عبر فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، الثلاثاء، عن افتخاره بالأداء المتميز للحكومة، بالرغم من مرور سنة مليئة بالتحديات والإكراهات، غير أنها كانت مرجعية في أداء المالية العمومية، حسب الفريق.
في هذا الإطار، قال محمد بودس، المستشار التجمعي، في كلمة له باسم الفريق ردا على جواب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين: “هي سنة الأولويات والإنجازات، سنة إقرار التغطية الصحية بامتياز لكافة المغاربة، رفعتم فيها شعار وطن بدون تفاوتات اجتماعية، لذلك لابد أن نهنئ أنفسنا كأحرار وأن نهنئكم السيد رئيس الحكومة على إرادتكم القوية في تنزيل ورش التغطية الصحية، بمنطق استحضرتم فيه التوجيهات الملكية الصارمة، منطق تجاوزتم فيه التحجج بالإكراهات والتراكمات، كما فعل البعض سابقا لتبرير فشله”.
وتابع أن رئيس الحكومة واجه الأزمة بشجاعة وجرأة، وباشر الإصلاح بنفس التفاؤل، وأشرف بصفة شخصية على ورش التغطية الصحية بمنهجية متميزة ومضبوطة، من خلال المتابعة الدقيقة لتفاصيل إحالة ومناقشة القوانين المرتبطة بالتغطية الصحية والتي همت كافة فئات المجتمع من خلال إصدارها لترسانة قانونية تشريعية وتنظيمية غير مسبوقة، والسهر على إخراج مشاريع القوانين المؤطرة للمنظومة الصحية الوطنية التي تضمنها قانون الإطار، وتوفير موارد إضافية للخزينة لمواصلة الزيادة في ميزانية القطاع وتزويده بالموارد البشرية الضرورية.
واعتبر أ هذا المجهود الكبير المحقق في ظرف زمني وجيز، المتميز بالنجاعة والدقة المطلوبتين، يبين بالملموس مدى إصرار الحكومة وحرصها على تنزيل هذا الورش المجتمعي الذي كان بالنسبة للمغاربة مجرد حلم، و”هو ما يتطلب منا جميعا أن نصفق له بحرارة معترفين بنجاحكم فيه، فلكم أن تتخيلوا معي أيها السيدات والسادة أن تتمكن فئات عديدة من المهنيين كالميكانيكي والنجار والصانع التقليدي والإسكافي، الفلاح، الصياد، الحداد، السائق المهني، الأجير، ومختلف البسطاء من مجتمعنا من استرجاع نسبة مهمة من تكاليف الاستشفاء والتحاليل والأدوية مقابل تأدية واجب اشتراك شهري بسيط، كما لكم أن تتخيلوا معي أيضا أن تستفيد الفئات المعوزة، التي كانت خاضعة لنظام راميد، من نفس المزايا مع تحمل الدولة لواجبات اشتراكهم وتمكينهم من الاستفادة من التعويض الجزئي عن مصاريف العلاج المجراة في المؤسسات الصحية التابعة للقطاع الخاص ومصاريف الأدوية والتحاليل الطبية وصور الأشعة وغيرها من الخدمات التي كانت كلها مؤداة طبقا لسلة العلاجات والنسب المعمول بها شأنهم في ذلك شأن كل المغاربة والتي ابتدأت منذ فاتح دجنبر الماضي”، حسب تعبيره.
واعتبر بودس أن هذا الإنجاز الثوري من بين أهم الالتزامات التي تعاهدت الحكومة على تحقيقها، وهو ما يبرز سرعة تنفيذها حتى تكون على انسجام تام مع طموحات وانتظارات المغاربة، كما يقول، مبرزا أن الحكومة حريصة على أن تكون قريبة من المواطن البسيط وتتفاعل مع قضاياه وانشغالاته العادلة، كما تشتغل بصمت دون أن تكترث لكل أصوات النشاز التي تتحين دائما الفرص لتبخيس عملها.
