أكد محمد زكرياء بنكيران، المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، بمجلس المستشارين، أن مغاربة العالم كانوا دائما في صلب اهتمام جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ومحل عطفه المولوي الدائم.
في هذا الصدد، قال بنكيران في مداخلة فريق التجمع الوطني للأحرار في مناقشة مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج برسم السنة المالية 202، إن هذا القطاع يشهد تحولا جديدا في مسار تدبر شؤون مغاربة العالم، تنفيذا للتوجيهات الملكة السامية التي جاء بها خطاب جلالة الملك نصره الله بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة، والذي أسس لنقلة مؤسساتية شاملة في تدبير مختلف قضايا الجالية من خلال توجه الحكومة نحو إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بها.
وأضاف “نحن اليوم أمام منعطف تاريخي يؤسس لمرحلة جديدة تروم تمكين الجالية من الإسهام أكثر فأكثر في مجهود البناء الوطني نحو مدارج التقدم والحداثة وتحصين المكاسب الديمقراطية بهوية مغربية أصيلة وفي رفع تحدي تنمية الوطن والدفاع عن مقدساته وسيادته ووحدة أراضيه”، مردفا “خصوصا وأننا أمام جالية تتميز بحسها الوطني العالي ومتشبثة بأصولها ومغربيتها وتشكل دائما الاستثناء عندما يتعلق الأمر بالوطن”.
وأكد المستشار البرلماني ان فرييق الأحرار يؤمن بأن الجالية المغربية على مدى عقود قد ساهمت بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، بل أكثر من ذلك، كان لها دور محوري في بناء الصرح الديمقراطي وفي إغناء هويتنا الثقافية الحديثة، مؤكدا “ومن واجبنا جميعا إيلاءها العناية اللازمة ومواكبة تطلعاتها وصيانة حقوقها وتحسين مختلف الخدمات المقدمة لها، بما في ذلك تبسيط المساطر الإدارية والتأطير اللغوي والثقافي والديني والهوياتي”.
وثمن هذه الالتفاتة المولوية السامية تجاه مغاربة العالم، خصوصا مجلس الجالية المغربية بالخارج الذي أمر جلالته بتسرع إخراج قانونه الجديد وإحداث المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج لتكون الذراع التنفيذي للسياسة العمومية للمغتربين المغاربة، وذلك استجابة لمطالب وتطلعات رفعت منذ سنوات.
وأوضح أنها مبادرة ملكية خلاقة استحضرت فيها الالتقائية وتنسيق الاستراتيجيات الوطنية الموجهة لهذه الفئة من أجل خلق بيئة مؤسساتية واستثمارية حاضنة لخزان الكفاءات والمواهب والخبرات المغربية المقيمة بالمهجر، بما يساهم في تعزيز شعورهم بالانتماء للوطن وفي إشراكهم الفاعل في إشعاع المغرب والدفاع عن مصالحه العليا.
وفي سياق القضية الوطنية، قال بنكيران “نخلد هذه الأيام الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى 69 لعيد الاستقلال المجيد بدلالاتهما ورمزيتهما التاريخية اللتان تجسدان انتصار إرادة العرش والشعب في التحام وثيق دفاعا عن وحدة الوطن ومقدساته، نحتفي كذلك بسلسلة النجاحات والمكاسب التي حققتها الدبلوماسية المغربية، وعلى رأسها الدبلوماسية الملكية بفعاليتها وتبصرها واستباقيتها، والتي أثمرت عن تطورات جد إيجابية للقضية الوطنية وعن دعم دولي غير مسبوق، مؤكدا بأن هذا الملف قد أوشك على الدخول لمرحلة الحسم وعلى درب التسوية النهائية له”.
وسجّل في هذا الباب سابقة انسحاب الجزائر من جلسة التصويت بعد سقوط مقترحاتها المعادية للمغرب، مما جسد عزلتها الدولية في واقع لا وصف له إلا منطوق الخطاب الملكي السامي حين قال جلالته إنه “بالموازاة مع هذا الوضع الشرعي والطبيعي، هناك مع الأسف عال آخر منفصل عن الحقيقة، ما زال يعيش على أوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن”.
