أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أن التمكين الاقتصادي للنساء يشكل أهم المداخل الأساسية لإرساء مبدأ المساواة بين الجنسين، حيث يعتبر تحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للمرأة أولوية حكومية خلال هذه الولاية.
في هذا الصدد، أبرز أخنوش في كلمته خلال الجلسة الشهرية حول السياسات العامة بمجلس النواب، في موضوع “تمكين المرأة المغربية ورهانات التنمية “، أنه على الرغم من المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية خلال العشرين سنة الأخيرة، لم تتمكن بلادنا من تحسين المؤشرات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة.
وأضاف: “أمام هذه الوضعية، واقتناعا منا بأن التمكين الاقتصادي للمرأة رافعة أساسية لتحقيق التنمية المنشودة، أطلقت الحكومة عددا من الخطط والبرامج، من بينها ” برنامج التمكين والريادة للمرأة ” في إطار الخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026، الذي حدد إجراءات عملية للرفع من نسبة نشاطها في أفق سنة 2026، والتي ستتم برمجتها الميزانياتية برسم سنة 2024. “
وتابع أن الحكومة أطلقت برنامج “جسر” للتمكين والريادة، والذي يشكل لبنة أساسية ضمن استراتيجية “جسر” الهادفة إلى تسهيل ولوج المرأة إلى سوق الشغل وتطوير قدراتها المقاولاتية وتعزيز مهاراتها في خلق المقاولة، وذلك في إطار تنزيل البرنامج الحكومي 2021 _ 2026، مما سيساهم في بناء” الدولة الاجتماعية”، وتحقيق “مغرب التقدم والكرامة”، ويعزز المساهمة والرفع من نسبة نشاط المرأة .
ويستهدف هذا البرنامج، وفق أخنوش، تكوين ومواكبة أزيد من 36.000 امرأة على الصعيد الوطني، وتحسين خبراتهن ومهاراتهن في مجال المقاولة، وتقوية فرص عملهم وتسهيل وصولهم إلى السوق والتمويل، وذلك بتكلفة إجمالية تقدر ب 322 مليون درهم.
وأوضح أنه إلى حدود شهر يونيو المنصرم، تم استقبال أزيد من 38.000 طلب، بعد إطلاق الحكومة بتنسيق مع مختلف الشركاء المنصات الرقمية الخاصة بجهات الدار البيضاء سطات، وفاس مكناس، وكلميم واد نون، والشرق، وطنجة تطوان الحسيمة، وسوس ماسة، وبني ملال خنيفرة، ودرعة تافيلالت، والداخلة وادي الذهب .
وأشار إلى أن الحكومة ستعمل على تطوير الظروف المواكبة الكفيلة بتعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال إرساء مجموعة من الرافعات الأساسية من بينها تعميم الحضانات ورياض الأطفال، وتطوير الولوج إلى وسائل نقل آمنة وغير مكلفة، وتحسين ظروف الاشتغال داخل مقرات العمل، ثم تطوير الإدماج المالي عبر إرساء الرقمنة ومساهمة الجماعات في تمويل المشاريع.
من جهة أخرى، أكد أخنوش أن الحكومة عملت على تشجيع النساء في مجال الاستثمار من خلال المنح المشتركة، التي ينص عليها “ميثاق الاستثمار الجديد”، التي ترتكز على مقاربة النوع، من خلال تقديم منحة إضافية تحفيزية إذا كانت نسبة النوع حاضرة في بنية التشغيل الخاصة بالمشروع، وذلك بهدف تعزيز اندماج المرأة بشكل أكبر.
وفي إطار الانشغال الحكومي بتشجيع الإدماج الاقتصادي للنساء ببرامج مبتكرة ومحفزة والتي تتميز ببعد ترابي يشمل كافة مناطق المملكة، قال ر إنه تم إطلاق برنامج “فرصة” لمواكبة وتمويل حاملي المشاريع بما فيهم النساء، وهو ما ساهم في تعزيز المبادرة الفردية، حيث بلغ عدد المستفيدات من هذا البرنامج 20 % من إجمالي المستفيدين سنة 2022، في أفق الرفع من هذه النسبة خلال نسخة 2023.