وسرد بودس، على لسان فريق “الأحرار” أهم الإجراءات المواكبة لضمان استفادة المغاربة من نظام التأمين الأساسي الإجباري عن المرض، التي تهدف إلى تذليل الصعوبات التي تحول دون استفادتهم من هذا الامتياز، من خلال إعادة النظر في المنظومة الصحية وإدارتها.
ومن بين هذه الإجراءات تطرق بودس إلى اعتماد حكامة جيدة تتوخى تقوية آليات التقنين، وضبط عمل الفاعلين، وإعادة النظر في التخطيط الترابي الصحي، وتثمين الموارد البشرية والبحث في أليات انخراطها من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام مع الانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج.
كما حرصت الحكومة، يضيف المستشار البرلماني، على تأهيل العرض الصحي عبر تيسير الولوج للخدمات الطبية وتعزيز جاذبية المؤسسات الاستشفائية والرفع من جودتها، ورقمنة المنظومة الصحية عبر إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية، ومواصلة النهوض بالأوضاع المادية للأطر الطبية والتمريضية في سابقة هي الأولى من نوعها، مع استفادة حوالي 19 ألف موظفة وموظف من الترقية في الدرجة والرتبة.
ومن بين الإجراءات التي سردها بودس كذلك تشييد كلية طب ومستشفى جامعي بكل جهات المملكة، وذلك بتخصيص الميزانية المطلوبة لهذا الغرض، وتخصيص مبالغ إضافية ستمكن من فتح العديد من الوحدات الاستشفائية وإعادة تأهيل 1400 مؤسسة استشفائية وهو ما سيمكننا من سد الخصاص بالمناطق النائية.
“ومع ذلك نرى أنه من الاستعجال معالجة بعض الاختلالات التي تسيء لهذه المنظومة والتي يجب التخلص منها وهي معضلة الغيابات المتكررة للأطر الطبية في المناطق القروية والنائية، الأمر الذي بات مقلقا، يستوجب الإسراع بإخراج المرسوم المتعلق بوحدات الحراسة الليلية، مسجلين أسفنا لهزالة التعويضات التي يتقاضاها الممرضون والأطباء في هذا الصدد، ناهيك عن سوء التوزيع والتدبير الذي يعرفه القطاع، فمن أبرز مظاهره السلبية تمركز أغلب الأطباء بالمدن الكبرى دون مراعاة للعدالة المجالية التي طالما نادينا بها، مؤكدين في هذا الباب على ضرورة إشراك أطباء القطاع الخاص في هذا الورش واستثمار أدواره في تقليص الخصاص”، يتابع بودس.
هذا وطالب بودس رئيس الحكومة بتعزيز الصناعة الوطنية للأدوية، وتحيين الترسانة القانونية الوطنية الخاصة بالدواء والصيدلة، وإقرار حكامة تدبيرية تتوخى النجاعة، تهدف إلى توحيد إجراءات المناقصات، مع إصلاح الصندوق الخاص بالصيدلية المركزية.
وفي ختام كلمته، أكد تثمين فريق التجمع الوطني للأحرار كل هذا الرصيد الإجرائي المنجز في سبيل تمكين المغاربة من التغطية الصحية الاجبارية بجميع فئاتهم، وحمايتهم من المخاطر التي تهدد صحتهم، معتبرين هذا الإنجاز أحد ركائز الدولة الاجتماعية، و”هو ما يذكرنا بما حققتم في وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات من إنجازات خرافية والتي ظلت لسنوات طابوهات”، وفق تعبيره.
“متأكدون بأنكم ستسعون إلى إصلاح باقي القطاعات الأخرى بِنَفْسِ المنطق وبِنَفْسِ الروح في أفق تحقيق إصلاح شامل للمرفق العام الذي يحتاج اليوم نَفَساً تدبيرياً جديداً يرتكز على الشجاعة والفعالية”، يضيف بودس.