دعا فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إلى ضرورة تعزيز المقاربة المعتمدة في إطار برنامج محو الفوارق المجالية والاجتماعية، عبر الإسراع في تقليص الاختلالات والتفاوتات الاجتماعية والمجالية بين المدن والأرياف.
وقالت فاطمة الحساني، المستشارة عن فريق “الأحرار” في تعقيبها على جواب وزير الداخلية على سؤال شفوي حول برنامج محو الفوارق المجالية والاجتماعية، إن برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالعالم القروي والذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، سنة 2015، والذي رصد له 55 مليار درهم ليتم إنجازه على مدى 7 سنوات (2017-2023)، والذي يستهدف الجماعات الترابية الهشة وتقليص الفوارق فيها من خلال مجالات فك العزلة والربط بالكهرباء ومياه الشرب وإعادة تأهيل البنية التحتية لقطاعي التعليم والصحة لفائدة أزيد من 12 مليون من ساكنة الجهات الاثني عشر، قد أعطى أكله.
وتابعت “حيث تم بناء وإعادة تأهيل ازيد من 10 آلاف كيلومتر من المسالك الطرقية القروية، وإنجاز 2200 عملية بناء وإعادة تأهيل البنية التحتية في قطاع التعليم، تأهيل البنية التحتية لقطاع الصحة وشراء سيارات إسعاف ووحدات متنقلة وتجهيز المراكز الصحية والمستوصفات بالعالم القروي، إنجاز كبير من منظومات للماء الصالح للشرب مع استفادة ساكنة العالم القروي من عمليات ربط فردي وجماعي بشبكة الماء الصالح للشرب، إضافة إلى قطاع الكهرباء”.
وأضافت الحساني أن المجالات القروية في المغرب تضم أكثر من 33 الف دوارا ومركزا قرويا، وقد سبق لها أن استفادت من سياسات عمومية خاصة، لكنها لا تزال تعرف فوارق مهمة جدا في مستويات التنمية، فهي تعرف ضعفا فيما يتعلق بتوفير المرافق والخدمات والاستثمارات العمومية من أجل ضمان كرامة المغاربة وإطلاق دينامية اقتصادية شاملة ومستدامة لصالح الشباب والنساء.
وأكدت المستشارة البرلمانية على أن تنمية المراكز القروية الصاعدة هي الإطار الأمثل لجعلها قاطرة لتسريع وثيرة تنمية المناطق القروية، وذلك في إطار تحسين أداء الاستثمار العمومي في هذه المجالات ومن أجل تشجيع تدخلات الأنشطة المندمجة والتشاركية واعتماد مقاربة ترابية تساهم فيه كفاءات مغربية خالصة تدبر السياسات العمومية في هذه المجالات بحكمة ودراية ترتكز على التوزيع العادل للثروات على قلتها حتى يتمكن المواطن من الإحساس بآثار هذه السياسات على معيشه اليومي.
وعلى هذا النحو، تضيف المتحدثة نفسها، أن فريق “الأحرار” يثمن المقاربة المعتمدة ويدعو إلى تعزيزها عبر الإسراع في تقليص الاختلالات والتفاوتات الاجتماعية والمجالية بين المدن والأرياف، ومواصلة تخفيف عبء الهجرة القروية الذي تتحمله حاليا المدن الكبرى والمدن المتوسطة بوتيرة أفضل، وتحسين ظروف عيش الساكنة القروية من خلال تلبية الحاجيات على مستوى خدمات القرب وتقوية المهارات والتكوين المهني.
واعتبرت أن التنمية المحلية تنطلق من قاعدة تنمية “الدوار” في إطار الجماعة الترابية بالإقليم والجهة، ولن تقوم قائمة لتنمية حقيقية بالجماعة الترابية إلا في إطار تحقيق شروط ذاتية وموضوعية، يتبنى ويحتضن مشاريعها فاعلون محليون مباشرون وغير مباشرين وفي مقدمتهم المنتخبين.
