ندّد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، بخرق مسؤولين للقانون من خلال عدم التصريح بأجرائهم في التغطية الصحية والحماية الاجتماعية، مذكرا بوضعية عمال الشساعة وعمال “الساندريات” وممرضي ومستخدمي مصحات “CNSS”، مشددا في نفس الوقت بضرورة الارتقاء بالخطاب السياسي.
وأوضح محمد البكوري، رئيس فريق “الأحرار” في تعقيبه على رد رئيس الحكومة عن سؤال شفوي حول الدروس الاقتصادية والاجتماعية والرقمية المستخلصة من جائحة كورونا، في إطار جلسة المساءلة الشهرية، أن هذه الفترة الاستثنائية التي تمر بها بلادنا كشفت عن العديد من الدروس، من قبيل تجسيد قيم التضامن الوطني، كعنوان بارز لتقاسم العيش وفق القيم التي تربينا عليها كمغاربة، أو ما يصطلح عليه بتعزيز “تَامَغْربيتْ دْيَالْنا”؛ وتعزيز الحس الوطني، والانتماء للمملكة المغربية، والتشبث بثوابت الأمة ومقدساتها، والالتفاف حول عاهل البلاد. حيث قوت هذه الأزمة هذه الأواصر ودعمتها؛
وأيضا، يضيف البكوري، رجوع مختلف السلطات العمومية إلى أحضان الشعب بعد نكران الذات، الذي تعاملت به مختلف الأطقم الطبية، المدنية والعسكرية ومختلف أجهزة القوة العمومية، ومساعدة الأشقاء والأصدقاء من الدول الإفريقية في إطار دعم حوار جنوب، جنوب، الذي دعا إليه جلالة الملك حفظه الله في عدة مناسبات دولية وإقليمية ووطنية، والاعتماد على الذكاء المغربي، في مواجهة الجائحة عبر الابتكارات المنتجة للآليات التنفس الصناعي، الأجهزة البيوطبية، ومستلزمات الجائحة، والكمامات، بالإضافة إلى تعبئة الإدارة في إنجاح كل القرارات التي اتخذتها لجنة اليقظة الاقتصادية خصوصا آليات الدعم.
موازاة مع ذلك، يضيف المتحدث نفسه، فإن الجائحة ألزمتنا اليوم بتعبئة كل جهودنا، وإعادة النظر في العديد من السياسات العمومية، المرتبطة بالشقين الاقتصادي والاجتماعي”.
على المستوى الاجتماعي، أوضح البكوري أن الجائحة فرضت تعبئة جماعية لتعميم الحماية الاجتماعية للأجراء في القطاع الخاص وخصوصا من لدن مختلف المهنيين، مضيفا “إذ لا يعقل أن نسمع عن بلدنا أن هناك مسؤولين يخرقون القانون، ولا يصرحون بأجرائهم، ومن غير المعقول أن نجد 700 حالة من الممرضين والمستخدمين يشتغلون بمصحات الضمان الاجتماعي غير مصرح بهم من لدن المؤسسة نفسها، التي تشرف على تدبير الحماية الاجتماعية لأجراء القطاع الخاص”.
وتابع: “إنها فضيحة كبرى وعار علينا جميعا أن نترك هذا العبث مستمرا، كما لا يعقل أن نجد عمال الشساعة والذين يشتغلون لمدة تفوق العشرين سنة يشردون في فترة الحجر الصحي، دون أدنى حقوق”، مردفا: “مسؤوليتكم عظيمة، بحيث وجب عليكم التحلي بالشجاعة في مواجهة هذا الملف. وفي هذا الإطار نقترح تعديلا مستعجلا على مدونة الشغل”.
أما على المستوى الاقتصادي، أكد رئيس فريق “الأحرار”، على ضرورة تشجيع آليات الإبداع من أجل إنتاج الثروة التي تبقى الحل الوحيد لتحريك الدورة الاقتصادية، وإنعاش فرص الشغل خاصة وأن آثار الجائحة واضحة في هذا الإطار، إذ ارتفع معدل البطالة، مشددا على أن هذا الإجراء لا يمكنه أن ينجح في ظل تعاظم وثيرة البيروقراطية الإدارية وكثرة المتدخلين وحجم كبير من التوقيعات في المشاريع الاستثمارية خصوصا في الجهات الفقيرة، وذات الأوضاع الهشة”.
وأشار إلى أن العديد من الإجراءات المتخذة إثر الزيارات الميدانية لرئيس الحكومة للجهات الميدانية، نموذج إقليم جرادة، من قبيل إحداث التعاونيات المنجمية والتي فاقت الثمانين لم تحل المشكل، بل فاقمته، بحيث أن ظاهرة وفاة العمال في “الساندريات” لازال مستمرا، مؤكدا “أن الأمر يحتاج إلى استثمارات مهمة لا يستطيع عليها أصحاب التعاونيات غالبيتهم من العمال الفقراء. لا حول لهم ولا قوة، ولا تأمين يغطيهم، وبالتالي وجب إعادة النظر في تلك البرامج وعدم تسييسها أو استعمالها لتصفية الحسابات”.
وأضاف: “الرأسمال جبان، وبالتالي فوضوح الرؤية شيء ضروري ومطلوب عند رجال الأعمال في الداخل والخارج، والعكس اعتماد خطاب مزدوج لذلك، إذ لا يعقل أننا “نْقُولُو للمغاربة ماتْسَافْرُوشْ”، وفي نفس الوقت تصدرون مذكرة تطلبون فيها من المواطنات والمواطنين بعدم السفر إلى الخارج، وتشجيع السياحة الداخلية”، مستطردا : “خطاب غير واضح وغير مطمئن سيزيد أوضاع السياحة تأزما وارتباكا، والفاعلين سيكونون غير مرتاحين، بعد الجهود الجبارة الذي بذلتها الحكومة في توفير الإمكانيات المادية للقطاع”.
وشدّد رئيس فريق “الأحرار” بمجلس المستشارين، على ضرورة الارتقاء بالخطاب السياسي في هذه المرحلة، مما سيعزز حظوظ تجاوز الأزمة، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق “بمسؤولية جماعية لنا كحكومة سياسية ننتمي إليها وندعمها، والأغلبية التي تدعمها داخل البرلمان”.
وأيضا، يضيف البكوري، “مسؤولية كذلك حتى المعارضة في تبني خطاب بديل ينأى بنفسه عن العدمية والتبخيس، ويعطي بدائل حقيقية ومعقولة، في إطار التعاطي البناء مع مختلف السياسات العمومية التي تعملون على تنزيلها”.
وفي الختام، دعا البكوري رئيس الحكومة إلى إعادة النظر في التصنيف الذي يطال بعض الأقاليم وعلى رأسها إقليم القنيطرة، الذي ظل قابعا في المنطقة رقم 2 منذ بداية التخفيف التدريجي للحجر الصحي، رغم عدم تسجيل أية حالة مصابة بالفيروس منذ أسابيع.