انطلقت اليوم الجمعة بجهة الدار البيضاء- سطات، أشغال المنتدى الوطني الأول للمجتمع المدني، حول “التشغيل الجمعوي” باعتباره إحدى الدعامات الأساسية لتطوير العمل الجمعوي بالمغرب.
ويندرج هذا المنتدى في إطار سلسلة من المنتديات الوطنية التي ستنظمها الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان بمختلف جهات المملكة، إسهاما منها بمعية باقي الشركاء في تنزيل مضامين وفلسفة استراتيجيتها الجديدة “نسيج” (2022-2026)، وذلك من خلال فتح باب النقاش حول مجموعة من المواضيع المتنوعة ذات الصلة بانشغالات وتطلعات الجمعيات ومختلف مكونات المجتمع المدني.
وفي الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، المنظم في نسخته الأولى على مدى يومين بالعاصمة الاقتصادية، استعرض مصطفى بايتاس الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والناطق الرسمي باسم الحكومة، أهم المحاور والخطوط العريضة التي ترتكز عليها هذه الاستراتيجية، والتي تروم أساسا مواكبة المجتمع المدني لمساعدته على الاضطلاع بأدواره التطوعية والطلائعية على أكمل وجه وذلك خدمة للتنمية ولجملة من القضايا الوطنية.
من جانب آخر، أبرز بايتاس في تصريح للصحافة، أن الفاعل العمومي مطالب اليوم بالتدخل عبر سياسات عمومية واضحة للرفع من قدرات المجتمع المدني ودعمه ومواكبته، مشيرا إلى أن اختيار موضوع “التشغيل الجمعوي”بمحطة جهة الدار البيضاء-سطات نابع من راهنيته، وكذا من مدى أهمية مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي العام وفرص الشغل المحققة على مستوى الدول الرائدة في هذا المجال.
وأوضح في هذا الصدد أن هذا المنتدى الوطني يأتي للوقوف على مختلف العراقيل والمعيقات على المستوى القانوني والمؤسساتي، والبحث عن الحلول والمقترحات التي من شأنها النهوض بالتشغيل الجمعوي.
من جهته، اعتبر وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن استراتيجية “نسيج” التي اعتمدتها الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان تعد استراتيجية طموحة ومهيكلة للعمل الجمعوي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في إنجاح أي مشروع كان، مؤكدا ضرورة التحلي بمبادئ الصدق والقناعة والثقة كعناصر أساسية بين الأفراد والمؤسسات.
وأعرب عن قناعته بأن المغرب قادر على تحقيق نتائج إيجابية في مجال الاقتصاد الاجتماعي التضامني، مشيرا في هذا الصدد ، إلى أن وزارته عازمة على موصلة دعمها ومواكبتها لمختلف المبادرات المثمرة والبناءة في مجال التشغيل الجمعوي القوي والمنظم.
وأبرز أنه من خلال الإمكانيات المتاحة اليوم يمكن خلق 200 ألف فرصة عمل في قطاع التشغيل الجمعوي، مؤكدا على الدور الهام الذي يمكن أن يقدمه المنتدى من خلال التفكير في كيفية تثمين وتقنين هذا القطاع الحيوي.
من جانبها، نوهت عواطف حيار وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بأشغال هذا المنتدى الذي شكل فرصة لبسط تصور الوزارة وتسليط الضوء على العمل الذي تقوم به، تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تولي أهمية بالغة لدور المجتمع المدني، وتماشيا مع مخرجات النموذج التنموي الجديد فضلا عن البرنامج الحكومي حول الدولة الاجتماعية التي لا يمكن لها أن تقوم بدون المجتمع المدني كمكون أساسي.
وأوضحت في تصريح مماثل، أن الوزارة عملت على إخراج الإطار القانوني (45- 18) للعامل الاجتماعي، كأحد أوجه العمل الجمعوي الواسع النطاق.
وأكدت انخراط الوزارة في هذا المشروع الوطني في إطار الالتقائية الحكومية من أجل التعاون للدفع بالمجتمع المدني لكونه خزانا مهما للتشغيل في بلادنا.
من جهة أخرى، شددت مختلف التدخلات خلال الجلسة الافتتاحية على الأهمية التي يكتسيها النسيج الجمعوي في المجتمعات والدول المتقدمة إلى جانب مساهمته في امتصاص البطالة، معتبرين أن هذا القطاع لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب بالمغرب بالرغم من كون عدد الجمعيات يقدر بنحو 240 ألف جمعية.
ودعا المتدخلون إلى ضرورة تكثيف الجهود من أجل دعم ومواكبة مختلف المشاريع الجمعوية ذات الاستمرارية وذلك بناء على عنصر الثقة المتبادلة في التدبير والأهداف.
كما أكدوا أن هذه المشاريع يجب أن تمر عبر القنوات القانونية والمساهمة بقوة في خلق القيمة المضافة والمزيد من فرص الشغل على الصعيد الوطني، بما في ذلك جهة الدار البيضاء- سطات التي تتوفر حاليا على أزيد من 100 ألف جمعية والتي تراهن مستقبلا على خلق مناطق للجمعيات النشيطة على غرار ما هو معمول به بالنسبة للمناطق الصناعية.
يشار إلى أن أشغال هذا المنتدى، المقام وفقا لمقاربة تشاركية بين القطاعات الحكومية وفعاليات مدنية من جمعيات وائتلافات المجتمع المدني، تضمن عرض شريط مؤسساتي حول التشغيل الجمعوي، وكذا توقيع الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان لثلاث اتفاقيات شراكة أولها مع وزارة الصناعة والتجارة والمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، والثانية مع صندوق الإيداع والتدبير، والثالثة مع المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل.
كما تم أيضا تنظيم أربع ورشات انصبت مواضيعها أساسا حول “أهمية التأطير القانوني والتنظيمي لتشجيع التشغيل المجتمعي” و”الإطار المرجعي لمهن وكفاءات العمل الجمعوي رافعة لمؤسسة التشغيل الجمعوي” و”تعزيز الشراكة مع الجمعيات سبيل لإرساء التشغيل الجمعوي وضمان استدامته”، و”تعزيز وتقوية قدرات الجمعيات سبيل للمساهمة في النهوض بالتشغيل الجمعوي”.
ويذكر أن هذا المنتدى عرف أيضا تنظيم فضاءين، خصص أحدهما للحوار والتشاور وتوسيع دائرة النقاش حول المواضيع والمجالات الأساسية الكفيلة بتطوير التشغيل الجمعوي بالمغرب. فيما شكل الفضاء الثاني، الذي يعتبر سابقة في التظاهرات الخاصة بجمعيات المجتمع المدني، فضاء للقاء والتواصل المباشرين وتقليص الفجوة المعلوماتية بين جمعيات المجتمع المدني وجميع الفاعلين المؤسساتيين وطنيا ودوليا الداعمين لبرامج الجمعيات.