شارك فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، في لقاء دراسي حول موضوع “إصلاح المنظومة الصحية ورهان بناء الدولة الاجتماعية”، من تنظيم فرق الأغلبية بالمجلس، بحضور كل من الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، ووزير الميزانية، فوزي القجع، إضافة إلى رؤساء فرق الأغلبية البرلمانية بالغرفة الثانية، وفاعلين بمنظمات وجمعيات المجتمع المدني المتخصصة في المجال الصحي، من ضمنهم عثمان الهرموشي، نائب رئيسة منظمة مهنيي الصحة التجمعيين.
وفي كلمته الافتتاحية خلال اللقاء، يعتبر محمد البكوري، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أن هذا اليوم الدراسي تاريخي، بحكم “الثورة الحقيقية التي أبدعتها هذه الحكومة في إقرار وتدبير المنظومة الصحية الوطنية، حيث عملت على إعادة بنائها من جديد من خلال توفير التمويلات الضرورية، وكذا إعداد ترسانة قانونية جديدة تستجيب لمتطلبات المرحلة”، حسب تعبيره.
وأضاف البكوري أن هذا الإصلاح الجوهري في المنظومة الثحية يأتي في وقت أصبح فيه المغاربة غير راضون تماما عن أداء المرفق الصحي بكل مكوناته، وهءا ما جعل جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، يتدخل بحزم ليعطي تعليماته الصارمة للحكومة والبرلمان من أجل السهر والإسراع في إصلاح المنظومة الصحية الوطنية، وفق قوله.
وفي هذا الإطار، أبرز البكوري أن هذا اليوم الدراسي يأتي من أجل تعميم النقاش في هذه المشاريع، والخروج بتوصيات تساعد على تنزيل هذه المقتضيات تنزيلا سليما، يلمس أثره المواطن من خلال إرجاع الثقة في المرفق الصحي، كما أفاد أنه فرصة أيضا للوقوف عند المستجدات التي جاءت بها القوانين الثلاث المرتبطة بالهيئة العليا للصحة ووكالة الدم والأدوية والتي يتم مناقشتها داخل مجلس النواب.
وأكد أن هذه القوانين المتعلقين بالوظيفة الصحية، والمجموعات الصحية الترابية، “ناقشناهما بإسهام كبير داخل اللجنة المختصة قبل أن يتم التصويت عليهما بعد جلسة الأسئلة الشفوية، مبرزا أنه تم اللقاء مع بجزء كبير من المهنيين ومختلف الفاعلين في القطاع، من أجل تجويدهما.
وأبرز أن الحكومة، في شخص وزير الصحة، كانت إيجابية ومنفتحة في التعاطي مع المقترحات التي قدمها المستشارون، بعدما قام الوزير بتوضيح بعض الأمور التي كانت لهم فيها لبس ولتعميق النقاش أكثر.
وفي مداخلاتهم خلال اللقاء، أجمع فرق الأغلبية على أن النهوض بالقطاع الصحي، والعمل على تطويره، والرفع من أدائه، يعتبر مسؤولية مشتركة، مبرزين أنه أصبح الإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية ضرورة ملحة وأولوية وطنية ضمن أولويات السياسة العامة للدولة، الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري، والاعتناء بصحة المواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح التموذج التنموي المنشود.
في هذا الإطار، استحضرت فرق الأغلبية إعطاء جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في الخطاب السامي الذي وجهه إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة، توجيهاته السامية إلى الحكومة لاستكمال المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية التي تحظى برعاية جلالته، معتبرا أن التحدي الرئيس يبقى هو “القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص”.
وأفادت أن القانون الإطار الذي تمت المصادقة عليه، يروم وضع إطار قانوني للأهداف الأساسية لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وإعادة هيكلتها وفق مقاربة تشاركية، قوامها الانخراط الجماعي والمسؤول للدولة وسائر الفاعلين المعنيين، وذلك استنادا إلى أحكام الدستور، لا سيما أحكام الفصل 31 منه، الذي ينص بصفة خاصة على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، وعملا بأحكام الفقرة الثانية بالفصل 71 من الدستور.
وتقوم المقاربة التشاركية المذكورة، حسب فرق الأغلبية، على التعبئة والتدبير التشاركي، وعلى الشراكة التضامنية بين مختلف المتدخلين، من أجل إعادة هيكلة المنظومة وفق رؤية استشرافية بعيد المدى، قوامها اعتماد سياسة صحية وقائية ناجعة، وعرض منصف ومتكافئ للعلاجات بمختلف جهات المملكة، بناء على معطيات وتوجهات الخريطة الصحية الوطنية والخرائط الصحية الجهوية المعتمدة، وتفعيل دور مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وإقرار سياسة دوائية عقرانية مواكبة.
ومن أجل توفير الشروط اللازمة لهذا الإصلاح، أبرزت فرق الأغلبية أنه تم إقرار مراجعة شاملة لحكامة المنظومة الصحية بكل مكوناتها، من خلال إعادة الاعتبار للموارد البشرية العاملة في القطاع الصحي، وتحسين أنظمة التكوين الصحي بهذا القطاع، وجلب الكفاءات الطبية العاملة بالخارج، وإحداث منظومة معلوماتية صحية وطنية مندمجة، وإحداث هيئات متخصصة للتدبير والحكامة، علاوة على إحداث مؤسسات عمومية خاصة بالأدوية والمنتجات الصحية، بتوفير الدم ومشتقاته وفق نظام الوكالات.
وأبرزت فرق الأغلبية أنه كان من الضروري القيام بمراجعة شاملة للإطار التشريعي والتنظيمي للمنظومة الصحية، حيث تمت المصادقة على القانون الإطار 22.06 وإصداره في الجريدة الرسمية، مع إيداع خمس مشاريع قوانين بالبرلمان بمجلسيه قصد الدراسة والمصادقة. واعتبرت أن هذه القوانين تمثل الترسانة القانونية العامة لتكريس حكامة مؤسساتية وتدبيرية جديدة، كمدخل أساسي لإصلاح القطاع الصحي.