وفي ما يتعلق بالحكامة، دعت الحساني إلى ضرورة العمل أكثر على الرفع من منح وزارة الداخلية المتعلقة بمؤشر نجاعة الأداء المتتبع لمؤشرات الحكامة والشفافية وغدارة النفقات والموارد المالية والبشرية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، بهدف خلق حوافز مالية إضافية لتعزيز القدرات الاستثمارية للجماعات بالبلاد وتعزيز انخراط الجماعات الترابية في عمل تطبعه النجاعة والفعالية في التنفيذ، إضافة إلى تعزيز مستوى الجماعات التي تؤدي دورا رائدا في توفير الخدمات العامة وخلق جو من الثقة في العلاقة بين الإدارة والمواطن.
ومن جهة أخرى، أكدت الحساني أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومنذ انطلاقتها سنة 2005 شكلت حصيلة للإبداع المغربي من أجل المغاربة، حيث حققت العديد من الإنجازات الهامة والتي كان لها الأثر البليغ على ظروف عيش الساكنة خاصة بالعالم القروي حيث مؤشرات الفقر والهشاشة في أعلى مستوياتها، حيث شكل خطاب العرش لسنة 2018 المنطلق والمرجع الأساس للمرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019-2023، أعطى من خلاله جلالة الملك الإشارة لإطلاقها بتعزيز مكاسبها وإعادة توجيه برامجها للنهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة.
وفي هذا الصدد، شددت على ضرورة السهر على دعم الدواوير المستهدفة في إطار الشق الخاص بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية خصوصا الجيل الثالث الذي أصبح يشتغل بدوره على تنفيذ برامج التقليص من الفوارق المجالية والاجتماعية بالوسط القروي ودعم الولوج إلى البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية بالأحياء الهامشية والمراكز القروية الأقل تجهيزا.
وأشارت إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار، وفي إطار برنامجه الذي تأسس عليه مشروعه السياسي، والذي نال ثقة المغاربة، اعتبر أن ارتباط ساكنة العالم القروي خصوصا الشباب منهم، بأرضهم رهين بجاذبية هذه الأخيرة ولا تتحقق هذه الجاذبية إلا بتوفير المزيد من فرص الشغل فقط، بل بضمان قرب الخدمات الأساسية للحياة.
ويعتبر الفريق، تضيف الحساني، أن البرنامج الوطني للحد من الفوارق المجالية والاجتماعية في العالم القروي برنامج غير مسبوق كسياسة عمومية لأنه من جهة يقوم على تنسيق جهود وزارات مختلفة وفاعلين مركزيين طالما عملوا في غياب الالتقائية الزمنية والمجالية، ومن جهة أخرى لأنه يضع المسؤولية على عاتق الفاعل الترابي من أجل تقليص العجز من حيث الولوج إلى الخدمات الأساسية.
وأضافت “وهنا لا بد أن ننوه بالمقاربة التي يعتمدها رئيس الحكومة في ضمان الالتقائية لمختلف هذه السياسات لتجميع جهود الدولة في هذا الإطار، وهو ما اتضح من خلال الاجتماعات الماراثونية التي يعقدها مع مختلف الفاعلين والمتدخلين في كل الاستراتيجيات الوطنية المبرمجة وضمنها هذا البرنامج موضوع نقاشنا، والذي مكن من ترشيد العمل العمومي لفائدة العالم القروي، مع إحداث أثر حقيقي على الساكنة المحلية، مما تسبب في تغذية طموحنا نحو تجديده من أجل سد الثغرات على مستوى الخدمات الاجتماعية وإظهار مؤهلات التنمية المحلية والجهوية”. وخلصت إلى القول: “والأكيد أن هذا الجهد المالي الكبير سيوفر دعما للعالم القروي والمناطق الجبلية وستعطي الفرصة لتنمية الجهات، والتي تعد غاية لا محيد عنها من اجل ازدهارنا الجماعي”.