قال محمد الرزمة، مستشار فريق التجمع الوطني للأحرار بالغرفة الثانية، إن قطاع التربية والتكوين يحظى بأهمية بالغة، فهو ثاني قضية وطنية بعد قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهو محور اهتمام ملك البلاد، مسائلا رئيس الحكومة، عن الإجراءات التي من شأنها معالجة تحديات التعليم والتكوين المهني والبحث العلمي.
وقدم الرزمة، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء، تشخيصا دقيقا للقطاع الذي يعيش اليوم على إيقاع مجموعة من الاختلالات، استدعت تدخلا ملكيا عبر خطاب جلالته بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب سنة 2013 الذي وضع من خلاله الأصبع على مكامن الخلل، ثم دعا جلالة الملك في مناسبة ثانية بمناسبة افتتاح السنة التشريعية 2017/2018 إلى اعتماد نموذج تعليمي جديد لا يقتصر على الكتابة والقراءة فقط، وإنما يضمن لأبناء المغاربة الانخراط في عالم المعرفة والتواصل، من أجل الولوج والاندماج في سوق الشغل، ليساهم في الارتقاء الفردي والجماعي، بدل تخريج فئات عريضة من المعطلين.
وأوضح مستشار “الأحرار” أن فريق الحزب بالغرفة الثانية يدعو إلى إخراج قضايا التعليم من المزايدات السياسية، ومن الصراع الهوياتي المزعوم، على اعتبار أن دستورنا واضح، يحمي قيم المغاربة المشتركة، ويغنينا عن هذا التنابز المرفوض، مسجلا أن نظامنا التعليمي في حاجة إلى استعادة وظيفته التربوية، وجعل المدرسة في صلب اهتمام كافة الفاعلين، وإعادة الثقة في المدرسة العمومية عبر النهوض بوضعية العاملين بها، والالتزام بملاءمة التكوين لاحتياجات سوق الشغل، وإعادة النظر في المناهج والبرامج التربوية، وتأهيل الفضاء التربوي.
كما دعا إلى الاستمرار في خطة بناء المدارس الجماعاتية للتخفيف من ضغط الاكتظاظ، والتي تعاني بدورها من ضعف التجهيزات والربط بشبكات الماء والكهرباء، والاعتناء باللغات الحية، “فالمغاربة اليوم يريدون، إضافة إلى اللغتين العربية والأمازيغية، تدريس أبنائهم الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والصينية واليابانية”، يزيد المتحدث ذاته.
وتابع الرزمة أن اللااستقرار الذي شهدته المدرسة العمومية منذ عدة سنوات، وهذه السنة على وجه الخصوص، تجعلنا ندق ناقوس الخطر فيما يرتبط بسياسة الحكومة في تدبير هذا القطاع، حيث عاش الجميع وعايش مجموعة من الإضرابات والمسيرات والاعتصامات التي كادت تعصف بهذه السنة وتجعلها بيضاء، مما يحتم علينا جميعا إعادة النظر في مجموع الخطط والتدابير المرتبطة بهذا القطاع الحيوي الذي يمس كافة شرائح المجتمع المغربي، والذي ساهم في هذه الوضعية الفاعل السياسي بشكل سلبي، حيث أعطيت الفرصة لتيار العدمية والتبخيس لنشر سمومهم وأحقادهم وعرقلة مسيرة الإصلاح.
ولقد عكست الخطب الملكية عناية جلالته السامية بقطاع التكوين المهني باعتباره رافعة استراتيجية، ومسارا واعدا لتهيئ الشباب لولوج الشغل والاندماج المهني، يبرز الرزمة، حيث أثار ذلك الانتباه إلى قضية تشغيل الشباب، لاسيما في علاقتها مع إشكالية الملاءمة بين التكوين والشغل.
وبعدما نوه بعمل الحكومة في إعداد استراتيجية خاصة بقطاع التكوين المهني، قال إنها، بدورها، تستلزم وقفة إذا اعتمدت على إعادة هيكلة شعب التكوين المهني، وإحداث جيل جديد من مراكز تكوين وتأهيل الشباب، وإقرار مجلس التوجيه المبكر نحو الشعب المهنية، وتطوير التكوين بالتناوب، وتعلم اللغات وكذا النهوض بدعم إحداث المقاولات من طرف الشباب في مجالات تخصصاتهم، مشيدا يتفاعل الحكومة الإيجابي معها.
وسلّط الضوء على مجموعة من النواقص التي تعتري قطاع التعليم، ولعل أبرزها عدم استيفاء مسطرة اعتماد المسالك، وهيمنة التكوين ذي الولوج المفتوح على الولوج المحدود، وضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمي، والتي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 10 في المائة.
وسجل فريق التجمع الوطني للأحرار، بخصوص التخطيط الاستراتيجي للتكوين الأساسي، أن الوزارة لا تتوفر على الإطار المرجعي الذي، من المفروض، أن يضبط التوجهات ويحدد الأولويات، ويمكن من الاطلاع على عمليات التخطيط والتنظيم والتطوير والضبط والتوجيه حسب المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمة، وذلك وفقا للمادة الأولى من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، الذي يشكو مجموعة من النواقص، منها الافتقار إلى الاستمرارية في عملية التخطيط الاستراتيجي وعدم تتبع وتقييم استراتيجيات الوزارة وغياب التعاقد بين الوزارة والجامعات والافتقار إلى التواصل بشأن الخطط الاستراتيجية للوزارة وعدم الاتساق في استراتيجيات الجامعات.
ودعا إلى إخراج إطار تنظيمي متعلق بتسيير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات، إذ هناك غياب لتتبع أنشطة التكوين المستمر من طرف الوزارة الوصية، بالرغم من أن عملية مراقبة تسيير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات أسفرت عن تسجيل مجموعة من الملاحظات، بعد دخول القانون رقم 01.00 المنظم للتعليم العالي حيز التنفيذ، إذ لم تتم مواكبته بالإجراءات التنظيمية الضرورية التي من شأنها أن تسمح بالتأطير الضروري لهذه المهمة الجديدة، ناهيك عن أن فحص مختلف الوثائق المكونة لاستراتيجيات الوزارة، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2005 و2020، قد أبان عن غياب سياسة شاملة تهم هيكلة وتطوير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات، وأن الإطار الاستراتيجي للنهوض بالتعليم العالي في أفق سنة 2020 لم يشمل أي إجراء يهدف إلى تنمية وتطوير التكوين المستمر، الشيء الذي نتج عنه عدم إدراج التكوين المستمر في الاستراتيجيات التي تبنتها الوزارة.
كما أن غياب دليل الإجراءات المتعلق بتدبير التكوين المستمر، أدى إلى ظهور اختلالات في منظومة الرقابة الداخلية، أثرت بدورها سلبا على تسيير التكوين المستمر على مستوى المؤسسات الجامعية، ووجود اختلالات في تتبع ساعات العمل الفعلية المنجزة، حيث تبين غياب أية مراقبة لساعات العمل المنجزة في إطار التكوين المستمر على مستوى الجامعات أو المؤسسات الجامعية، وهو ما كان له تأثير بيداغوجي ومالي مباشر على عملية التكوين المستمر.