قال مصطفى الميسوري، المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين، إن فريق الأحرار واع بأن الحكومة تستثمر بنجاعة كبيرة في الزمن التنموي، بعيدا عن إكراهات الظرف الانتخابي ودون اصطفافات سياسوية ضيقة.
وأضاف خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة حول موضوع “المؤشرات الاقتصادية والمالية وتعزيز المكانة الدولية للمغرب”، أن هذا “ما جعلها ترفع من سقف طموحنا الجماعي، من خلال التنزيل المحكم لكل الإصلاحات الهيكلية التي ما فتئ ينتظرها المواطنات والمواطنون، والتي تتقاطع مع مختلف التعليمات والتوجيهات السامية لجلالة الملك، حفظه الله”.
ونوّه الميسوري باشتغال الحكومة بنكران الذات في إطار سعيها لكسب مختلف الرهانات الوطنية سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، مردفا “فإنني لن أبالغ إذا قلت لكم أن المغاربة جميعا يلمسون الأثر الإيجابي للاختيارات الاجتماعية والاقتصادية لعمل هذه الحكومة، التي تضع مصالح بلادنا وكرامة المواطنات والمواطنين على رأس أولوياتها”.
وأبرز المستشار البرلماني أن مختلف المؤشرات والأرقام هي “أرقام عنيدة لا تقبل أن تُطَوَّعْ .. وهي الأرقام التي كان لها الفضل في تعزيز المكانة الريادية للمغرب”، مضيفا أنها جعلت المنظومة الاقتصادية الوطنية تعرف تحولات ايجابية، من خلال الانتقال من نمط اقتصادي محدود الأثر إلى اقتصاد عصري تنافسي، يخلق الثروة ذات القيمة المضافة المرتفعة، ليسهم في توزيع أثرها على مختلف الفئات الاجتماعية، رغم الاكراهات الظرفية والمناخية الصعبة التي لولاها لتجاوز معدل النمو الاقتصادي السنوي عتبة 7 في المئة.
وفي هذا الإطار، قال الميسوري إن الحكومة سعت إلى إطلاق إصلاحات عميقة تهم قطاعات اجتماعية واقتصادية، تجعل من المغرب ورشا مفتوحا وبلدا صاعدا، حيث حرصت منذ تنصيبها على تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، واستكمال تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، عبر تعميم التأمين الإجباري عن المرض لفائدة كل الفئات الاجتماعية والمهنية، مع أداء الاشتراكات بالنسبة للأشخاص الغير قادرين على الأداء، وهو ما يكلف المحفظة المالية للدولة حوالي 10 ملايير درهم سنويا.
وزاد قائلا: “مع استحضار نجاح الحكومة في تنزيل البرنامج الملكي الطموح للدعم الاجتماعي المباشر، الذي تستفيد منه اليوم ما يناهز 4 ملايين أسرة، والذي خصصت له الحكومة أزيد من 25 مليار درهم سنويا، وستصل ميزانيته لــ 29 مليار درهم السنة المقبلة”.
وثمن كذلك الثورة ذات الأبعاد المتعددة التي أطلقتها الحكومة فيما يتعلق بتأهيل المنظومة الصحية الوطنية بمختلف مكوناتها، وذلك من خلال تعزيز العرض الصحي، وبناء وتأهيل المراكز الاستشفائية الجامعية والجهوية والإقليمية، وتأهيل 1.400 مؤسسة للرعاية الصحية، دون إغفال تعزيز الرأسمال البشري بالقطاع الصحي من خلال تنزيل القانون المتعلق بالوظيفة الصحية، والرفع من مستوى التأطير الطبي وشبه الطبي، ورفع ميزانية القطاع لتبلغ هذه السنة 32.6 مليار درهم كرقم غير مسبوق.
ونوّه أيضا بالمجهودات التي تم القيام بها فيما يتعلق بإصلاح منظومة التربية والتعليم، التي توليها الحكومة عناية خاصة، وهو ما يعكسه تخصيص 85.6 مليار درهم للقطاع برسم السنة المالية 2025، كرقم تاريخي، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك مكانة التعليم في السياسة الحكومية، باعتباره مدخلا أساسيا لتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية.
