دعا فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء، إلى سن سياسة مندمجة للشباب بجعله هدفا رئيسيا للسياسات العمومية.
وفي هذا الإطار، قال كمال آيت ميك المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، في مداخلته باسم الفريق، في الجلسة السنوية لمناقشة تقرير المجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية المرتبطة بالشباب، (قال) إن وضع سياسة عمومية لإدماج الشباب، يبدأ عبر نشر ثقافة المواطنة وثقافة الحقوق والواجبات، مع وضع البرامج الحاملة لقيم التضامن والتطوع والعمل كألية لاستعادة ثقة الشباب في الحياة السياسية، من خلال تقوية مشاركته في الشأن العام محليا ووطنيا.
وأضاف أن الفريق يشدد على التمكين الاقتصادي للشباب، وتنمية روح المبادرة والثقافة المقاولاتية لديه، وضمان استفادته من المقدرات الاستثمارية ومن الصفقات العمومية، مع العمل على المواكبة القانونية والتقنية والمالية لمبادراته ومشاريعه.
ودعا آيت ميك إلى سن سياسة مندمجة للشباب بجعله هدفا رئيسيا للسياسات العمومية وضمان التقاءيه هذه الأخيرة، نؤكد على ضرورة إعادة صياغة الأولويات، من أجل التنزيل المحكم للتنسيق وخلق التقاطع على مستوى السياسات الحكومية في عمومها وبالتالي إدماج الشباب في كل القطاعات كالصحة، والعدل، وحقوق الإنسان، والاتصال، والسكن، والتشغيل، والتعليم مع وضع منظومة لدعم وتحفيز الشباب، وتحرير الطاقات عبر الاستثمار الأمثل لمواهبهم وقدراتهم الإبداعية.
وقال: “كلنا ثقة في السيد رئيس الحكومة بمعية فريقه الحكومي في مواصلة الاشتغال على تنزيل التزاماته المرتبطة بتأهيل العنصر البشري وعلى رأسها الشباب وادماجه في الحياة الاقتصادية دون الالتفاف إلى الأبواق المأجورة والمزيفة التي تحاول دائما يائسة تبخيس عمل مؤسساتنا بنهج خطاب التشكيك، فرحلة الإصلاح دائما ما تكون شاقة متعبة لكنها دائما مثمرة ومنتجة، ذلك هو أسلوب عمل حكومتنا التي تجتهد في إبداع الحلول لمعالجة كل الأزمات المحدقة ببلادنا”.
ويرى الفريق أنه من المهم مقاربة هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور، أولها “الشباب وأزمة الثقة”، مؤكدا في هذا الصدد أن عمل اللجنة الموضوعاتية ارتكز على إيجاد السبل الكفيلة لإعادة الثقة في العمل السياسي والحزبي إلى جانب مؤسسات الدولة والمجالس الترابية، منوها في هذا الصدد بنجاح الانتخابات الأخيرة والتي أفرزت نخبا سياسية شابة وكفاءات كان لها شرف خدمة هذا الوطن ومواطنيه من داخل المؤسسات.
ففي ظل هذا الوضع، يضيف آيت ميك قائلا: “نعتبر أن الشباب المغربي في حاجة ماسة لتعزيز ثقته في المستقبل، وهو ما يتوجب على الحكومة التحلي بالجرأة في تفعيل المواقف والقرارات والعمل بشكل استراتيجي ورؤية واضحة بتبني خطاب الوضوح والصراحة والتعاطي الإيجابي مع قضاياه واشراكه في بناء الحلول، لأن الشباب اليائس يشكل اليوم خطرا على المجتمع”.
وشدد على ضرورة أجرأة سياسة عمومية مندمجة لصقل طاقات الشباب التي تسترعي اهتمام عاهل البلاد، وتحظى بعنايته الموصولة، وإرجاع الثقة للشباب في العمل السياسي لن يتحقق دون إعادة المصداقية للحياة السياسية والممارسة العمومية، وتمكين الأحزاب والشبيبات الحزبية من القيام بأدوارها في التنشئة السياسية والتأطير الميداني، عبر الإنصات إلى هذه الشريحة والتجاوب مع أفكارها.
