لقد استطاع التجمع الوطني للأحرار أن يشكل لنفسه وأن يبلورفي المشهد السياسي المغربي نموذجا حداثيا تحتذي به الأحزاب السياسية المغربية، نرى أنه كذلك باعتماده على مبدأ أساسي يمكن أن أسميه بفلسفة الجدارة السياسية الذي تبنتها أدبيات الحزب في البداية والمتمثلة في نظرية “مسار الثقة “كنسق فكري إيديولوجي يؤسس لنظرية الحكم الجيد في سياق الديمقراطية الاجتماعية، والذي يعتمد على قدرة ذهنية عالية، ومهارات اجتماعية لها خصوصياتها لخدمة مصلحة الشعب.
ويمكن أن يستفاد ذلك من خلال ما قاله السيد الرئيس في كلمته في المؤتمر السابع للحزب المنعقد بتاريخ 4-5 مارس 2022 عن بعد،” هدفنا هو القضاء على الفقر والهشاشة”.
ومنذ تولي السيد الرئيس عزيز أخنوش قيادة الحزب، وضع لنفسه هدفا أساسيا وهو النهوض بالحزب حتى يصبح حزبا كبيرا ليس في المغرب فحسب بل في العالم العربي، وذلك عندما عمد على بناء توجهات الحزب على مبادئ وأخلاق عالية وهي عقلنة تطبيق السياسة الاجتماعية، وترجيح العمل على الكلام، إذ قال في نفس المؤتمر” إننا نعمل كثيرا ونتكلم قليلا” وان ما تميزت به هذه المرحلة هوعقلنة التسيير وتجنب الأخطاء، وذلك بجعل مبادئ مسار الثقة تطبق بحذافيرها معتمدا على آليات منطقية وهي العلة الزمانية المحددة لانجاح نظام مسار الثقة، إن الطريقة التي يشتغل بها السيد عزيز أخنوش جد ذكية تساير المرحلة الحالية التي يعيشها المغرب الذي يعرف بقيادة جلالة الملك نصره الله تحولات جذرية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية بل وحتى على مستوى بنية العقل المواطن المغربي، وطرق الاشتغال مناطها العمل قبل الكلام بمعنى أن الكلام القليل سيفسح المجال للعمل الكثير الذي هو المطلوب لأن العمل عند السميولوجيين في حد ذاته كلام يعبر عن نوايا كل قائد سياسي ولا يحتاج إلى الاطناب في الكلام أو اظهاره، ونشير هنا إلى أن تاريخ قوة الكلمة لها جذور طويلة في الحضارة العربية والغربية، ففي العصور اليونانية كان إلقاء الخطب هي الوسيلة الأساسية لتحقيق الأهداف السياسية والسلطوية، وكان على الساسة أن يركزوا عن الخطابة لإقناع بعضهم البعض واقناع الشعب بناواياهم وطموحاتهم، وتعتبر المهارات الخطابية في المجتمعات المعاصرة وخاصة لدى اليسارذات أهمية قصوى لخوض الحملات الانتخابية وتوجيه الناس للحصول على تأييد الناخبيين. وفي العالم العربي كان الشعر والخطابة معا محركا أساسيا لمشاعر الناس وإقناعهم بأفكارهم.
وبالمقابل فإن إعطاء الأولوية للعمل وتحقيق الأهداف المسطرة لا يتم بحشو الكلام ولا بالجعجعة السياسية الفارغة المحتوى وإنما يتم التركيز على العمل وليس الكلام.
إن المجتمعات الآسيوية ذات التراث الكونفوشي لا ينظر فيها إلى الطلاقة الخطابية باعتبارها ميزة كبيرة، حيث يتم التركيز في هذه المجتمعات على العمل والكلام عندهم مسألة هامشية لأن ما يتم تحقيقه على أرض الواقع ليس بالكلام وانما بالعمل فيرى الصينيون أن ” الخطب المتملقة تقوض الصدق”.
وهذه الصفة تنطبق على السيد عزيز أخنوش حيث يعمل كثيرا ويتكلم قليلا ليفسح المجال للمؤسسات لتقديم العمل الجيد ونتائج جيدة، لأن من شأن ذلك سيزيل أي نزاعات أنانية.
إن إعلان السيد عزيز أخنوش عن الانتقال بثبات من مسار الثقة إلى مسار التنمية في المؤتمر السابع للحزب، هو دليل على أن النموذج التجمعيين يخطو بخطوات حول تطبيق فلسفة بناء العلاقة الجدلية بين الثقة الاستراتيجية والاستراتيجية التنمية، إنها منهجية وممارسة للانتقال من بلد يعتمد على الفلاحة والصيد والسياحة إلى بلد صناعي مع الاحتفاظ بالمكونات الاقتصادية المذكورة.
واعتقد أن الحزب سينتقل بعد أن يكلل مسار التنمية بنجاح وفق برنامج النموذج التنموي الجديد الذي جعل فيها جلالة الملك نصره الله العنصر البشري محور وقاطرة التنمية، إلى ثالث مسار وهو مسار مدونة الأخلاق.
إن الديمقراطية التوافقية التي افرزت السيد عزيز أخنوش كرئيس للحزب للمرة الثانية كانت مثالية، ومن تجلياتها أن الحزب يعرف استقرارا وانسجاما بين جميع المناضلين،
وبموجب ذلك عرف المؤتمر نجاحا كبيرا أبهر المتتبعين للشأن الحزبي بالمغرب.
بقلم حسن حلحول
رئيس الفرع الجهوي للمحامين التجمعيين
جهة الرباط تمارة سلا القنيطرة