قدم رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، عرضا سياسيا قيّما خلال مشاركته في ندوة علمية حول “المنظومة الانتخابية وقضايا الساعة”، نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني أمس الإثنين 26 أكتوبر 2020.
واستهلّ العلمي مداخلته الأولى بالتأكيد على رفضه واستنكاره للإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرا على أن هذا الموقف يجب أن يبقى بشكل دائم حتى تعلم فرنسا أن المغاربة والمسلمين، متحدين حول الدفاع عن المقدسات الإسلامية وعلى رأسها، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن هذا السلوك لا علاقة له بحرية التعبير.
إثر ذلك، انطلق المتحدث نفسه من تقييم الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية وما رافقها من نقاش، مشيرا إلى تجربته المتمثلة في المشاركة لأربع مرات في المشاورات الانتخابية، التي مثلت فيها الحزب داخل اللجنة التي تقوم بإعداد مشاريع القوانين الانتخابية، مؤكدا أن “هذه الدورات تتميز بمجموعة من الأمور لابد أن نسجلها للتاريخ.. أن الحكومة هي الوحيدة المسؤولة عن الإعداد للانتخابات وهذا أمر جد مهم”.
وأضاف أن ذلك تنفيذ للوثيقة الدستورية التي تقول بأن السلطات العمومية المختصة هي المسؤولة عن تدبير الاستحقاقات كيف ما كان نوعها، مشيرا إلى أن وزير الداخلية لم يأتي بأي مقترح، مردفا : “وأنا أتحمل المسؤولية في كلامي، وقال بالحرف (أي الوزير) أنا كاتب للأحزاب السياسية وأن المقترحات جاءت من الأحزاب السياسية”.
وخلال النقاشات الأخيرة، يضيف الطالبي العلمي أنه تم الاتفاق على جميع النقاط ماعدا الرفع من عدد المقاعد داخل البرلمان والقاسم الانتخابي، وذلك بدون أي تدخل لوزارة الداخلية، معربا في نفس الوقت عن متمنياته في أن تكون الأحزاب السياسية وصلت درجة من النضج لتقرر لوحدها حتى لا يملي عليها احد آخر.
وأكد عضو المكتب السياسي لحزب “الأحرار” على أنه يختلف مع الرأي الذي يريد قوانين جامدة في مجتمع يتحول، مشددا على أن هذا الرأي غير مقبول، في ظل التحوّل المستمر الذي يعيشه المجتمع المغربي عموما، وهو ما يفرض تحيين القوانين مردفا “المبادئ الكبرى لا يجب أن تتغير، لكن الوسائل والآليات تتطور وتتغير حسب كل السياق، واليوم نحن محكومين بسياق ما بعد كورونا، وهو سياق جديد لم يكن في حسبان أحد”.
وفي هذا السياق، أشار العلمي إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار، قام في النظام الأساسي للحزب بالمواكبة والتفاعل مع هذا السياق من خلال عقد المؤتمرات والمجالس الوطنية عن بعد باستعمال تكنولوجيا المعلومات، مضيفا أن العالم اليوم وبعد الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، أصبح منخرطا في تكنولوجيا المعلومات، لتصبح هذه الأخيرة مكونا أساسيا في الحياة اليومية للبشر.
أما بالنسبة للجزء الثاني في هذا السياق، يضيف العلمي، يتعلق بالنموذج التنموي الجديد، مبرزا حضور تكنولوجيا المعلومات في ما يتعلق بكل مكوناته الاقتصادية والاجتماعية والهويايتية، مضيفا “في السابق لم تكن هذه الوسيلة من التعبيرات.. اليوم هذه الوسيلة متاحة والرأي الذي لم يكن مسموعان أصبح في متناول السياسيين، ودور الفاعلين السياسيين هو رصد هذا الرأي ورصد الظواهر والتعامل معها وإلا إذا لم نقم بالتجاوب، ستكون عندنا مؤسسة دستورية فارغة وهي التي تتعرض اليوم للضرب، لأن التعبير الحقيقي بقي في الخارج”.
وتابع أن الوثيقة الدستورية، لما تحدثت عن الديمقراطية تحدثت عن ثلاثة أشكال وهي المبادئ الديمقراطية والأسس الديمقراطية والوسائل الديمقراطية، مشيرا إلى أن المبادئ والأسس الديمقراطية، لا تختلف فيها الأحزاب السياسية.