ولتحقيق هذه الغاية، يقترح الفريق الاشتغال على تنزيل التوصيات التي تضمنها التقرير، من أبرزها تملك رؤية واضحة، لأن الشباب من حقهم الخوف على مستقبلهم من المجهول، وتقوية القدرات وتعزيز الكفاءات وتطوير الإمكانيات الذاتية للشباب، ثم تحرير الطاقات لاستثمار كل الإمكانيات المتوفرة لدى الشباب وتوفير مناخ ملائم تطبعه الشفافية والنزاهة والمنافسة الشريفة، إضافة إلى تحقيق العدل وتكافؤ الفرص والمصداقية.
وفي محور بطالة الشباب وإشكالية الإدماج في سوق الشغل، يؤكد آيت ميك باسم الفريق على أن أكبر معضلة يعاني منها الشباب المغربي اليوم هي معضلة البطالة، متسائلا عن مآل المخططات الحكومية السابقة التي وعدت الشباب بخلق فرص الشغل أمام حالات الإفلاس والاختناق الكبير الذي تعانيه المقاولات الصغرى والمتوسطة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تنفست الصعداء بعد الإجراءات المواكبة التي قامت بها الحكومة الجديدة والتي وفرت 13 مليار كسيولة من استرداد الضريبة على القيمة المضافة وستعمل على إدماج حوالي 1.2 مليون عاطل في سوق الشغل من الشباب حاملي الشواهد، إضافة إلى شباب العالم القروي المنقطع عن الدراسة والراغب في إحداث مقاولة ذاتية.
وعبر المستشار البرلماني أيضا عن قلق الفريق من تنامي ظاهرة الهدر المدرسي التي أدت إلى وجود شباب بدون تكوين ولا شغل ولا حماية اجتماعية والتي تصل حاليا إلى أكثر من 2.7 مليون شابة وشاب، مضيفا “نؤكد أن أملنا كبير في هذه الحكومة لمعالجة هذا القصور بهدف النهوض بأوضاع هذه الشريحة من الشباب وتسهيل انخراطها في المجتمع، وانتشالها من براثن الإقصاء والبطالة، وتأهيلها للمساهمة في الإقلاع الاقتصادي والتنموي لبلادنا”.
واعتبر أن قضايا الشباب تستوجب تعاطيا شاملا من قبل كل القطاعات الحكومية، التي تقع عليها جميعا مسؤولية النهوض بوضعية الشباب، منوّها بمبادرة الحكومة في التخفيف من حدة البطالة خاصة في صفوف الشباب عبر تنزيلها لبرنامجي “فرصة” و”أوراش”، مطالبا بالزيادة في عدد المستفيدين بالرغم من صعوبة المرحلة وإكراهات الأزمة”.
وعلى مستوى محور الشباب والتربية والتكوين، فقد اعتبر الفريق هذا القطاع، يضيف آيت ميك، حجر الزاوية في كل سياسة موجهة للشباب على اعتبار أن منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي تستوعب حوالي 10 ملايين متعلم، بحيث أن هناك عددا من البرامج وجهت للشباب ولدعمهم خاصة في مجال التكوين المهني.
ودعا إلى إيلاء عناية خاصة لهذا القطاع، الذي يروم تأطير خمسة ملايين مستفيد، عبر استثمار كل البنيات التحتية التي رصدتها الحكومة لهذا القطاع ويتعلق الأمر بإحداث 123 مؤسسة تكوينية جديدة، من ضمنها 120 بمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، ومنها 52 متخصصة موجهة للقطاعات الواعدة، في ظل تنفيذ ورش إحداث 12 مدينة “للمهن والكفاءات” بكل جهات البلاد، مع ضرورة استفادة المتكونين في مجال التكوين المهني من المنح الدراسية، من أجل تشجيع الشباب للتوجه نحو مكاتب التكوين المهني.
ويؤكد الفريق أن الرهان على الشباب لا ينبغي أن ينظر إليه من زاوية العبء والكلفة واستراتيجية تقليص المخاطر، وإنما بالتأطير والمواكبة وتطويره كطاقة واعدة وخزانا للقدرات يتعين رعايته وإعطائه الفرص التي يحتاجها”، مقترحا وضع الآليات الكفيلة بإشراك الشباب في صناعة القرار العمومي من خلال تفعيل وتقوية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وفي تقييم السياسات العمومية وفي الولوج إلى مناصب المسؤولية، والمساهمة الفعالة في مؤسسات الحوار المدني والديمقراطية التشاركية على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي.