أكد الدبلوماسي والسفير السابق مصطفى أبوه أن القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن الصحراء المغربية يشكل تحولا تاريخيا يجُبُّ ما قبله ويكرس سيادة المغرب بصفة نهائية على أقاليمه الجنوبية.
وخلال ندوة وطنية نظمها حزب التجمع الوطني للأحرار بالرباط حول القرار الأممي التاريخي، أبرز أبوه أن الملك الراحل الحسن الثاني كان قد قال بعد المسيرة الخضراء: “حررنا الصحراء لكن دون أن نحصل على شهادة الملكية”، مضيفا أن الملك محمد السادس اليوم تمكن من الحصول على هذه الشهادة بفضل حكمته وبعد نظره الدبلوماسي.
وأوضح المتحدث أن “من يزعم أن القرار شابته ثغرات إنما يُرضي نفسه فقط”، مشيرا إلى أن الفقرات التي يعتبرها البعض نقاط ضعف هي في الأصل ضد خصوم الوحدة الترابية، ذلك تقرير المصير كما يتصورونه انتهى، والحكم الذاتي هو الشكل الحقيقي لتقرير المصير. وأضاف أن المبعوث الأممي لم يتحدث عن تنظيم استفتاء، وهو ما يؤكد أن هذا الخيار تم تجاوزه نهائيا.
ووصف أبوه القرار الأممي بـ”العظيم”، معتبرا أنه “لا يشفي غليلنا فقط، بل يمثل سلاحا دبلوماسيا قويا سيُستعمل في مواجهة الكثير من الدول”. وبيّن أن وجود جبهة “البوليساريو” في الاتحاد الإفريقي أصبح غير شرعي، لأن الأمم المتحدة أكدت عدم إمكانية خلق كيان من هذا النوع، مشيرا إلى أن القرار الجديد سيفتح الباب أمام مصالحات واسعة، حيث بدأت قيادات انفصلت عن الجبهة تُعبّر عن ترحيبها به.
وفي حديثه عن الرؤية الملكية لقضية الصحراء، قال أبوه إن المقاربة التي اعتمدها جلالة الملك محمد السادس منذ سنة 1999 كانت مقاربة حكيمة، بدأت من الاهتمام بالتنمية في الأقاليم الجنوبية، وهو ما جعلها اليوم نموذجا يُقنع القاصي والداني. وأضاف أن إطلاق سراح عدد من المعتقلين وفتح أوراش تنموية كبرى في الصحراء منح القضية بعدا إنسانياً وتنمويا قويا.
وأشار إلى أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تُعد من “الانتصارات الكبرى”، قائلا: “غادرنا المنظمة لمدة طويلة واستغل خصومنا الوضع، لكن جلالة الملك بتبصره أعاد المغرب بقوة، دون أن يُعير اهتماما للتفاصيل الشكلية، فحتى الجلوس إلى جانب “البوليساريو” ليس اعترافا بها، بل خطوة استراتيجية نحو الهدف الأسمى”.
وأضاف أبوه أن هذا الانتصار تُرجم اليوم في غياب أي كلمة مسيئة للمغرب داخل الاتحاد الإفريقي، مبرزا أنه عمل شخصيا في دول كانت معادية للوحدة الترابية مثل أنغولا ونيجيريا، وشهد تحوّلا كبيرا في مواقفها تجاه المغرب.
وشدد السفير السابق على أن تقرير المصير لا يعني تقسيم الدول أو خلق كيانات جديدة، فالعالم تغيّر، والمغرب يمد يده دائما للجزائر، مؤكدا أن العفو من شيم الكبار، وأن جلالة الملك وجّه نداء واضحا لإخواننا في تندوف قائلا: “الدار داركم”. وأضاف أبوه قائلا: “وأنا بدوري أقول لهم: لا تُفوّتوا القطار، فالتحقوا بالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، لأن المستقبل هنا”.
وأبرز أن أبناء الصحراء يعيشون اليوم فرحة كبيرة، بفضل سياسة جلالة الملك الحكيمة، التي تقوم على احتواء الجميع وتغليب منطق البناء والوحدة، مشيرا إلى أن “المشكل السياسي انتهى”، وأن القرار الأممي صُودق عليه بالإجماع بما في ذلك من طرف روسيا والصين، وهما دولتان لا تتخذان قراراتهما اعتباطا.
وختم أبوه كلمته بالتأكيد على أن “من حق الشعب المغربي أن يفتخر”، قائلا: “لقد طوينا الملف من الناحية السيادية، أما الإجراءات الأخرى فهي مسألة وقت فقط. المغرب في صحرائه، مسلح بحقه التاريخي والسيادي، ولن يتنازل عن الأمر أبدا. الصحراء اليوم مزدهرة، ببنيتها التحتية وتنميتها، وبما تنعم به من ماء وكهرباء وديمقراطية حقيقية”.




