أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أمس الإثنين، أن الحكومة تعتزم تنفيذ سياسة وطنية للتحول الاقتصادي تقوم على تحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل.
وأوضح أخنوش، في معرض تقديمه للبرنامج الحكومي خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين، أن الحكومة تواجه الحالة الطارئة لوباء كوفيد-19 بتنفيذ سياسة وطنية للتحول الاقتصادي تحكمها ثلاث مبادئ أساسية، تتمثل في جعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي؛ والعمل على تعزيز السيادة الوطنية في المنتوجات والخدمات الاستراتيجية؛ والتعريف بالمنتوج المغربي وطنيا ودوليا وحمايته من المنافسة اللامشروعة.
وأكد أن هذه السياسة تشمل خمسة محاور رئيسية تتمثل في إنعاش فوري للاقتصاد الوطني؛ ووضع برنامج وطني وجهويا من أجل دعم المقاولات الناشئة في القطاعات الواعدة؛ وتفعيل الإصلاحات الهيكلية لدعم الاقتصاد الوطني؛ وتنفيذ سياسات قطاعية طموحة على الصعيدين الوطني والمجالي؛ وسن سياسة فاعلة لدعم النشاط الاقتصادي للنساء.
وأضاف رئيس الحكومة أنه تفاعلا مع مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الولاية التشريعية الحالية، ستعمل الحكومة أيضا على تنفيذ إصلاح شامل للمؤسسات والمقاولات العمومية، ومواكبة مسار الإصلاح الضريبي، وتعزيزه في أسرع وقت بميثاق جديد ومحفز للاستثمار.
وأضاف في هذا الصدد أنه من أجل تنفيذ المحاور الخمسة الرئيسية للتحول الهيكلي للاقتصاد المغربي، تعتمد الحكومة إجراءات محددة، تهم وضع وتنفيذ سياسة استعجالية لمواكبة المقصيين من سوق الشغل؛ والإنقاذ السريع للمقاولات المهددة بالإفلاس، من خلال المصاحبة والتمويل؛ وتحفيز المبادرة الخاصة، من خلال تذليل العقبات التنظيمية والإدارية؛ وخلق رجة تنافسية، من خلال مواكبة وتطوير المقاولة التنافسية والمبتكرة؛ والدفاع عن علامة “صنع في المغرب” من أجل دعم الإنتاج الوطني.
وأشار أخنوش أنه من أجل تقديم إجابات فورية للذين يظلون دون مؤهل وعانوا من تأثير الأزمة، تقدم الحكومة ابتداء من سنة 2022 ولمدة سنتين، برنامج أوراش عامة صغرى وكبرى في إطار عقود مؤقتة، على مستوى الجماعات الترابية وبشراكة مع جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، دون اشتراط مؤهلات؛ مؤكدا أن هذا البرنامج سيمكن من خلق ما لا يقل عن 250.000 فرصة شغل مباشر في غضون سنتين.
وأشار إلى أن الحكومة تقدم أيضا، ابتداء من سنة 2022، برنامجا لدعم المبادرات الفردية ويتخذ شكل مواكبة وتوجيه وتكوينات من أجل هيكلة المشروع في كل أطواره، منذ تصور الفكرة إلى تحقيقها، وبمنح قروض شرف تستهدف أنماطا من المشاريع لا تدخل في نطاق التمويلات الحالية الممنوحة للمقاولات الصغيرة والناشئة؛ مشيرا إلى أن الحكومة تحرص كذلك على إعطاء نفس جديد لبرنامج “انطلاقة” وضمان استدامته.
وأكد أخنوش على التزام الحكومة بتنفيذ البرنامج الملكي من أجل إنعاش الاقتصاد الوطني من خلال صندوق محمد السادس للاستثمار، باعتباره رافعة لتنويع وتجويد وتثمين الإنتاج الوطني، مذكرا بأن هذا الصندوق يساهم في تمويل السياسات القطاعية الطموحة وكذا ركائز التحول الاقتصادي، مثل تطوير الصناعة الخالية من الكربون، وتسريع التحول الرقمي وإنعاش القطاع السياحي، كما يواكب صندوق محمد السادس للاستثمار، كمستثمر في رأسمال المقاولات الناشئة والصغيرة والمتوسطة.