وفي سياق الرؤية الحكومية لقضية التشغيل، أكد أخنوش أن الحكومة عملت على تعزيز إدماج النساء في سوق الشغل من خلال برنامج “أوراش”، لمواكبة المقصيين من سوق الشغل وتيسير إدماجهم الاقتصادي، حيث تم تحقيق نتائج جد إيجابية خلال سنة 2022 بعد استفادة أزيد من 103.599 شخص، 30 % منهم نساء، تنتمي غالبيتهن للوسط القروي، مشيرا إلى أن الحكومة عبأت 2.25 مليار درهم في قانون المالية، مما سيساهم في تعزيز الإدماج الاقتصادي للنساء ضمن برنامج “أوراش” في مرحلته الثانية، وتعزيز حظوظهن في الإدماج المهني على الصعيد الترابي.
وتنضاف هذه البرامج للمجهود المهم المبذول لتكريس مقاربة النوع، يضيف أخنوش، ضمن مختلف الاستراتيجيات القطاعية، ولا سيما في القطاع الصناعي الذي تعتبر 43% من شغيلته نساء. وقد سمح مخطط التسريع الصناعي بتدارك الفوارق في القطاع، حيث تمكن من إدماج النساء في أزيد من 50% من المناصب المحدثة ما بين 2014 و2020.
وأشار إلى أن استراتيجية الجيل الأخضر، يعمل على الرفع من أعداد فرص الشغل النسائية في القطاع الفلاحي، لا سيما بعد فقدان عدد من المناصب خلال جائحة كوفيد-19، وتعمل الاستراتيجية خصوصا على تقوية حضور المرأة في قطاع المنتجات التضامنية من خلال تعزيز وجودها في البنيات الإنتاجية وعلى الخصوص، التعاونيات الفلاحية.
كما تولي الحكومة، حسب أخنوش، أهمية بالغة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، كدعامة ثالثة للتنمية إلى جانب القطاع الخاص والقطاع العام، حيث من المتوقع أن يساهم هذا القطاع مستقبلا بنسبة 8 % في الناتج الداخلي الوطني عوض 2 % حاليا، وفي خلق 50 ألف منصب شغل جديد سنويا، والذي تشكل فيه التعاونيات المكون الرئيسي ضمن هذه الاستراتيجية الوطنية، مضيفا أن ذلك سيتم وفق مقاربة شمولية تروم دعم النساء المقاولات وضمان الاستدامة الاقتصادية للتعاونيات النسائية المستفيدة عبر تكوين وتدريب المتعاونين على تقنيات التدبير والإدارة، إضافة إلى أولوية الورش الهيكلي والتنظيمي الهادف لرقمنة إجراءات التدبير الإداري للتعاونيات من أجل تبسيط المساطر وتحسين مواكبة القطاع .
إثر ذلك، شدّد رئيس الحكومة على أن ما تم تحقيقه في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة كان محط إشادة دولية واسعة، فقد حققت بلادنا المرتبة الثانية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط MENA بحصولها على 75.6 نقطة من أصل 100 حسب التقرير الصادر عن البنك الدولي المتعلق بالمرأة وأنشطة الأعمال والقانون سنة 2023، والذي يعد مرجعا معتمدا في رصد الجهود التي تقوم بها الحكومات فيما يتعلق بوضعية القوانين والتشريعات الرامية إلى التمكين الاقتصادي للمرأة وحماية حقوقها .
وتابع: “وهو اعتراف صريح بجدية الإجراءات والتدابير التي اعتمدتها الحكومة من خلال مجموعة من السياسات والبرامج الهادفة إلى معالجة جملة من الاختلالات والصعوبات التي كانت تحد من مساهمة المرأة في سوق الشغل وتمكينها من المناصب الإدارية والقيادية.”
وخلص في هذا الصدد، إلى أن الحكومة ستواصل بكل عزيمة وإصرار سعيها نحو التمكين الاقتصادي للمرأة الذي من شأنه ليس فقط الرفع من نسب النمو، بل كذلك القضاء على كل مظاهر التمييز والعمل على تحرير الطاقات النسائية التي تزخر بها بلادنا والتي تعتبر مدعاة فخر لجميع المغاربة.