وفي إطار ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، استحضر الميسوري باسم الفريق، مقاربة الحكومة في مجال السكن، والتي تترجمها عبر تنزيل برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، بالموازاة مع تنزيل البرامج الرامية للقضاء على كل أشكال السكن غير اللائق.
كما هنأ الحكومة على المجهودات الجبارة التي تقوم بها على مستوى دعم القدرة الشرائية للمواطنين، فإننا نشيد كذلك بالتزامها بإصلاح الضريبة على الدخل، ما مكن أزيد من 4 ملايين من الموظفين والأجراء من زيادات معتبرة في أجورهم بداية من شهر يناير المنصرم.
واستحضر أيضا تعبئة غلاف مالي بحوالي 46 مليار درهم في أفق 2026 ككلفة للحوار الاجتماعي بهدف الرفع من الأجور وتحسين الظروف المهنية والمعيشية للشغيلة، شكل حلقة مهمة من حلقات الاهتمام بتحسين عيش المواطنين عموما.
وثمن الميسوري بالسم الفريق حرص الحكومة على اعتماد سياسات مبتكرة لدعم النمو الاقتصادي، مدعومة بتفعيل الميثاق الجديد للاستثمار ومواصلة تنزيل خارطة الطريق لتحسين مناخ الأعمال، وهو ما من شأنه أن يعزز تموقع بلادنا على مستوى سلاسل القيمة العالمية، ويدعم السيادة الوطنية في عدد من المجالات، وعلى رأسها القطاع الصناعي، الذي تؤكد مختلف مؤشراته الإيجابية رجاحة الاختيارات التي اتخذتها بلادنا طيلة الـ 25 سنة الأخيرة من حكم جلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
كما أشاد الميسوري بالعمل الكبير الذي تقوم به الحكومة فيما يتعلق بتدبير إشكالية الماء ذات الطابع الاستراتيجي، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، من خلال الرفع من وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب 2020-2027.
وتابع “دون إغفال الإشادة بالتحولات الانتقالية التي تقودها فيما يتعلق بتبني جيل جديد من الاستراتيجيات المبتكرة، على غرار مواصلة تنزيل استراتيجية “الجيل الأخضر” في القطاع الفلاحي، والمشاريع المرتبطة بالهيدروجين الأخضر والتحول نحو الطاقات النظيفة، إضافة إلى تنزيل الاستراتيجية الرقمية “المغرب الرقمي-2030″، وإطلاق مبادرات طموحة لفائدة الشباب، وتبني خارطة الطريق السياحية 2023-2026، التي ساهمت في تبوء بلادنا المرتبة الأولى افريقيا في جلب السياح بعد استقطابها 17.4 مليون سائح السنة الماضية، كرقم قياسي غير مسبوق”.
ولم يفوت الميسوري الفرصة دون استحضار الأهمية الخاصة التي توليها الحكومة لتنفيذ مختلف المشاريع المرتبطة باحتضان المملكة للمواعيد الرياضية الكبرى القارية منها والعالمية، خاصة المرتبطة بتعزيز وتطوير البنيات التحتية الطرقية، والسككية، والمينائية، والمطارية، والرياضية والسياحية.
وأبرز أن هذا التراكم الإيجابي والمستمر للمؤشرات الاقتصادية والمالية للمملكة، تعزز بشكل ملحوظ منذ الخروج من تداعيات جائحة كوفيد 19، رغم حالة اللايقين التي طبعت الاقتصاديات العالمية واقتصاد المجموعات الشريكة للمغرب، خصوصا الفضاء الأوروبي، الذي يعتبر الشريك الأول للمملكة.
وفي هذا السياق، هنأ الميسوري باسم الفريق، الحكومة، على منهجية اشتغالها، ورجاحة الاختيارات السياسية والتدبيرية التي مكنت من ضبط مؤشرات المديونية والتحكم فيها إلى حوالي 69 في المئة بعدما كانت تفوق 72 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، وارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 37.6 في المئة خلال 2024، وتراجع عجز الميزانية إلى ما دون 4 في المئة سنة 2024، بعدما تجاوز 7 في المئة في 2020، وضمان الاستدامة المالية لمختلف البرامج الحكومية التي تم إطلاقها، إضافة إلى التقليص من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، وتكريس المقاربة المجالية.