أجمع أكاديميون وأساتذة باحثون ومحامون، اليوم بالرباط، على ضرورة تغيير عدد من مقتضيات دستور المملكة المغربية لسنة 2011، بما ينسجم مع النموذج التنموي الجديد، الذي دعا جلالة الملك إلى بلورته أخيرا.
وقدم المشاركون في ندوة حول موضوع ” دستور 2011 و النموذج التنموي الجديد : إمكانيات الاحتضان آفاق التفعيل”، نظمتها منظمة المحامين التجمعيين بالمغرب، عروض سلطت الضوء على أهمية النقاش العمومي حول النموذج التنموي الجديد وأجمعوا على أنه بالرغم مما يتصف به دستور 2011 من مميزات تجعل منه دستورا متقدما بكل المقاييس فإن إعداده في ظل نموذج تنموي تقليدي لا يسمح له باحتضان النموذج التنموي المرتقب بالنظر إلى ما يتطلبه تفعيل هذا النموذج من سياسات عمومية متطورة و مبتكرة و آليات حديثة وفعالة لتنفيذها ومراقبتها.
وقال الأخ عبد الصادق معطى أيت معطى الله رئيس المكتب التنفيذي لمنظمة المحامين التجمعيين، إن اختيار موضوع هذه الندوة يرجع لاهتمام المنظمة بالقضايا الملحة للمجتمع والتفاعل مع النقاش العمومي حول النموذج التنموي الجديد.
وأوضح أن 75 من السجناء أميون و80 في المائة من القضايا الجنحية والجنائية يعاني مرتكبوها من الفقر والتهميش والإقصاء الإجتماعي، الأمر الذي يؤكد عجز النموذج التنموي الحالي عن معالجة هذه المظاهر السلبية والارتقاء بمستويات التنمية بأبعادها المختلفة.
واعتبر أن الحاجة ملحة إلى تقوية برامج التنمية البشرية وتوسيع نطاقها، باعتبار أنها مدخل أساسي لمحاربة الجريمة، مشددا أن المنظمة تتابع النقاش العمومي منذ إعلان جلالة الملك عن فشل النموذج المعمول به، وترغب المساهمة فيه، من خلال دراسة إشكالية جديدة تتعلق بمدى احتضان دستور 2011 للنموذج التنموي الجديد.
في الاتجاه ذاته، قال الأخ محمد حنين وهو محامي ورئيس سابق للجنة التشريع بمجلس النواب، أنه رغم انفتاح دستور 2011 باعتباره متقدم بكل المقاييس، نظرا لما يزخر به من مكتسبات على مستوى اتساع نطاق الحقوق والحريات ومقتضيات البناء المؤسساتي، إلا أنه بقي عاجز عن إعطاء نفس جديد للمؤسسات واشتغالها بالكيفية المطلوبة لسن سياسات مبتكرة وإستباقية لمعالجة المشاكل ووضع برامج متطورة لمواكبة تحاولات اجتماعية.
وأضاف الأخ حنين قائلا ” لابد من إعادة التقييم وتعديل المقتضيات بما أنه دستور مرن يسمح بالتغيير وقتما اقتضى الامر ذلك، وخاصة أنه وضع في 2011، في ظل برنامج تنموي تقليدي عاجز عن استيعاب مواضيع المرحلة الحالية”.
وتابع أن النموذج كيفما كان يحتاج إلى تشريعات جديدة وسياسات عمومية متطورة، يقوم على تقوية المؤسسات وتطوير آليات المسؤوليات وتحديدها، مشددا على ضرورة فتح النقاش حول تغيير دستوري.
هذا الطرح شاركه إلى جانب الأخ حنين، كل من الأساتذة أحمد التهامي ومحمد حركات وميلود بلقاضي وهم أساتذة بجامعة محمد الخامس ومحمد الهيني محام بهيئة تطوان.
واعتبروا أنه لكسب رهانات النموذج التنموي الجديد لابد من إصلاح سياسي و مؤسساتي، وأن هذا الإصلاح لن يتأت إلا بمراجعة بعض مقتضيات دستور 2011.
والهدف حسبهم هو ضمان تقوية المؤسسات وضبط آليات اشتغالها بكيفية ناجعة سواء من خلال تدقيق اختصاصاتها، أو من خلال تحديد مسؤولياتها بما يكفل توفير الضمانات اللازمة لاحتضان النموذج التنموي الجديد، وتحقيق الأهداف المنتظرة منه بما ينطوي عليه ذلك من استجابة لانتظارات المواطنين ومواجهة التحديات الاقتصادية و الاجتماعية وطنيا و جهويا و دوليا وتأهيل بلادنا إلى ولوج نادي الدول بقدرة وكفاءة.