وبعد أن ذكّر بأن الفصل السابع من الوثيقة الدستورية يتحدث عن الوسائل الديمقراطية، أكّد أن تعبير بعض الأطراف السياسية عن فقدانها لمقاعد وغير ذلك مما جاء في هذا النقاش، غير مفهوم لأن الانتخابات لم تتمّ بعد، في حين ان هذا النقاش يتمّ بناء على نتائج استحقاقات 2016.
وتابع: “لما نقوم بالبحث لا نقوم باختزال هذا النقاش في زيادة ونقصان المقاعد، ولكن يجب أن نفكر كمواطنين مغاربة، وكيف سنبني مستقبلا نفتح فيه الآفاق ونوسع فيه دائرة المشاركة، وكل فئة من فئات المجتمع، يكون عندها حق الولوج إلى النقاش العمومي المؤطر..”، مضيفا أن “دور الأحزاب هو التنافس وكيفية الوصول.. ولما نتحدث عن المبادئ الديمقراطية، فيجب ألا يكون فيها الإقصاء، وبالتالي فتح المجال أمام الجميع..”
وشدّد الطالبي العلمي على ضرورة عدم اختزال النقاش في الإجراءات، بل يجب أن يتم ذلك في المبادئ الكبرى، مشيرا إلى أن الإجراءات لا يجب أن تكون حجرة عثرة، التي توقف هذا التطور الذي تعرفه بلادنا، مؤكدا على ضرورة الإنصات إلى الشباب الواعد، الذي يعبر عن رأيه في مواقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل معهن مشيرا إلى أن الفاعلين السياسيين عليهم في المقابل تقبّل النقد والنصيحة.
وفي ما يتعلق بهذا النقاش الذي يواكب الاستعدادات للمحطات الانتخابية المقبلة، أكّد العلمي على ضرورة أن ترفع الأحزاب السياسية من مستواه، خصوصا أنها ستصل في النهاية للتوافق والحلول، مردفا :”لكن النقاش يبقى مفتوحا حول كيف نفتح الباب أمام الجميع حتى يكون عندهم صوت داخل المؤسسة التشريعية، لأنه بذلك ستتعرض هذه الأخيرة لانتقادات أقل مما تتعرض إليه الآن”.
وبخصوص موضوع القاسم الانتخابي، أوضح العلمي أن الأصوات هي التي تحدّد مدى الحصول على مقعد نيابي وليس القاسم الانتخابي، مضيفا “اليوم هناك نقاش حو القاسم الانتخابي، قد لا نتفق حول طريقة احتسابه وقد نتفق على حلّ آخر، الأهم هو أنه لا يجب أن نبقى مكتوفي الأيادي، ويبقى الوضع على ما هو عليه، لأن المؤسسات التي لا تستطيع أن تتكيّف مع التطور المجتمعي تصاب بالانحطاط السياسي”.
وأشار إلى أن “هذا يتضح جليا من خلال ما وصلنا إليه حاليا بعد عشر سنوات من تطبيق الدستور منذ سنة 2012، وفي عهد حكومتين”، مؤكدا أن المشكل المطروح هو كيف سيتم توسيع دائرة استيعاب جميع التعبيرات المجتمعية الموجودة في المغرب حتى تجد ذاتها بشكل أو بآخر، مع ضرورة عدم اختزال النقاش في استهداف طرف معين أو نظرية مؤامرة، بل باستهداف أولئك الذين الذي يبقون خارج هذه العملية.
وخلص الطالبي العلمي إلى القول بأن هناك ضرورة اليوم للإنصات لصوت المواطنين، وفتح القنوات له ودعوته للمشاركة، مع ضرورة تفاعل الأحزاب السياسية مع التطور المجتمعي، مشددا على رفض ما يقع من تبخيس وشخصنة بين الأحزاب السياسية، مردفا “اليوم كاملين نرتقي بالنقاش وبمستوياتنا وبابتكاراتنا وإبداعاتنا، حتى نتمكن من تقديم أجوبة حقيقية للإشكالات الحقيقية الموجودة في بلادنا”.