أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أنه كان من الشجاعة السياسية، أن تدشن الحكومة ولايتها بالتوقيع على اتفاق اجتماعي تاريخي مع المنظمات المهنية للشغل والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية.
وأضاف أخنوش خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول “الحوار الاجتماعي، تكريس لمفهوم العدالة الاجتماعية وآلية لتحقيق التنمية الاقتصادية”، أن هذا الاتفاق شكل مناسبة للحسم في ملفات قطاعية كبرى كالصحة والتعليم للرقي بوضعية الطبقة الشغيلة، ناهيك عن الرفع من الدخل وتحسين الظروف المهنية للأجراء والموظفين، وذلك بفعل إيماننا العميق بكون تطوير منظومة الحوار الاجتماعي هو جزء لا يتجزأ من الإصلاح الشامل للمجالات ذات الأولوية.
وأوضح أن الحكومة باشرت منذ الأشهر الأولى لتنصيبها سلسلة من اللقاءات مع الهيئات النقابية وباقي الشركاء المعنيين في مواضيع نعتبرها ذات وقع مهم على حياة المغاربة، بهدف تأهيل الرأسمال البشري الوطني وتمكينه من مواكبة الإصلاحات العميقة التي تعرفها بلادنا.
ففيما يتعلق بتحسين القدرة الشرائية للأجراء والموظفين، شدد رئيس الحكومة على أنه تم العمل على تسوية ترقيات الموظفين برسم سنة 2020 و2021 المتأخرة بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد، والتي كلفت خزينة الدولة حوالي 8 مليار درهم، فضلا عن الاتفاق بالرفع من الحد الأدنى للأجور بالقطاع العام إلى 3.500 درهم، والزيادة في التعويضات العائلية وحذف السلاليم الدنيا وتوسيع حصيص الترقية، من خلال تعبئة غلاف مالي يناهز 500 مليون درهم.
كما في هذا المستوى أيضا، حسب أخنوش، التوافق مع ممثلي المشغلين على رفع الحد الأدنى للأجور في قطاعات التجارة والصناعة والفلاحة والمهن الحرة، مضيفا أنه لتمكين المتقاعدين من معاش للشيخوخة يحترم كرامتهم، تم تخفيض شروط الاستفادة منه من 3240 إلى 1320 يوما فقط، وتمكين المؤمن لهم البالغين سن التقاعد من استرجاع حصة اشتراكاتهم في حالة عدم استيفاء هذا السقف، مع الرفع من قيمة المعاشات بالقطاع الخاص بنسبة 5%، في حين تتم مواصلة تيسير ظروف عمل النساء عبر تخفيض أعباء الشغل ودعم العاملات المنزليات.
أما بخصوص تنزيل الالتزامات المقررة في الحوارات القطاعية، أوضح أخنوش أن الحكومة دشنت أولى جلساتها مع الهيئات النقابية الأكثر تمثيلية في قطاع التربية والتكوين، بالتأسيس لعمل تشاركي ووضع آلية عمل مشتركة تمكن من إيجاد حلول واقعية لمختلف الملفات العالقة في المنظومة التربوية، والرفع من جودة المدرسة العمومية واسترجاع جاذبيتها وولوجيتها.
وقد تمخض عن هذا الحوار الاجتماعي القطاعي، وفق رئيس الحكومة، توقيع اتفاق بين الوزارة المعنية والنقابات الخمس الأكثر تمثيلية، تضمن على الخصوص الشروع في رد الاعتبار لمهنة التدريس، عبر خلق نظام أساسي موحد لتحفيز كل العاملين بالمنظومة التربوية.
كما توج الحوار القطاعي بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وشركائها الاجتماعيين، يضيف أخنوش، بالتوافق على عدد من النقاط، ترتكز على رفع الحيف عن فئة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية الخاصة بهم لتبدأ بالرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته عوض 336، فضلا عن تمكين هيئة الممرضين وتقنيي الصحة من الاستفادة من الترقية في الرتبة والدرجة والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الأطر الإدارية وتقنيي الصحة. وهو الاتفاق الذي سيكلف ميزانية الدولة ما يزيد عن 2 مليار درهم سنويا.
أما في قطاع التعليم العالي، ومن أجل الارتقاء بجودة ومردودية القطاع، وتثمين مهنة الأستاذ الباحث وضمان ظروف اشتغال ملائمة لفائدته، وكذا استرجاع دور الجامعة المغربية كمشتل للكفاءات، أكد أخنوش أنه تم إقرار حوار اجتماعي جاد ومثمر بين الحكومة من جهة والنقابة الوطنية للتعليم العالي، انصب بالأساس على التنزيل التشاركي للإصلاح البنيوي للقطاع.
وتابع: “لا سيما من خلال تحفيز الأساتذة الباحثين بنظام أساسي جديد يكرس الاستحقاق والكفاءة والعمل على تحسين وضعيتهم المادية بتعبئة غلاف مالي يناهز 1.9 مليار درهم ابتداء من 2023 على مدى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تعزيز آليات الحكامة على مستوى مؤسسات التعليم العالي، إلى جانب تفعيل المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في أفق 2030”.
وفيما يتعلق بالنهوض بالوضعيات المهنية وظروف الشغل وتعزيز الحرية النقابية، شدد أخنوش على أنه تم إقرار مراجعة مجموعة من المقتضيات التشريعية والتنظيمية، بهدف تحقيق شروط الإلتقائية والملاءمة الضرورية لتحولات ومستجدات سوق الشغل الوطني والدولي.
وفي هذا الإطار، زاد اخنوش قائلا: “كما أننا فخورون اليوم بالدينامية المتسارعة للاشتغال في هذا الشأن، حيث عملنا على التنزيل الفوري والوفاء بكل التزامات الجولة الأولى من الاتفاق الاجتماعي، عبر تنزيل النصوص القانونية والمراسيم التطبيقية وفق الجدولة الزمنية المتفق عليها ابتداء من فاتح شتنبر الماضي، والتي تبلغ حصيلتها التشريعية 15 نصا”.
وأشار رئيس الحكومة إلى أنه وبقدر ما ستساهم هذه التحفيزات الجديدة في حل ملفات ظلت عالقة لعقود من الزمن، خاصة في ظل ظرفية عالمية صعبة، فستكون ذات تكلفة إضافية على توازن المالية العمومية، وهو ما يتطلب من أطراف الحوار تضامنا متواصلا ومسؤولا لضمان استدامة هذه الإصلاحات ونجاعتها.
وأكد حرصه الشخصي على تنزيل مختلف النقط الواردة في اتفاق 30 أبريل، مردفا “وقد تمكنا بالفعل من الوفاء بكل التعهدات في هذا الصدد، مكرسين بذلك مناخ الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف.لأننا بالفعل نريد أن نجعل من هذه التجربة الحكومية محطة للإنجازات”.