اتسمت مداخلات الفريق النيابي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أمس الخميس، في اجتماع المناقشة العامة لمشروع قانون المالية للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، (اتسمت) بمقاربة شمولية حول سياق وأبعاد ومقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2023، تخللتها اقتراحات لإغناء مضامينه.
في هذا الصدد، ثمنت زينة إدحلي، النائبة البرلمانية التجمعية، ما جاء به المشروع من إصلاحات هامة وهيكلية، رغم ظرفية الأزمة العالمية، أبرزها ضخ 10,6 مليار درهم، بزيادة 5 مليار درهم مقارنة مع سنة 2022، من أجل تسريع إنجاز المشاريع المبرمجة في البرنامج الوطني الأولي للماء، كبناء السدود وتفعيل مشاريع محطات تحلية مياه البحر.
وشددت في هذا السياق على ضرورة تفعيل تدابير آنية موازية للحد من الظرفية الحرجة التي تعيشها بلادنا حاليا، والتي من شأنها أن تخفف من وطأة الجفاف ونقص التساقطات المطرية والثلجية، خصوصا بالنسبة للعالم القروي والفلاحين الذين يعتمدون أساسا على الفلاحة المعيشية.
كما أشادت إدحلي تشجيع القانون الشباب على الاستثمار، من خلال تحفيز المبادرات الاستثمارية للشباب برصد 1,25 مليار درهم لبرنامج “فرصة”، وتمديد العمل ببرنامج “تحفيز” إلى متم 2026، وهذا شيء إيجابي، حسب تعبيرها.
وعبرت عن دعمها للحكومة التي اتخذت قرار منح دعم مالي مباشر للأسر لاقتناء السكن، بدل المقاربة القائمة على النفقات الضريبية، كما ثمنت مجهوداتها من أجل تحسين وضعية العاملين في القطاع الصحي والتعليمي، من خلال تخصيص 4,6 مليار لقطاع الصحة و6,5 مليار لقطاع التعليم.
كما ثمنت البرلمانية تفاعل الحكومة مع التوجيهات الملكية لتحقيق نقلة نوعية في مجال النهوض بالاستثمار، وتيسير شروط الاستثمار العام والخاص، والرفع من اعتمادات الاستثمار العمومي إلى 300 مليار درهم.
من جهته، قال الحسين أوعلال، النائب البرلماني التجمعي، إن المشروع جاء بمضامين جد مهمة، تسعى الحكومة من خلالها إلى تحقيق تقدم واضح في مختلف المجالات، كتسريع تنزيل المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، مشددا على أن المغرب به طبقة فقيرة، ويجب التعجيل بإخراجه إلى الوجود.
وثمن أوعلال مبادرة الحكومة في إحداث 3 مستشفيات جامعية بجهات بني ملال خنيفرة وكلميم وادنون ودرعة تافيلالت، إلا أنه شدد على ضرورة تعزيز خدمات هذه المستشفيات بمستشفيات أخرى إقليمية ومراكز صحية ومستوصفات القرب، مع تأهيلها وتزويدها بالمعدات الطبية اللازمة والحرص على استجابتها للمعايير الدولية، حتى تكون المنظومة الصحية متكاملة، ويتم تقريب الخدمة الصحية للمواطنين في المناطق النائية.
وشدد على تعزيز جاذبية بعض الجهات فيما يخص الاستثمار، حتى لا يبقى حكرا على المركز فقط، مشيرا إلى ضرورة استفادة جميع المناطق من الاستثمارات، خصوصا منها المغرب العميق، والجنوب الشرقي الذي لم يستفد من الاستثمار منذ فجر الاستقلال.
وأكد أن المشاريع الاستثمارية تخلق فرص الشغل والثورة، لذا “وجب تجهيز البنية التحتية لبعض المناطق حتى تجلب الاستثمارات، وتزويدها بالماء حتى يتمكن المستثمر من إنشاء مشاريعه بها، لأن مشكل الماء مرتبط أشد الارتباط بالاستثمار، ولا بد من بناء السدود الصغيرة”، حسب تعبيره.
من جانبه، أفاد لحسن السعدي، النائب البرلماني التجمعي، أن مشروع قانون المالية، بالإضافة إلى رسمه السياسات العمومية التي سيتم تنفيذها في المرحلة القادمة، فهو يعطي درسا حقيقيا ومزعجا لبعض الأطراف السياسية التي ألفت التعامل مع الزمن السياسي، سابقا، بمنطق “قضي حاجة”.
