على التزامها بمواصلة الترافع والمرافعة والتنسيق مع مختلف المتدخلين، من أجل وطن يُنصف جميع أبنائه، ويرسّخ ثقافة الدمج والمساواة، ويجعل من قضايا الأشخاص في وضعية إعاقة مدخلًا حقيقيًا لتحقيق التنمية والكرامة والمواطنة الفاعلة.