ومواكبة لهذه الإجراءات الأفقية ستعمل الحكومة على تعزيز وتحديث القطاعات الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث أكد رئيس الحكومة أنه فيما يتعلق بالفلاحة، ستعمل الحكومة على تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، من خلال مواصلة تفعيل استراتيجية “الجيل الأخضر” من أجل انبثاق طبقة وسطى فلاحية واسعة ومواكبة جيل جديد من المقاولين الفلاحيين الشباب بفضل تعبئة مليون هكتار من أراضي الجموع قصد إنجاز مشاريع استثمارية في المجال الفلاحي.
وستحرص الحكومة على التفاعل الآني مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد؛ وفق أخنوش.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالصناعة، ستفعل الحكومة خطة تروم تطوير صناعة مولدة لمناصب شغل، منزوعة الكربون وقادرة على تعزيز تنافسيتها عالميا؛ أما فيما يتعلق بالسياحة والصناعة التقليدية، ستعمل الحكومة على تنفيذ خطة إنعاش غايتها دعم الفاعلين وتثمين المنتوج المغربي والارتقاء بالتكوين، وذلك بتنسيق مع فاعلي هذين القطاعين اللذين تضررا كثيرا بفعل الأزمة الصحية؛ كما ستعمل الحكومة على تحفيز قطاعات خدماتية أخرى، ومنها قطاع السكن قصد إنعاش الاقتصاد الوطني وتوفير سكن لائق للمواطنات والمواطنين.
وتابع أن الحكومة ستبذل مجهودات إضافية لتقوية التجارة الخارجية وتعزيز الصادرات الوطنية كرافعة للنمو والتنمية وجعل الاقتصاد الوطني والمقاولة المغربية تنافسية في هذا المجال، خاصة من خلال استهداف أسواق وشركاء متنوعين حفاظا على استدامة هذا القطاع، مشيرا إلى أنه فيما يخص الاستثمار العمومي، تمثل خطط الاستثمارات المهمة في قطاعي الصحة والتعليم خيارا استراتيجيا قويا لتثمين الرأسمال البشري وبناء منظومات متكاملة ومنتجة لتعزيز سيادة بلادنا وخلق فرص الشغل والرفع من القيمة المضافة الوطنية.
واعتبر أخنوش أن تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني يشكل الهدف الرئيسي للتحول الاقتصادي الذي تتوخاه الحكومة؛ كما يشكل توضيح الإطار التشريعي وتجويد مناخ الأعمال، خاصة من خلال التسريع بإخراج ميثاق الاستثمار الوطني، الأسس الحقيقية لضمان فعالية ونجاعة خطة التحول الاقتصادي التي تتبناها الحكومة.
وأكد أن الإجراءات التي تعتزم الحكومة إحداثها تشمل وضع قواعد واضحة ومستقرة، تضمن تكافؤ الفرص أمام جميع الفاعلين الاقتصاديين، بتجاوز الحواجز الإدارية والتنظيمية التي تعرقل النمو السليم للاقتصاد، بالإضافة إلى تكريس دور هيئات المراقبة والتقنين وتعزيز استقلاليتها من أجل تنافسية أكبر، خاصة في القطاعات الاستراتيجية للدولة.
كما تلتزم الحكومة -وفق أخنوش- بتنفيذ سياسة استباقية لدعم النشاط الاقتصادي للنساء، ويتعلق الإجراء الرئيسي في هذه السياسة بتمويل برنامج تطوير العرض الوطني للحضانات، وتحفيز نقل المستخدمين، خدمة للنساء الناشطات أو الراغبات في ممارسة نشاط مهني.