واحد من رجالات الدولة الكبار الذين طبعوا عقوداً من العمل السياسي وفي المرفق العام وداخل أروقة الدولة المغربية، رجل عصامي مكد في العمل محب للقراءة، هكذا نعى أقارب وأصدقاء محمد حدو الشيكر، الذي لبى نداء ربه أمس الثلاثاء 15 فبراير 2022.
توفي الشيكر، وهو واحد من أبرز مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار إلى جانب أحمد عصمان، عن عمر يناهز 90 سنة بإحدى المصحات الخاصة بالرباط بعدما اشتد به المرض.
تدرج الشيكر المزداد بمدينة الخميسات سنة 1932 في مناصب المسؤولية، ليصل إلى أعلاها كوزير للدفاع، ومن بين القلائل الذين كلفهم جلالة الملك الحسن الثاني بهذا المنصب، سنة 1967 في الحكومة الحادية عشرة للمملكة، التي ترأسها محمد بنهيمة.
بدايات مسؤوليته الوزارية، كانت قبل ذلك التاريخ، تحديدا سنة 1963 حيث تقلد لأول مرة منصب كاتب الدولة المكلف بالإعلام والسياحة والفنون الجميلة والصناعة التقليدية، ضمن الحكومة التاسعة للمملكة، التي كان بها أحمد باحنيني وزيراً أولاً.
مؤهلاته السياسية والاكاديمية والمهنية والأخلاقية، يقول محمد أوجار عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، جعلت جلالة الملك الحسن الثاني كثيرا ما يلجأ لتمكينه من المسؤولية في مختلف التشكيلات الحكومية، حيث تقلد مناصب في وزارات البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، والتعليم الابتدائي، والتربية الوطنية، والعلاقات مع البرلمان، والفلاحة.
كما طبع في مرحلة لاحقة مساره السياسي في مجلس النواب كنائب لعدة ولايات تشريعية عن دائرة الخميسات، وتولى مهام متعددة داخل هذه المؤسسة التشريعية، وكانت إسهاماته السياسية يطبعها النضج والحكمة والتجربة، حسب أوجار.
وبالإضافة إلى تمرسه في دهاليز السياسة، فقد كان الشيكر أديبا لبيبا مثقفا لم تحل السياسة والمسؤولية بينه وبين البحث العلمي، حيث أعد أطروحة الدكتوراه في إحدى الجامعات الفرنسية المرموقة، ما جعل الرجل ينهال من حقول المعرفة.
وفي هذا الإطار، قال عنه الكاتب والأستاذ الجامعي السوري محمد فاروق النبهان، إنه رجل فكر وثقافة يحب العلم والعلماء ويحب مجالسهم، حصل على درجة الدكتوراه في وقت متأخر، وكان سعيداً بذلك، “لم نكن نلتقي كثيراً ولكن عندما نلتقي يكون لقاؤنا حاراً وصادقا، وكنت أقدره وأحترمه لخصالـه الرفيعة، وإنه من الشخصيات السياسية اللامعة والمهذبة والمتواضعة، ولا تجد لمناصبه السابقة أثراً في سلوكه الاجتماعي”.
في سياق متصل قال محمد أوجار “في بداية التحاقي بالتجمع الوطني للأحرار واشتغالي بجريدة الميثاق الوطني، تشرفت بالتتلمذ على يديّ المرحوم حدو الشيكر، تعلمت منه الكثير، دماثة أخلاقه وتمسكه بها في الممارسة السياسية، حيث كان إلى جانب أحمد عصمان والمرحوم أحمد العسكي والطيب بن الشيخ وكثيرون، الخلية الأولى التي بادرت إلى إنشاء وتكوين حزب التجمع الوطني للأحرار أواسط السبعينات”.
ويضيف، أن الفقيد الشيكر أبلى البلاء الحسن في عمله السياسي، إذ لم يكن مكترثاً بأمور الدنيا، ظّل متواضعا في حياته ولم يهتم بالجاه أو الثراء، ويعتبر نموذجاً للسياسي المستقيم والنزيه ورجل التربية الذي حرص وهو يمارس السياسية في مختلف المواقع أن يظل متمسكا بقيم التواضع والنزاهة والعفة والانتصار الدائم للمصلح العامة.
واستطرد أوجار “سيظل في ذاكرة التجمع الوطني للأحرار واحدا من رجالات هذا الحزب وأحد أهم من ساهم إسهاماً حقيقيا في الانتقال ببلدنا إلى الحياة الديمقراطية القائمة على التنافس بين الأحزاب والبناء التدريجي للتجربة الديمقراطية”.