وعبر السعدي عن تفهمه لبعض الأصوات الانفعالية في هذا الصدد، لكنه في المقابل يحيي بعض عناصر المعارضة الذين يقدمون درسا في المعارضة السياسية البناءة، من خلال تقديم مقترحات عملية.
وأشاد السعدي بجل القرارات التي جاء بها المشروع، وعلى رأسها مأسسة الحوار الاجتماعي والزيادة في الحد الادنى من الاجور، سيما وأن الحكومات السابقة لم تكن تعير هذا الجانب اهتماما كبيرا، وهدفها أن يمر فاتح ماي “بلا صداع”.
من جهة أخرى، انتقد السعدي خطاب بعض الأطراف التبخيسي، الذي يسوق صورة سيئة على الوطن والشركات بطريقة بها نوع من “الشيطنة” لتحقيق أغراض سياسية ودون وجه شرع، مبرزا أن هذا الخطاب من الممكن أن تكون له عواقب وخيمة، تجعل المستثمر ينفر من البلاد.
وحيا السعدي الوزيرة فتاح على نفسها الإيجابي، ودورها في تدبير ملفات عالقة كملف التقاعد والحماية الاجتماعية، مطالبا بضرورة الاهتمام أيضا بالمنتخبين في مختلف الجماعات الترابية، وتزويدهم بإمكانيات والموارد الكافية التي من الممكن أن تساعدهم على الاشتغال لتنمية المناطق التي ينتمون إليها.
بدورها، أفادت ياسمين لمغور أن نقاش قانون المالية يتخذ زاويتين مختلفتين، زاوية إيجابية مفعمة بالتفاؤل والآمال واليقين، وزاوية أخرى متشائمة يعتمدها بعض الأطراف لتبخيس عمل ومجهودات الحكومة عن قصد.
بالنسبة للزاوية الإيجابية، تقول لمغور، كما قال مختلف المطلعين والمتابعين، إن مشروع القانون يأتي بقوة لمواجهة الأزمات الداخلية والمستوردة، كما يتميز بالجرأة، ويأتي بطابع اجتماعي مميز، يبدو جليا من خلال تنزيله للمشروع الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية، وسعيه للتفعيل السليم لركائز الدولة الاجتماعية.
كما أن المشروع، تضيف لمغور، ينسجم بشكل كبير مع البرنامج الحكومي الذي سطرته الحكومة “وهذا ليس غريبا على حكومة الكفاءات، كفاءات التجربة والتسيير والتدبير”، على حد قولها
أما الزاوية الثانية، فاعتبرتها لمغور نوعا من أنواع فساد التفكير، حيث كانت رد فعل بعد أن أزعج بعض الأطراف عمل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وتواصله مع المغاربة، كما أزعجهم أن يطلع المغاربة على الحصيلة المشرفة للحكومة خلال هذه السنة.
وأضافت: “خاب ظنهم، لأنه لدينا رئيس حكومة يترأس ويقود ويطلع على عمل مختلف القطاعات والوزارات، وهذا ما أزعجهم أكثر”.
وخاطبت لمغور الوزيرة فتاح بالقول: “خيبتم ظنهم، وحدث ما لم يكن في حسبانهم، في المقابل كنتم عند حسن ظن المغاربة اللي تاقوا فيكم، هذ الثقة غتعزز بمشروع قانون المالية، فماتديوهاش فالأصوات النشاز”.
أما عبد الرحيم واسلم، فقال إن غاية مشروع قانون المالية، الذي جاء في مرحلة “اللايقين”، هي حماية المواطنين من الغلاء وكذا حماية الاقتصاد الوطني من التقلبات الدولية.
واعتبر أن التحكم في التضخم، الذي تعاني منه البلاد اليوم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، لا بد أن يتم من خلال مواجهة الأزمة، مشيرا إلى أن أكبر المتضررين من الأزمة هم الطبقة المتوسطة والشباب والمتقاعدين. وأفاد أن الحكومة تسعى، من خلال المشروع، إلى الارتقاء بوضعية هذه الفئات، حيث أن شعارها الحالي هو التضامن.
وتطرق واسم إلى إشكالية الغلاء، التي تصاحبها إشكالية أخرى متعلقة بتفعيل الاستراتيجية الطاقية اللي تأخرت لسنوات، وهذا مشيرا إلى أن هذا ما يجب أن سيستدركه قانون المالية.
كما تطرق واسلم إلى إشكالية الجفاف وندرة المياه الذي اعتبرها مشكلا بنيويا، مشيدا بمبادرة رئيس الحكومة في قضية المياه.