هنأ إسماعيل الزيتوني، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والحكومة على التوفق في مناقشة هذا القانون الاستراتيجي وإخراجه من دائرة الجمود إلى الحركة بعدما ظل الحديث عن الخيار التشريعي المنظم لحق الإضراب مجمدا منذ أكثر من 62 سنة وبعد اعتماد 6 دساتير و10 ولايات تشريعية.
ونوّه الزيتوني، في مداخلة الفرق ضمن الجلسة العمومية المخصصة للدراسة والتصويت على مشروع القانون التنظيمي رقم 95.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بنجاح الحكومة في استكمال كتابة دستور المملكة حيث كان من باب الأولى أن تتم المصادقة على كل القوانين التنظيمية خلال الولاية التاسعة وهي الولاية التي تلت اعتماد دستور 2011.
وتابع “لكن للأسف منطق الانفراد بالقرارات ونهج اللاتشاركية وغياب الحوار جعل مشروع القانون التنظيمي لا يتعدى مسطرة الإحالة على مجلس النواب في نهاية عم الولاية الحكومية دون قدرة على تحريكه امام لجنة القطاعات الاجتماعية خلال الولاية التشريعية اللاحقة مما جعلنا نهدر زمنا تشريعيا بشكل مجاني ودون أي اعتبار لمصلحة الوطن والمواطنين”.
وأكد أن فريق الأحرار وخلال مختلف المراحل التشريعية التي قطعها القانون التنظيمي للإضراب داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بالمجلس وصولا إلى لحظة الدراسة والتصويت اليوم، يعي جيدا أهمية دوره التشريعي للتفاعل الإيجابي والبناء مع ما يعكس المجهود النوعي الذي قيوده رئيس الحكومة تنفيذا للتعليمات الملكية السامية بجعل الحوار الاجتماعي خيارا استراتيجيا لتكريس الدولة الاجتماعية، الذي مكن خلال الثلاثة سنوات السابقة من خلق توافق بشأن القضايا الاجتماعية والاقتصادية الكبرة التي تروم تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.
وزاد قائلا: “مما يجعلنا اليوم أمام قانون تنظيمي يعمل على التأسيس لحق الإضراب المعتبر حقا كونيا ودستوريا وموضوع تتقاطع فيه أبعاد متعددة حقوقية واجتماعية واقتصادية وقانونية وأمنية “، مسجلا سلامة ووجاهة الرؤية الحكومية التي تشتغل ضمن أجندة تشريعية منظمة مبنية على التوافق مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
ويعتبر الفريق، يضيف الزيتوني، أن كل المراحل التي قطعها مشروع القانون التنظيمي للإضراب بمجلس النواب، هو عنوان عريض للأولويات التي تعطيها الحكومة لقطاع التشغيل خلال ما تبقى من الولاية التشريعية كما وعد بذلك رئيس الحكومة.
ويسجل الفريق أن مشروع القانوني التنظيمي يكرس المكتسبات التاريخية ذات الصلة بالتشريع الاجتماعي كمخرج من مخرجات مؤسسة الحوار الاجتماعي ويعتبر استجابة لمطالب حقيقية لأطراف العلاقات الإنتاجية، مما يجعل من المشروع يعبر عن 6 رسائل سياسية واضحة وهي أن المشروع في سياق وطني مطبوع بالتعبئة من أجل تكريس الدولة الاجتماعية كما رسمها جلالة الملك، وأن المشروع عنوان عريض للأولويات التي ستعطيها الحكومة لقطاع التشغيل خلال ما تبقى من الولاية التشريعية.
وأيضا، يضيف الزيتوني، أن المشروع هو تكريس للمكتسبات التاريخية ذات الصلة بالتشريع الاجتماعي كمخرج من مخرجات مؤسسة الحوار الاجتماعي ويعتبر استجابة حقيقية لأطراف العلاقات الإنتاجية، وأنه صورة حقيقية للعودة القوية للدولة لإصلاح ما نتج من أضرار اجتماعية واقتصادية بعد جائحة كورونا، وأنه دليل على تفاعل الحكومة واستجابتها لمنطق التشاور والتوافق عبر آلية الحوار الاجتماعية، ثم إنه يخلق جيلا جديدا من القواعد القانونية ويكرس دور البرلمان في التشريع.
وتابع “إننا في الفريق منذ تاريخ تقديم مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب نستحضر أن نرقى بالقانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب لقانون يضمن تعزيز المسار الحقوقي والديمقراطي في المغرب وتحسين مؤشرات المناخ الاجتماعي ومناخ الأعمال، وتقوية جاذبية الاقتصاد الوطني في مجال الاستثمار وخلق الثروة المنتجة لمناصب الشغل اللائق”.
