اعتبر فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين أن مشروع قانون رقم 08.22 بإحداث المجموعات الصحية الترابية ومشروع قانون رقم 09.22 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية، يأتيان في إطار سعي البلاد لكسب رهان ورش الحماية الاجتماعية في شقها المتعلق بالتأمين الصحي الإجباري، والنهوض بالمنظومة الصحية.
في هذا الصدد، أكدت المستشارة البرلمانية، فاطمة الحساني، في تدخل لها باسم الفريق، أن الإصلاح العميق للمنظومة الصحية الوطنية ضرورة ملحة وأولوية وطنية ضمن أولويات السياسات العامة للحكومة، الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري والاعتناء بصحة المواطنين كشرط أساسي وجوهري لنجاح الإصلاح المنشود.
وأشادت الحساني، في هذا الإطار، بالتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مبرزة أنه ما فتئ يوجهها إلى الحكومة، لاستكمال المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية التي تحظى برعايته، مردفة أنها “التوجيهات الداعية إلى تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية، اعتبارا لكون الحق في الصحة يعد حقا دستوريا”، حسب تعبيره.
وإذ أشيد بعمل الحكومة في هذا الإطار، أنوه بأدائكم المتميز، شاكرة لكم عملكم الدؤوب من أجل بلورة هذا التصور الواضح لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية في أفق إعادة هيكلتهى وفق مقاربة تشاركية، ووفق رؤية استشرافية بعيدة المدى، قوامها اعتماد سياسة صحية وقائية ناجعة، وعرض منصف ومتكافئ للعلاجات بمختلف جهات المملكة، بناؤ على معطيات وتوجهات الخريطة الصحية الوطنية للمملكة، والخرائط الجهوية المعتمدة، مع تفعيل دور مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وإقرار سياسة دوائية عقرانية مواكبة من خلال تفعيل القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية الذي تمت المصادقة عليه في هذا المجلس الموقر بالإجماع.
واعتبرت، باسم الفريق، أن مشروع القانون المتعلق بإحداث المجموعات الصحية الترابية، كما صادق عليه المجلس الحكومي فاتح دجنبر 2022، مشروع ثوري، يسعى بكل جرأة إلى تجاوز مختلف الإكراهات والمعيقات التي تشوب حاليا عرض العلاجات، وسيعمل على تنزيل دعامات إصلاح المنظومة الصحية الوطنية في شقها المتعلق بالحكامة، كما يسعى إلى معالجة كل أوجه القصور التي تحول دون تحقيق النتائج المرجوة، بعدما وضع الأصبع عليها، ولا سيما اختلال عرض العلاجات على المستوى الترابي، وضعف الخدمات الصحية المقدمة، ونقص التاطيرفي مهنيي الصحة بسبب انعدام التعاضد في الموارد البشرية بين المؤسسات.
وأكدت المستشارة البرلمانية على أن هذا المشروع، الذي حدد المهام المنوطة بهذه المجموعات الصحية الترابية داخل مجالها الترابي، والذي يروم تنفيذ سياسة الدولة في مجال الصحة، جاء لكي يقسم المهام المنوطة بكل مجموعة حسب ستة مجالات أساسية، والتي تتجلى في مجال عرض العلاجات، مجال الصحة العامة، مجال التكوين، مجال البحث والخبرة والابتكار، والمجال الإداري.
كما أبرزت الحساني أن الحكومة نجحت في إحداث ثورة كبرى في قطاع الصحة، وفي تقديم الترسانة القانونيو المتعلق بورش إصلاح المنظومة الصحية كاملة إلى المسار التشريعي، بدءا بمشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية الذي تمت المصادقة عليه بمجلسي البرلمان بالإجماع، مرورا بمشاريع القوانين التنفيذية الخمسة المتعلقة بالمجموعات الصحية الترابية، والوظيفة الصحية، والهيئة العليا للصحة والتي توجد قيد الدرس داخل هذا للمجلس الموقر، في انتظار إحالة مشاريع القوانين الخاصة بالوكالة الوطنية للأدوية والننتجات الصحية، والوكالة الوطنية للدم، والهيأة العليا للصحة المحالية بالأسبقية على مجلس النواب.
أما بالنسبة لمشروع قانون رقم 09.22، المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية، واعتبرت أنه يشكل قفزة نوعية في مجال الوظيفة الصحية، بشكل يزاوج بين الاهتمام بالموارد البشرية وتحقيق النجاعة والفعالية في الأداء المطلوبين بالوظيفة الصحية، حيث أقر نظاما جديدا للتشغيل بموجب عقود يؤدي إلى ترسيم المتعاقد، وذلك علاوة على التوظيف النظامي، بناء على الحاجيات الحقيقية للمجموعة للصحية الترابية من الموارد البشرية كما يمكن من اللجوء إلى التشغيل بموجب عقود لمدة محددة قابلة للتجديد عن طريق فتح باب الترشيح، ويمكن أن يؤدي إلى ترسيم المتعاقد.
ويوفر المشروع كذلك، تضيف الحساني، ضمانات الحماية القانونية للموظفين، مما سيشكل بلا شك نوعا من الارتياح لدى هذه الشريحة المهنية التي ظلت تعاني الأمرين، وكانت تجد نفسها بين المطرقة والسندان في ظروف لا مهنية، كما ستمكن هذه الآليات من استدراك الخصاص الذي يعرفه القطاع من حيث الموارد البشرية.
وفي سياق آخر، أبرزت أن هذا المشروع يشمل أساليب تحفيزية ستحقق بلا شك عاملا مهما لتطوير أداء موظفي قطاع الصحة، حيث سيتيح استفادة مهنيي الصحة من أجرة تتكون من جزء ثابت يشمل على المرتب والتعويضات المخولة لهم بموجب الأنظمة الأساسية الخاصة المطبقة عليهم، وجزء متغير يحدد وفق المبالغ والشروط والكيفيات المحددة بنص تنظيمي، على أساس الأعمال المهنية المنجزة، كما يضمن لهم التمتع بعدة جقوق بما فيها حرية التعبير.
“ومن دون شك فإن الانخراط القوي للمؤسسة التشريعية عبر التسريع للمصادقة على القانون الإطار وكذا المراجعة والمصادقة على النصوص التشريعية المتعلقة بالحماية الاجتماعية وبالمنظومة الصحية الوطنية ومن ضمنها هاذين المشروعين يظل أمرا مهما حتى يتم تنزيل هذا الإصلاح المجتمعي غير المسبوق كما يتعين أيضا على الجماعات الترابية والقطاع الخاص ومختلف الهيئات المهنية كل في مجال تخصصه، الاسهان في تحقيق هذه الأهداف وتقديم مختلف أشكال الدعم”، تضيف الحساني.
وفي مقابل ذلك، أكدت الحساني على وجود خصاص كبير في الموارد البشرية الصحية، ما يطرح إشكالا كبيرا يتطلب تسهيل الولوج لمسالك التكوين الخاصة بمهن الصحة، علاوة على فتح الباب أمام بعض مهنيي الصحة الأجانب، مع الحفاظ على الموارد البشرية الوطنية، وهو ما يستعجل الجميع للمصادقة بالإيجاب على هاذين المشروعين.
وتختم الحساني تدخلها بالتعبير عن موافقة الفريق على القانون. بالقول: “بحكم انتمائنا إلى الأغلبية وبالنظر إلى أهمية هاذين المشروعين وحمولتهم، سنصوت عليهما بالإيجاب وسنبقى منفتحين على كل اقتراح ترونه مناسبا لتجويدهما”.