جرى، مساء أمس الخميس بالرباط، تسليم جائزة المجتمع المدني في دورتها الرابعة برسم سنة 2022، لخمس جمعيات وأربع شخصيات من المجتمع المدني، وذلك تثمينا للمبادرات الإبداعية لجمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والشخصيات المدنية التي قدمت خدمات متميزة للمجتمع.
وقد جاء ذلك خلال حفل ترأسه الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، وتميز، لأول مرة، بدعوة وفد موريتاني يقوده مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد الشيخ أحمدو ولد احمد سالم ولد سيدي. وهكذا، ففي صنف الجمعيات والمنظمات المحلية، فازت بالجائزة الأولى جمعية “مؤسسة دار سي حماد” بسيدي إفني، عن مبادرة “حصد الضباب بأعالي جبال آيت باعمران”، وتهدف إلى تطوير وسائل نوعية ومبتكرة للتكيف مع تغير المناخ خاصة إستغلال الضباب لتقليص آثار الجفاف وندرة المياه، في حين عادت الجائزة الثانية لجمعية “اغيل” لتنمية الساكنة الجبلية بقلعة مكونة إقليم تنغير، عن مبادرة “التطبيق الخرائطي Hadr Map “، وهي آلية لليقظة وتتبع التوزيع المجالي لأسباب الهدر المدرسي بإقليم تنغير.
وفي صنف الجمعيات والمنظمات الوطنية، فازت بالجائزة الأولى، جمعية بصمة عطاء – طنجة عن مبادرة “بغيناهوم يقراو” والتي تهدف إلى تحسين جودة التعليم عن طريق تقديم دروس الدعم والتقوية، فيما كانت الجائزة الثانية مناصفة، بين جمعية ثسغناس للثقافة والتنمية – الناظور عن مبادرة “سمعلي” للمساهمة في خلق بيئة ملائمة لتنشيط وتعزيز المشاركة المواطنة للشباب بجهة الشرق”، و جمعية أطلس ازاوان عن مبادرة “أنطولوجيا الروايس”، من مدينة أكادير.
أما في صنف الشخصيات المدنية، فعادت الجائزة الأولى للسيد محمد الحبيب يلكوش، عن مبادرة “الوقاية من التعذيب وبناء ثقافة حقوق الانسان”، وفاز بالجائزة الثانية مناصفة، السيدة زعيمة بلكامل، بخصوص “المساهمة في الحد من الهدر الجامعي”، وكذا السيد عبد اللطيف غازي حول مبادرة “ترميز المتاحف لتسهيل ولوج المكفوفين إليها “، و السيد يدير اكيندي الذي شارك بمبادرة “تعزيز الادماج والحقوق في العمل للأشخاص في وضعية إعاقة”.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد السيد بايتاس على المكانة المحورية لجمعيات المجتمع المدني بالاعتراف الدستوري الذي بوأها شريكة للسلطات العمومية والمؤسسات المنتخبة في إعداد السياسات العمومية وطنيا وبرامج التنمية محليا، مبرزا انه فضلا عن ذلك لا تخلو المؤسسات والهيئات الدستورية الوطنية من تمثيلية جمعيات المجتمع المدني ضمن تركيبة مجالسها.
كما قدم الوزير، في هذا السياق، الاستراتيجية في مجال المجتمع المدني التي أعدتها الوزارة والتي تروم النهوض بأدوار جمعيات المجتمع المدني، وجعلها شريكا أساسيا لازما في المسار التنموي الشامل والمستدام بالمغرب، أطلق علها اسم “نسيج “، لتشكل خريطة طريق تحمل في طياتها رؤية طموحة تم الحرص، في إعدادها وبلورة محاورها، على اعتماد مقاربة تشاركية موسعة ضمت جميع الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين المعنيين.