وشدد على أن الأمر يتعلق بفلسفة ركز من خلالها الفريق على خمسة مبادئ تهم ضمان انسجام مشروع القانون التنظيمي مع أحكام الدستور ومع التشريعات الدولية، وتأطير ممارسة حق الإضراب بما من التوازن بين ممارسة الحق الدستوري وحرية العمل، وتدقيق مختلف المفاهيم المتعلقة بممارسة حق الإضراب، وضبط المرافق التي تستوجب توفير حد أدنى من الخدمة خلال مدة سريان الإضراب، ثم تعزيز آليات الحوار والتصالح والمفاوضة في حل نزاعات الشغل الجماعية.
وهو ما يجعل تعديلات فريق الأغلبية، يضيف الزيتوني، تحرص على جعل نص القانون التنظيمي للإضراب ذا بعد مجتمعي وحقوقي يتأسس على منظومة حقوق الإنسان ويسعى إلى تكريس دولة القانون
لقد ثبت بالملموس من خلال أن الاعتماد المفرط على منع الإضراب أو ممارسته اللامسؤولة قد يكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي ومناخ الأعمال واستمرارية الخدمة العمومية ولو في حدها الأدنى، وهو ما يتطلب اليوم التوافق بين الفرقاء والمؤسسات من حكومة وبرلمان ونقابات ورجال أعمال على قانون تحصين ممارسة الإضراب ويجعله ممارسة مسؤولة ومواطنة.
وذكّر النائب البرلماني كذلك بأن كلفة عدم وجود قانون ينظم الإضراب هي أعلى بكثير من كلفة وجود القانون، وهو ما يجعل الفريق يؤمن بأن المناقشة والتصويت على المشروع هي فرصة لخلق عناصر الثقة لدى المستثمرين مما سيكون له عائدات على المنظومة الاستثمارية الوطنية كما يوفر بالمقابل حكامة ممارسة الحق في الإضراب وعدم تحوله إلى سلوك فوضوي بدون ضوابط.
وأكد الزيتوني “وهو ما يجعل من لحظة اليوم تتويج لمستوى النضج الدمقراطي والحقوقي والاجتماعي المتقدم بالمغرب، وهو فرصة للإشادة بالمجهود الذي يقوده رئيس الحكومة تنفيذا للتعليمات الملكية السامية ف مأسسة الحوار الاجتماعي بما يحقق فعلية وواقعية خيار تكريس الدولة الاجتماعية القائم على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتوافق المجتمعي”.
وأبرز أن ما تحقق على مستوى مناقشة مشروع قانون الإضراب جعلنا نخرج من نفق قانون كتب بمداد التضييق على الحق في الممارسة وتقد الإضراب والإجهاز على الحرات النقابة إلى قانون تنظيمي جديد من حيث الفلسفة ومن حيث المنطلقات يكرس فلسفة حماية الحق في الإضراب.
وذلك، يضيف الزيتوني، عبر تشريع قانون يكرس حق الإضراب في متناول شرائح واسعة من المجتمع المغربي، وحريص على حماية الحق في العمل من خلال احترام حق العمال غير المضربين وتعزيز حقوق المضربين، ويمكّن المهنيين والعمال غير الأجراء والأشخاص الذين يزاولون مهنا خاصة من الحق في الإضراب، ووسع الجهات الداعية لممارسة حق الإضراب إذ لم تعد تقتصر على النقابات الأكثر تمثيلية بل تم توسيعها لتشمل كل النقابات ذات التمثيلية.
وأبرز أن تصويت الفريق لهذا المشروع يتوافق مع تنفيذ التعليمات الملكية السامية في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية سنة 2015، وينخرط في تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية، وينسجم مع مخرجات الحوار الاجتماعي الذي ميز هذه الولاية الحكومية، ويتوافق مع مخرجات الآراء الاستشارية للمؤسسات الدستورية، ويتفاعل مع آراء واقتراحات مختلف الفعاليات الوطنية والقوى الحية.
وبخصوص التعديلات التي قدمها الفريق ضمن فرق الأغلبية، أكد الزيتوني أنها تصبو إلى ضمان انسجام النص المشروع مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بممارسة حق الإضراب، وبمراجعة لغة وبنية النص من أجل تجويده والرفع من النجاعة التشريعية، وبضبط الجهة الداعية للإضراب بما يضمن ممارسة هذا الحق دون التضييق على الحرات القانونية وممارسة الحق في التنظيم.
كما تصبو لضمان تحقيق التوازن بين ممارسة الحق الدستوري في ممارسة الحق في الإضراب وفي حماية حرية العمل، ولجعل الآجال التي وضعها المشروع في خدمة تحقيق التوازن بين العلاقات الشغلة والحرص على خصوصية الطابع الاستعجالي والفوري، ولحف العقوبات الحبسية والسخرة بما يكرس ضمان حرية العمل أثناء ممارسة حق الإضراب وللتركيز على أداء الحد الأدنى من الخدمات في المرفق الحيوي خلال وقوع الإضراب.
وأكد على أنها تعديلات “تجعلنا أمام قانون يحمي الإضراب ويشجع استراتيجية الدولة كما رسمها جلالة الملك في تشجيع الاستثمار وعدم عرقلته قانون ينتمي لزمننا وللرهانات الكبرى في استكمال أورواش الدولة الاجتماعية”.