أبرزت ياسمين لمغور، النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أن المغرب يشهد اليوم تحولا يمس بنيات وهياكل المجتمع ككل، ويحدد مسافة الفوارق بين الفئات الاجتماعية، الفقيرة والميسورة وحجم استفادة كل منها من المقدرات الوطنية، ويضع في صلب هذا التحول الأسرة المغربية كمحور أساس والقاعدة الرئيسية في بناء المجتمع العصري، يحافظ من جهة على القيم النبيلة للمجتمع المغربي من تضامن وتلاحم وتآزر ويوفر شروط الكرامة وجودة الحياة، وذلك بفضل جهود الحكومة لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، بأوراش اجتماعية كبرى.
وأفادت لمغور، خلال إلقائها لمداخلة التجمع الوطني للأحرار، خلال مناقشة مشروع المالية لسنة 2024، أن هذه البرامج الإصلاحية تجعل المغرب ينتقل من وضع اجتماعي مشوب بالحيف إلى وضع آخر ينشد ويبتغي إعادة ترتيب المقتضيات القانونية والمادية وإيديولوجية.
وأبرزت أن الحكومة تساهم اليوم في تأريخ لحظات فارقة وعميقة في تاريخ المغرب المعاصر، بما تحمله من تكثيف لمجهود وطني تحديثي هائل لطالما تطلع إليه المغاربة، بثقة أحيانا وباستبعاد وعدم تصديق أحيانا أخرى، على حد وصفها.
وزادت شارحة، في هذا الإطار: “إننا نعتبر ما تقدمت به الحكومة في مشروع قانون المالية، بالإضافة إلى المنظومة الصحية، هو تحولا مجتمعيا وليس تحولا اجتماعيا. ومن المؤكد أنه بعد سنوات من الآن، سيتبين لنا حجم هذا التغير المجتمعي”.
وأكدت أن المرحلة يطبعها إجماع حول حجم الاستجابة لمتطلبات البعد الاجتماعي في حياة المغاربة، “فرغم الحضور المتتالي للإجراءات الاجتماعية لدى مختلف الحكومات المتعاقبة، لم تجتمع الشروط قبل اليوم للحديث بثقة عن عدالة اجتماعية حقيقية، وعن دولة اجتماعية بأسس واضحة وإجراءات مرقمة، ومستفيدين لا يخضعون لقاعدة الانتماء لفئة المحظوظين، بل إن المحظوظين اليوم هم كافة المغاربة بدون استثناء”، حسب تعبير لمغور.
وسجلت أن حزب التجمع الوطني للأحرار لا يبني الاستشراف على هذه التحولات المجتمعية فقط على الدعم المالي الموجه للأسر، بل إن “هناك جوانب أخرى لا تقل أهمية عن الدعم المالي، وعلى رأسها عدد من الإصلاحات ذات التأثير البنيوي، وفي مقدمتها الحقوق والحريات التي خرجت من رحم الانتقال الديمقراطي بإرادة ورعاية ملكية سامية، تعززت وترسخت في دستور 2011، حيث كان من اللازم أولا أن نحدد الإطار الدستوري والقيمي والقانوني لهذا التحول المجتمعي، لتتمكن هذه الحكومة في الانكباب بكل مسؤولية وجرأة على إصلاح منظومة التعليم والصحة والتشغيل والسكن وتدبير المجال”، تضيف لمغور.
وأكدت أن الإنجازات الاجتماعية لهذه الحكومة تعتبر قياسية على المستوى الكمي، ونوعية على المستوى الكيفي بالنظر لعمرها الذي لم بتجاوز سنتين، رغم التحديات بسبب مخلفات كورونا وموجة الجفاف الحاد والحرب الأوكرانية التي أثرت على سلاسل الإنتاج والتوريد وأسعار النقل وادت إلى انفجار التضخم وارتفاع الأسعار عالميا وداخليا.
وعلى الرغم من تبعات الأزمة، أشارت لمغور إلى أن الحكومة بقيت صامدة في وجه التقلبات، وحافظت على الإصلاحات المبرمجة مع ابتداع الإجراءات المناسبة والمستعجلة لمواجهة المستجدات.
وتابعت، في هذا الصدد: “من العادي جدا أن تغير الحكومة من أولوياتها في حالة الأزمات الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية، وتعلق شماعة التأخير أو التغيير أو الإلغاء على الأزمة. لكن ما يسجل لهذه الحكومة أنها واجهت الأزمة بكل جرأة، وابتدعت آليات إضافية دون المساس بالتوازنات الماكرو اقتصادية ودون التخلي عن برنامجها الحكومي، بل أكثر من ذلك، فهي منخرطة في إعداد مغرب 2030 مغرب كأس العالم”.
