أكد محمد غيات، نائب رئيس مجلس النواب، الذي يشارك في الندوة الدولية حول إعداد ميثاق أفريقي للسيادة الوطنية والقيم العائلية، التي تنظم في الفترة الممتدة من 9 إلى 11 مايو 2025 بمدينة أنتيبي، بجمهورية أوغندا، أن المغرب حريص على تقاسم خبرته في ما يتعلق بحماية السيادة الغذائية بروح من التضامن والتعاون جنوب-جنوب.
في هذا الصدد، قال غيات في كلمته بهذه المناسبة، إن السيادة الغذائية اليوم ضرورة استراتيجية من أجل التنمية المستدامة وتحقيق الاستقلال الذاتي لأممنا الإفريقية، مضيفا “ففي ظل تقلبات الأسواق الدولية، وتزايد التحديات المناخية، والضغوط الديمغرافية، تبرز قدرتنا على ضمان الأمن الغذائي بوسائلنا الذاتية كأولوية مطلقة. إنها ليست فقط شرطاً أساسياً لاستقرارنا الاجتماعي والاقتصادي، بل تشكل أيضاً ركناً جوهرياً من أركان سيادتنا الوطنية والقارية”.
ووعياً بهذه الرهانات، يضيف نائب رئيس مجلس النواب، اعتمد المغرب استراتيجية متكاملة مكّنته من رفع الإنتاجية الزراعية بشكل ملحوظ، مع تعزيز صمود صغار الفلاحين، مشيرا إلى أنه بفضل هذه التجربة، يحرص المغرب على تقاسم خبرته بروح من التضامن والتعاون جنوب-جنوب.
وأوضح غيات أنها ترتكز على أربعة محاور رئيسية، تهم، أولا، تحسين إدارة الموارد المائية، موضحا “ففي ظل ندرة المياه المتزايدة، طور المغرب حلولاً مبتكرة مثل الري الموضعي، وتجميع مياه الأمطار، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة. وقد أُنجزت هذه التقنيات بالفعل مع عدد من الشركاء الأفارقة وحققت نتائج ملموسة في مجال الإدارة المستدامة لهذه الثروة الحيوية”.
وبالنسبة للمحور الثاني، يضيف غيات، يتعلق بتحسين سلاسل القيمة الزراعية، مبرزا أن تقليص الخسائر بعد الحصاد، وتطوير قدرات التحويل المحلي، لا يُسهم فقط في تعظيم القيمة المضافة للمنتجات، بل يساهم كذلك في خلق فرص عمل مستدامة، خاصة لفائدة شبابنا في المناطق الريفية.
وبخصوص المحورين الثالث والرابع، أوضح غيات أن الأمر يتعلق تواليا، بضمان الولوج العادل إلى الموارد الإنتاجية، حيث تُظهر التجربة المغربية الأهمية البالغة في تأمين وصول الفلاحين الأسريين إلى الأراضي، والبذور الملائمة، والخدمات المالية الشاملة، مما يضمن بناء زراعة مرنة وعادلة، ثم وضع أطر تنظيمية متوازنة قادرة على حماية الإنتاج المحلي، مع تعزيز التبادلات الإفريقية، لاسيما في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
وأكد نائب مجلس النواب، أن المغرب يُجدد التزامه بتعميق الشراكات التقنية والعلمية والاقتصادية مع كافة الدول الإفريقية في هذا المجال الاستراتيجي، مضيفا أن المبادرة الملكية للأمن الغذائي، وبرامج التكوين الزراعي التي استفاد منها آلاف الطلبة الأفارقة، ومشاريع الاستثمار المشترك، تجسد هذا الالتزام الثابت.
وأضاف أن “فالسيادة الغذائية لا تنفصل عن الحفاظ على قيمنا الثقافية، لأن نظمنا الغذائية التقليدية تجسد جوهر هويتنا الإفريقية”، مضيفا أنه من أجل تعزيز هذا المسار، يقترح المغرب إجراءات تهم إعداد أطر قانونية وطنية تحمي صراحة السيادة الغذائية والنظم الزراعية التقليدية الإفريقية، والتصدي جماعياً لأي اتفاق دولي قد يهدد استقلالنا في رسم السياسات الزراعية والغذائية، وتعزيز التعاون البيني الإفريقي، خاصة عبر ZLECAf، لتنشيط تجارة المنتجات الزراعية المحلية.
وأيضا، يضيف غيات، دعم الزراعة الأسرية باعتبارها حجر الأساس لنظمنا الغذائية، ومرآة لقيمنا التضامنية، والاستثمار المكثف في البحث الزراعي الإفريقي لتثمين المحاصيل الغذائية المحلية والمعارف الأصلية، وحماية البذور التقليدية الإفريقية من أي استحواذ غير مشروع من قبل مصالح أجنبية، وإنشاء صندوق إفريقي للسيادة الغذائية، يُموَّل من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، ثم إرساء منتديات برلمانية وطنية مخصصة للسيادة الغذائية وحماية النظم الزراعية التقليدية.
في الختام، قال محمد غات إنه “حان وقت العمل المشترك. ومن خلال توحيد جهودنا، سنجعل من السيادة الغذائية هدفاً قابلاً للتحقيق، وأساساً لبناء إفريقيا مزدهرة، مستقلة، ومخلصة لقيمها”، مشددا على أن المغرب يظل وفياً لالتزامه الإفريقي، عازماً على العمل جنباً إلى جنب مع جميع الدول الإفريقية لمواجهة هذا التحدي المصيري.