أبرز أحمد زاهو، النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، اليوم الأربعاء، أن للممتلكات الثقافية أهمية تاريخية وحضارية وروحية لدى الدول والمجتمعات، حيث كانت موضوع قواعد وآليات لحمايتها، أحدثها القانون الدولي الإنساني.
وتابع، خلال تناوله الكلمة باسم فريق التجمع الوطني للأحرار ضمن مناقشة مشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، أن المملكة المغربية تأتي في مقدمة الدول التي انخرطت في غالبية اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، والتي تعتبر طرفا في الصكوك المتعلقة بالمحافظة على الممتلكات الثقافية، لانخراطها في اتفاقية لاهاي وفي بروتكولها الأول في سنة 1968، ثم مصادقتها على البروتوكول الثاني الملحق بالاتفاقية المذكورة في سنة 2013. كما استحضر مصادقة المغرب، في أكتوبر 1975، على اتفاقية اليونسكو لسنة 1972 لحماية التراث الثقافي والطبيعي، التي تمثل أهم صك ينظم التعاون الدولي في هذا المجال.
ولأجل ضمان حماية الممتلكات الثقافية، “توجب قواعد القانون الدولي الإنساني على الدول القيام، في زمن السلم، باتخاذ تدابير للمحافظة على الممتلكات سالفة الذكر، وتشمل هذه التدابير سن قوانين ملائمة، وتعزيز الآليات الإدارية المناسبة، وتحديد المسؤوليات المؤسسية، ووضع مساطر ومخططات عمل للمحافظة على الممتلكات الثقافية في زمن النزاع المسلح، وكذا إعداد برامج مناسبة لتكوين الموظفين الممارسين في المؤسسات الثقافية والعموم”، يضيف زاهو.في هذا الصدد، أشار إلى أن المغرب انخرط بشكل كامل من أجل دعم أي مبادرة تروم حماية وتعزيز التراث الثقافي، سواء فيما يخص الترميم أو المحافظة أو النهوض بالتراث.
من جهة أخرى، أكد أن المملكة المغربية تعتبر عضوا نشيطا في لجنة اليونسكو، لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح، منذ انخراطها لأول مرة في سبتمبر 2015 في أشغال هذه اللجنة الهامة المكلفة على الخصوص بالإشراف على تفعيل البروتوكول الثاني.
وعلى الصعيد القاري، استحضر زاهو توقيع المغرب في 29 نوفمبر 2022 مع اليونسكو اتفاقا إطارا لحماية التراث الأفريقي، بالإضافة إلى التوقيع، في يناير 2023، على اتفاق شراكة بين اليونسكو والمؤسسة، حيث كان مناسبة أبرزت خلالها المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، الالتزام السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بالتعاون بين المملكة المغربية وهذه المنظمة الأممية في العديد من المجالات، وخاصة ما يتعلق بصيانة التراث الثقافي.
ونظرا للاهتمام الذي يحظى به هذا الموضوع في البرنامج الحكومي، تطرق زاهو إلى مصادقة المجلس الحكومي، المنعقد يوم 21 نونبر 2024، برئاسة رئيس الحكومة، على مشروع القانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث.
وأشار إلى أن هذا النص التشريعي المهم الخاص بمشروع قانون رقم 33.22 المتعلق بحماية التراث، والذي يتضمن 7 أجزاء و133 مادة، يأتي في سياق شهدت فيه بلادنا سلسلة من الاكتشافات الأثرية الهامة التي وضعتها على خريطة علم الآثار والجيولوجيا العالمية في عدد من جهات المملكة، وكذا الرهانات الكبرى لإنجاح احتضان المغرب لكأس العالم والتي تكمن أيضا في إبراز غنى وأصالة التراث الوطني وفي تعزيز ترسانته القانونية، وضرورة رقمنة التراث الوطني بواسطة آليات ووسائط رقمية عدة، والحد من الاتجار غير المشروع للممتلكات الثقافية.
وجاء هذا النص كذلك، يضيف زاهو، من أجل الحرص على الحفاظ على التراث الثقافي الوطني، بتعزيز الإطار القانوني الخاص به ليلائم المعايير الدولية المصادق عليها من طرف المملكة، ومسايرة التطور المجتمعي والمؤسساتي للبلد انسجاما مع روح ومقتضيات دستور 2011، والارتقاء بالتراث الثقافي الوطني ليصبح عاملا ومحركا لخلق وإنتاج الثروة ومناصب الشغل، وضمان تمويل وطني باللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لاسيما ما يخص الصناعات الثقافية والإبداعية والأبحاث الأركيولوجية.
وأضاف أن هذا مشروع القانون يروم تأمين وحماية التراث المادي وغير المادي الوطني من محاولات الاستحواذ الأجنبي من جهة، ومن جهة أخرى إلى دمج المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بالتراث الثقافي، وتعزيز المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 22.80، المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية، وملاءمة الإطار القانوني الوطني المتعلق بحماية وتثمين ونقل التراث الثقافي الوطني مع المعايير الدولية بتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة المغربية.
واستحضر، في هذا السياق، الرسالة الملكية السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في أشغال الدورة ال17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو بتاريخ 28 نونبر 2022 بالرباط، والتي أشارت إلى التهديدات التي تحيط بالتراث الثقافي غير المادي الوطني.
ونبه إلى ضرورة إدراج مقتضيات تتعلق بحماية هذا النوع من التراث الثقافي المغربي والمحافظة عليه وتثمينه لتغطية الفراغ القانوني في النصوص الجاري بها العمل حاليا في هذا المجال ولتطبيق التزامات الدولة المغربية إزاء الاتفاقيات الدولية المصادق عليها ولاسيما اتفاقية 2003، المتعلقة بصون التراث المادي.
وأورد أن هذا النص خصص حيزا مهما للتراث الثقافي والتراث الطبيعي والجيولوجي والمجموعات التاريخية التي تكتسي أهمية بحكم طابعها المعماري وحمولتها التاريخية، والكنوز الإنسانية الحية التي تمكن من نقل المعارف والمهارات عبر الأجيال.
وتطرق إلى موضوع تنظيم تصدير اللوحات التشكيلية الفنية والمنحوتات والمجسمات الفنية والإبداعات المستوحاة من الصناعة التقليدية المغربية، فضلا عن إدخال مفاهيم جديدة تهمّ إعداد مخططات تدبير التراث وكذا إخضاع كل الأوراش التي ترتبط بالتراث الثقافي.”لقد فتح المجال أمام مشروع الحكومة هذا لمناقشته داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال.
وفي هذا الصدد، ساهم فريقنا إلى جانب فرق الأغلبية والمعارضة بايجابية في مناقشة هذا المشروع خلال مختلف المراحل السابقة، كما تقدمنا رفقة فرق الأغلبية بمجموعة من التعديلات تفاعلت معها الحكومة بشكل إيجابي وهو ما ساهم في إغناء المشروع الحكومي”، يضيف زاهو.
من جهة أخرى، دعا زاهو إلى الاهتمام بالموروث الطبيعي الذي تزخر به عدد من الأقاليم والجهات والمناطق بالمملكة، منها على سبيل المثال جهة كلميم وادنون، مشددا على ضرورة الاهتمام بالمغارات بكل من سيدي مبارك وآيت بوفولن، والنقوش الصخرية التي تتوفر عليها.