في هذا الصدد، سردت لمغور أهم الإجراءات التي اطلعت بها الحكومة لمواجهة الأزمة، كرصد ميزانية لحماية القدرة الشرائية للمواطن، والتي بلغت 45 مليار درهم سنة 2022، و26 مليار درهم سنة 2023.
كما تطرقت لمغور إلى برنامج الحكومة الاستثنائي لدعم الأسر ذات الأنشطة الفلاحية ب20 مليار درهم، ودعم مهنيي النقل بميزانية 6 مليار درهم، وتخصيص 5 ملايير درهم للحفاظ على تسعيرة الكهرباء، وتخفيف القيود الجمركية والضريبية ووقف رسوم الاستيراد على الحاجيات الاستهلاكية كالقمح اللين واللحوم والحليب والقطاني والزيوت، وتخصيص 22 مليار لدعم قنينة غاز البوتان و10 مليار لدعم الدقيق و5 ملايير لدعم السكر، مع تخصيص 105 ملايير لدعم ناشري الكتب المدرسية، وتوسيع حجم الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة برسم قانون المالية ل2024.
ومن بين الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة سنة 2024، تذكر النائبة البرلمانية الإعفاء عن المنتجات الصيدلية، والإعفاء عن اللوازم المدرسية، وعن الزبدة من أصل حيواني، فضلا عن تصفية متأخرات الترقية والحوار الاجتماعي، والإعفاء عن الماء والكهرباء والنقل الحضري.
كما استعرضت لمغور في هذا الصدد، أيضا، تصفية متأخرات ترقية الموظفين التي تأخرت لسنوات، حيث خصصت لها الحكومة 5 مليار درهم، بالإضافة إلى ترقية أطر رجال الصحة بتغيير الشبكة الاستدلالية 509. تطرقت لمغور مذلك إلى الزيادة في معاش 650 ألف متقاعد، وتخصيص 14 مليار درهم للحوار الاجتماعي.
على صعيد آخر، سردت لمغور أهم منجزات الحكومة في قطاع التربية والتعليم،
وأبرزت أن الإرادة القوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، والالتزام الصارم للحكومة بتفعيل توجيهاته السامية، وتنزيل برنامجها الانتخابي التعاقدي مع المواطنين بكل شفافية وصدقية، جعل الحياة السياسية تنهل اليوم من قاموس سياسي جديد، من ضمن مفاهيمه الكبرى «الدولة الاجتماعية»، والرعاية والحماية والإنصاف.
“إننا اليوم في أجواء الاحتفال بمرور ما يقارب سبعة عقود على استقلال بلادنا من نير الاستعمار، وهي مسافة زمنية تحققت فيها العديد من المكاسب لصالح مشروع بناء الدولة الحديثة، بوحدتها الترابية، بديمقراطيتها، باستقرارها، باندماجها الدولي القريب والبعيد وبتقدمها السوسيو-اقتصادي المشهود”، تضيف لمغور.
على صعيد آخر، لم يفت لمغور التنويه بالخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، الذي عبر فيهجلالة الملك عن مضامين المرحلة الجديدة في تدبير ملف الوحدة الترابية، والتي تتميز بالانتقال من الاستمرار في الترافع حول الحل النهائي المتمثل في مخطط الحكم الذاتي إلى بسط استراتيجية الاندماج الجيوسياسي والاقتصادي للبلاد ضمن الفضاء الأفرو-أطلسي.
واعتبرت لمغور أن هذا الاندماج “هو الذي ستلعب فيه أقاليمنا الجنوبية دور المركز والمحرك الرئيس، في أفق بناء منطقة رخاء وازدهار أطلسية بمنطق الاستفادة المشتركة ل23 دولة متجاورة، في الوقت الذي يتمسك فيه الخصوم بنفس المقولات الجامدة والمتجاوزة”، حسب قولها.
كما اعتبرت أن الخطاب الملكي السامي دعوة إلى قادة العالم بالاشتغال على تحويل فضاءات التوتر والنزاعات والحروب إلى فضاءات جيوسياسية مستقرة وآمنة، تستوعب التعايش والتكامل والتسامح.
من جهة أخرى، اغتنمت لمغور الفرصة، أثناء مداخلتها، لشجب الأفعال الإرهابية الجبانة التي استهدفت مدينة السمارة، كما حيت، في الوقت ذاته، الدور البطولي الذي قامت به القوات المسلحة الملكية بقيادة القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في الدفاع عن حوزة الوطن، وعن سيادته على كل حبة رمل من ترابه.
وتفاعلا مع مستجدات القضية الفلسطينية، شجبت النائبة البرلمانية العمليات الإرهابية التي يتعرض إليها الفلسطينيون من عدوان سافر على مدنيين عزل، أمام صمت المجتمع الدولي وتجاهل هذه الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان مدينة غزة، وتمادي إسرائيل في عدوانها غير المبرر،داعية الفلسطينيين لتوحيد الصف لمواجهة هذه الكارثة، وتكثيف الجهود لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.