أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أن ورش الحماية الصحية لا يستقيم دون تأهيل حقيقي للنظام الصحي الوطني، الشيء الذي جعل الحكومة تسارع في تنزيل إجراءات تروم تحسين الولوج للخدمات الصحية، لفائدة كل الأسر المغربية، تفعيلا للبرنامج الحكومي.
في هذا الصدد، أفاد أخنوش، خلال تقديمه الحصيلة الحكومية وأهداف مشروع قانون المالية، اليوم الاثنين، في جلسة للمساءلة الشهرية بمجلس النواب، أن قطاع الصحة يعرف تراكما للنواقص منذ سنوات، نتيجة غياب رؤية إصلاحية تمكن من الارتقاء بالمنظومة الصحية.
وسرد أخنوش أبرز الإكراهات التي يتخبط فيها قطاع الصحة، منها وجود نقص حاد في الأطر الطبية، وتفضيل البعض منها الهجرة لأسباب ترتبط أساسا بضعف التحفيزات وتدني شروط الممارسة المهنية، والتفاوتات المجالية الصارخة في توزيع العرض الصحي، بالإضافة إلى ضعف حكامة القطاع ومردودية المؤسسات الصحية.
كل هذا وذاك، جعل الحكومة تضع استراتيجية شاملة، لتوفير حلول واقعية من أجل إنقاذ المنظومة الصحية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، واستنادا للبرنامج الحكومي، من خلال أجرأة أربع دعائم لرؤيتها الإصلاحية تطرق إليها رئيس الحكومة، وتتمثل أساسا في إعادة تنظيم مسار العلاج، وتحفيز الموارد البشرية بالقطاع العام وإصلاح نظام التكوين، مع الانفتاح على الكفاءات الأجنبية وتحفيز الأطر المغربية المقيمة بالخارج على العودة إلى أرض الوطن، بالإضافة إلى تأهيل العرض الصحي والرفع من جودته، والتوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني، وكذا رقمنة المنظومة الصحية لتجميع ومعالجة المعلومات الخاصة بالمسار الصحي للمريض.
ولتفعيل هذه الدعائم، كشف أخنوش أن الحكومة خصصت غلافا ماليا للقطاع الصحي يفوق 28 مليار درهم سنة 2023، بزيادة 4,6 مليار درهم مقارنة مع ميزانية 2022، حيث رصدت 1,5 مليار درهم لزيادة أجور مهنيي الصحة، مع إحداث 5500 منصبا ماليا للقطاع الصحي.
هذا وعبأت الحكومة 850 مليون درهم هذه السنة لاستكمال البرنامج الوطني لتأهيل المراكز الصحية الأولية والبنيات التحتية الصحية، بالإضافة إلى تخصيص 200 مليون درهم من أجل إطلاق بناء المستشفى الجامعي بمدينة الرشيدية، مع التأهب لإطلاق مشاريع إنشاء مستشفيين جامعيين بكل من بني ملال وكلميم.
ولتحقيق مخطط الرفع من عدد الأطر الطبية وطنيا، أفاد أخنوش رصد الحكومة ميزانية 372 مليون درهم لتعزيز القدرات الاستيعابية لكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ولتوسيع أرضيات التكوين، مع تعبئة تعويضات للمشرفين على التدريب، وذلك بهدف مضاعفة عدد الأطباء المتخرجين مرتين سنة 2026، علاوة على برمجة 200 مليون درهم لإعادة تأهيل المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة.
كما أفاد تخصيص الحكومة 500 مليون درهم لرقمنة القطاع الصحي، من خلال وضع نظام معلوماتي مندمج، يهدف من جهة إلى تحسين نظام الفوترة بالمؤسسات الاستشفائية، ومن جهة أخرى إلى تجميع ومعالجة المعلومات لتتبع مسار علاج المريض اعتمادا على الملف الطبي المشترك، على أن يتم مستقبلا تزويد جميع المغاربة ببطاقة صحية رقمية.
هذا وسجل أخنوش أن الحكومة وضعت، في سنتها الأولى، وفي سابقة فريدة من نوعها، الترسانة القانونية المتعلقة بورش إصلاح المنظومة الصحية كاملة، من خلال مشروع القانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية الذي هو قيد مصادقة البرلمان، ومشاريع القوانين التنفيذية الخمسة المتعلقة بالمجموعات الصحية الترابية، والوظيفة الصحية، والهيئة العليا للصحة، والوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية، والوكالة الوطنية للدم.
وكشف أخنوش أن الحكومة فعلت إجراءات عملية تهدف إلى الارتقاء بوضعية العاملين في القطاع الصحي من خلال الاعتراف بشهادة الدكتوراه للطبيب ورفع أجره الصافي على مدى سنتين، بمعدل 3800 درهم شهريا، ابتداء من فاتح يناير 2023، وكذا تسريع وتيرة ترقي الممرضين والرفع من التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الأطر الإدارية العاملة في قطاع الصحة. كما حرصت الحكومة، يضيف أخنوش، على تحصين الممارسة الطبية، من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية الذي يتيح مجموعة من المكتسبات الإيجابية، على رأسها نظام الأجر المتغير حسب المردودية في مختلف المؤسسات الصحية.
ومن الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة كذلك إحداث مخطط يمتد إلى سنة 2030 للرفع من تكوين عدد الأطر الصحية، “حيث نطمح في أفق 2025 إلى بلوغ 94 ألف مهني صحة، مقارنة مع 64 ألف حاليا، مع الحرص على توفير العدد الكافي من المكونين وتأهيل فضاءات التكوين”، يفيد أخنوش.
وكشف أنه تم إطلاق ورش تأهيل ما يقارب 1,400 مركز صحي أولي، وتنفيذا لمقتضيات مشروع قانون الإطار للمنظومة الصحية، تعتزم الحكومة إحداث مستشفى جامعي بكل جهة.
وفيما يخص توفير الأدوية وتقليص النفقات ذات الصلة التي تتحملها الأسر، لاسيما الأسر الهشة، أكد أخنوش رفع الحكومة لميزانية الصيدلية المركزية العامة إلى حوالي 2 مليار درهم، قصد تغطية تكاليف الأدوية اللازمة لضمان علاج الفئات المعوزة داخل المستشفيات العمومية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمراض المزمنة المكلفة.
وكشف أن الحكومة تقترح، في إطار مشروع قانون المالية 2023، الإعفاء من رسم الاستيراد لفائدة مجموعة من الأدوية والمنتجات الصيدلية المعدة خصوصا لعلاج الأمراض المزمنة، والتي تتطلب مصاريف مهمة للحصول عليها، إضافة إلى التضريب التدريجي للمنتجات المحتوية على السكر حفاظا على صحة المواطنات والمواطنين.