وأشار إلى أنه سيتم العمل على تنزيل الاستراتيجية وفق خمسة خيارات استراتيجية، وهي إعداد وتنسيق السياسة العمومية في مجال النهوض بجمعيات المجتمع المدني؛ والتطوير التنظيمي والهيكلي لجمعيات المجتمع المدني لجعلها شريكا أساسيا في التنمية؛ وتعزيز الشراكة بين الدولة وجمعيات المجتمع المدني من خلال ترشيد التمويل العمومي وتنويع الدعم الموجه لها؛ وتسريع استكمال وتأهيل البيئة القانونية والضريبية المتعلقة بجمعيات المجتمع المدني؛ وتشجيع الرقمنة كرافعة أساسية لتعزيز قدرات جمعيات المجتمع المدني.
وأضاف أن هذه الخيارات الاستراتيجية الخمسة شكلت أرضية صياغة المحورين الأساسيين للاستراتيجية، حيث يهدف المحور الأول إلى الإسهام في دعم مجتمع مدني مستقل ومهيكل ومنظم وقوي، في حين يسعى الثاني إلى تعزيز مشاركة جمعيات المجتمع المدني في التنمية بشكل فعال ومؤثر.
وبالإضافة إلى المحورين الأساسيين سالفي الذكر، أكد الوزير على أن الاستراتيجية ضمت كذلك محورا أفقيا داعما استهدف البيئة القانونية والضريبية للجمعيات، وتنسيق العمل الحكومي في مجال النهوض بالمجتمع المدني، والنهوض بالمشاركة المواطنة عبر تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية المكملة للديمقراطية التمثيلية، وضمان إنتاج وتعزيز وتثمين المعطيات المتعلقة بالنسيج الجمعوي الوطني، مشيرا إلى أن هذه المحاور الثلاثة جمعت برامج ومشاريع يطبعها التكامل والانسجام الضروريان لتحقيق النجاعة والفعالية والأثر، وصولا إلى النهوض بجمعيات المجتمع المدني لتضطلع بأدوارها الدستورية كاملة.
ومن جانبها، دعت رئيسة لجنة تحكيم الدورة الرابعة، السيدة رقية أشمال، إلى تقوية الدبلوماسية التشاركية، وإلى تطوير وتجويد البيئة القانونية للجمعيات بغية الارتقاء بها إلى المسؤولية الفعلية، والادوار الدستورية المناطة بها للمساهمة في السياسات العمومية والبرامج التنموية الترابية الوطنية.
وأشادت بالحكومة في اعتماد الديمقراطية التشاركية، كوسيلة وأداة للانخراط الفعلي للمواطنين والمواطنات في تنمية البلاد، مشيرة إلى أن أحد أهداف النموذج التنموي الجديد هو “مغرب دامج يوفر الفرص والحماية للجميع ويعزز الرابط الاجتماعي”.
من جهته، قال الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، ضيف شرف هذه الدورة، “إننا نثمن عاليا مسار التعاون الذي تم رسمه في ميدان المجتمع المدني بين الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان ومفوضية العمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني في موريتانيا” .
وأعرب عن تطلعه بالدفع بهذا التعاون إلى الأمام، خاصة ” التوقيع على مذكرة تفاهم في القريب العاجل “.
وتخلل برنامج تسليم جائزة المجتمع المدني في دورتها الرابعة، توقيع الوزارة لاتفاقية إطار مع مؤسسة كونراد، في مجال تقوية قدرات الجمعيات، وكذا لبروتوكول تعاون في مجال تعزيز أدوار المجتمع المدني مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تجدر الإشارة إلى أن عدد الترشحات خلال هذه الدورة بلغ ما مجموعه 212 ترشحا، 129 منها تهم جمعيات وطنية ومحلية وجمعيات مغاربة العالم، و83 ترشيحا لشخصيات مدنية.
وحضر حفل تسليم الجائزة عدد من الوزراء وممثلو جمعيات المجتمع المدني وشخصيات سياسية وفكرية وفنية وإعلامية.