وتابع “نشوة الانتصارات لا يجب أن تنسينا ضرورة التحلي باليقظة من اجل التصدي لكافة المناورات والتحرشات التي تزاداد كلما حققنا تقدما في مسار قضيتنا الوطنية، مما يربك خصوم وجدتنا الترابية ويفقدهم جادة الصواب لينتهجوا سياسة افتعال الأزمات وخلط الأوراق”.
في هذا الإطار، يضيف بنكيران، فإن فريق الأحرار يعبر عن استنكاره الشديد للسلوكيات الاستفزازية المتكررة للجزائر وصنيعتها البوليساريو، كان آخرها ما عاشته منطقة المحبس من إطلاق لمقذوفات من قبل ميلشياتها بالتزامن مع مهرجان احتفالي بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، في خرق سافر للشرعية الدولية وما يشكله ذلك من تهديد للسلم والاستقرار الإقليمي، منوها بالقوات المسلحة الملكية الباسلة المرابطة على الحدود، التي ردت على هذا الهجوم الإرهابي بشكل حازم دفاعا عن المواطنين العزل وعن الحدود الترابية للممكلة.
وسجّل كذلك الدور الريادي الذي أصبحت تضطلع به بلادنا على الساحة الإفريقية تماشيا والتوجه السديد لصاحب الجلالة نصره الله، لتفعيل سياسة التعاون والتضامن جنوب-جنوب كخيار استراتيجي وأولوية بالنسبة للمغرب وشركائه في افريقيا من أجل قارة مندمجة ومزدهرة.
وأشاد كذلك بالبعد الإنساني في السياسة الخارجية للمملكة من خلال مجموعة من المبادرات كان آخرها دعم الجهود الإسبانية للتخفيف من وطأة الفيضانات التي شهدها مؤخرا جنوب شرق اسبانيا عبر إرسال اسطول من الشاحنات لتسريع عملية إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، مما يعكس التزام بلادنا القوي بالتضامن الدولي.
وثمن أيضا المواقف النبيلة لصاحب الجلالة، نصره الله، في دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني وبالمبادرات الجريئة والجادة التي ما فتئ يقوم بها المغرب من أجل إحلال سلام عادل وشامل تتعايش فيه شعوب منطقة الشرق الأوسط.
في سياق القضية الوطنية، وتنفذا للتوجيهات الملكية السامية، أكد بنكيران أنه بات لزاما وضع منظومة تنسيق وتواصل دائمة ومتكاملة بين البرلمان بغرفتيه ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي ومع كافة الفاعلين في المجال الدبلوماسي، تكفل توفير المعلومة في حينها والمعطيات والوثائق الضرورية وكل المستجدات المتعلقة بملف الصحراء، إلى جانب وضع استراتيجية استشرافية بأهداف محددة لإنجاح الحضور الدبلوماسي المغربي في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
وزاد قائلا: “نحن جميعا فعاليات سياسية واقتصادية ومدنية وهيئات منتخبة بالمزيد من التعبئة واليقظة المستمرة لتعزيز الموقف المغربي عبر أخذ المبادرة والتحلي بالجرأة والحزم والتحصن بالكفاءة في التعامل مع القضية الوطنية والتسويق لعدالتها”.
وأضاف “بعدما أضحت من أهم محددات علاقات المغرب الخارجية والمعار الوحيد الذي تقاس به صداقات المملكة ونجاعة شراكاتها بعيدا عن المواقف الرمادية التي مازالت تتبناها قلة من الدول والكيانات السياسية، على غرار الحكم المنحاز لمحكمة الدل الأوروبية فيما يتعلق بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المملكة والاتحاد الأوروبي”.
وعبّر عن تأييد الفريق للموقف المغربي القاضي بعدم إبرام أي اتفاقيات لا تحترم السيادة الوطنية واتجاهها نحو توسيع دائرة البدائل عبر الانفتاح على أسواق جديدة وازنة وواعدة، وذلك في إطار تنويع شراكاتنا الاستراتيجية بما يعزز مكانة المغرب الدولية .