نظمت الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية مساء أمس الجمعة 15 ماي 2020، ندوة عبر تقنية التواصل عن بعد لمقاربة موضوع: “أي أدوار للثقافة والفن في مرحلة ما بعد كورونا؟”.
وساهم في إغناء هذه الندوة، التي كانت كذلك فرصة للحديث عن وضعية الفنان والمثقف في واقعنا الحالي وانتظاراته من الدولة والمجتمع وكذا واجبه تجاه أبناء هذا الوطن، كل من هدى ريحاني، فنانة ومسيرة مشاريع ثقافية بكندا، إبراهيم المزند، فاعل في الشأن الثقافي والفني ومدير لمجموعة من التظاهرات الفنية والثقافية، وأحمد بايدو مخرج سينمائي، وأنس الباز، فنان مغربي، كما قام بتسيير النقاش الإعلامي أديب السليكي.
وأوضحت الفيدرالية الوطنية على صفحتها الرسمية أن هذه الندوة تأتي اعتبارا للاهتمام الذي يوليه حزب “الأحرار” بالفن والثقافة، وأيضا لأن المجتمع المغربي في حاجة لمنسوب إضافي من الوعي وجرعة إضافية من الثقافة ومنظومة أساسية من القيم المجتمعية، مشيرة إلى أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بإيلاء أهمية قصوى للثقافة والفن في مرحلة التعايش مع جائحة كورونا واستشراف ما بعدها.
وبهذه المناسبة، أكد إبراهيم المزند في مداخلته أن الفنانين المغاربة بدورهم لم يغيبوا عن المشهد على الرغم من ظروف الحجر الصحي، فقد حضروا على الساحة الرقمية من خلال التوعية والتحسيس بجائحة كورونا وضرورة احترام الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها في هذا الصدد.
وأوضح المزند أن هذه الجائحة عرّت حقيقة قطاع الثقافة والفن، وأبرزت هشاشته ووضعية الفنان الذي يعاني من غياب أية حماية اجتماعية، مطالبا بضرورة تسريع قانون الفنان، ويكون أكثر وضوح ويصونهم خصوصا في مثل هذه الظروف، مشيرا إلى أن الفنان يشتغل بدوره ويؤدي عمل مهم جدا، وليس شحاذا، معتبرا أن هذه الأزمة بمثابة فرصة لإعادة النظر في القطاع وفي وضعية الفنانين.
وفي سياق آخر، ندّد المتحدث نفسه بالخطابات البئيسة التي تتهجم على الفن والفنانين، خصوصا في هذه الظروف الصعبة، واصفا إياها بالخطابات غير الأخلاقية، مشيرا إلى أن هؤلاء لديهم كراهية تجاه الفن والفنانين حتى قبل زمن كورونا، وعندهم مرجعيات معينة، بينما المغاربة ليسوا سدجا للإنصات حتى يدخلوا في هذه اللعبة.
ومن جانبها، أكدت الفنانة هدى ريحاني على هشاشة قطاع الثقافة والفن في المغرب، وينظر إليه على أساس أنه قطاع مهم وليس أساسي، مذكرة بالدعم الذي تقدمه مثلا دولة كندا التي تتواجد فيها، للفنانين خصوصا في ظل هذه الأزمة.
وشدّدت ريحاني على ضرورة إعادة النظر في السياسات الثقافية بالمغرب، والاهتمام بالقطاع، مشيرة أيضا إلى ضرورة الاهتمام بالتربية الثقافية التي تراجعت، خصوصا بفعل غياب الأنشطة الفنية والثقافية في المؤسسات التعليمية.
من جهته، وبعد أن أشاد المخرج أحمد بايدو في مداخلته بمبادرة الشبيبة التجمعية التي تبرز اهتمامها بالثقافة والفن والفنانين، أكد أن القطاع يعاني أصلا من مشاكل متعددة ناهيك عن الغموض الذي يلف مستقبله الآن، معتبرا إياه قطاعا هاشا وغير مهيكل، مستنكرا في نفس الوقت تماطل الحكومة في ما يخص الترسانة القانونية لتدبير القطاع.
وفي هذا الصدد، يضيف بايدو أنه من غير المقبول ألا يتحدث رئيس الحكومة عن قطاع الثقافة والفن، وعن وضعية الفنانين ولو لمرة واحدة في ظل هذه الأزمة، مشيرا إلى أن الفنان في حاجة على الأقل إلى أن يحس بالاعتراف وأنه حاضر في الأوراش المستقبلية.
وبعد أن أكد على أن مشكل القطاع مرتبط أساسا بغياب السياسة الثقافية لدى الحكومات المتعاقبة، بالإضافة إلى غياب التربية الثقافية والفضاءات في المدرسة المغربية وغياب البرامج التلفزية التي تكرس الثقافة والفن في المجتمع، نوّه بايدو بأفكار ومقترحات “مسار الثقة” للنهوض بقطاع الثقافة والفن، مطالبا الحكومة بضرورة تطبيق ما جاء في الكتاب بهذا الخصوص.
وبدوره ركّز الفنان أنس الباز على وضعية القطاع التي تتسم بالهشاشة وغياب الهيكلة، على الرغم من بعض المبادرات وعلى رأسه الالتفاتة السامية لجلالة الملك للفنان المغربي من خلال الحماية الصحية وبطاقة الفنان.
وأشار الباز إلى أن جائحة كورونا فاقمت وضعية الفن والفنانين، مردفا أنه على الرغم من ذلك الفنانين لم يتوقفوا بل ساهموا بالتوعية والتحسيس بكل الأساليب الممكنة في المجهود المبذول لمواجهة وباء كورونا وتداعياته.
إثر ذلك، دعا الباز وزارة الثقافة ومختلف المصالح والمؤسسات المختصة إلى ضرورة الالتفاتة إلى الفن والفنانين، خصوصا خلال فترة ما بعد كورونا، من خلال تقنين القطاع وإعادة النظر في السياسة الثقافية في تدبير القطاع، والجدية في التعامل معه، ناهيك عن ضرورة توفير المزيد من فرص الشغل وعروض العمل.