أكد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، على ضرورة اللجوء إلى آليات حديثة لتقديم خدمات أفضل للمواطنات والمواطنين عبر الاستعانة بالرقمنة في أفق تعميمها، أمام المتطلبات المتزايدة لمرتفقي الإدارات العمومية وما يفرضه ذلك من ضغط على تلك الإدارات الشيء الذي يؤثر على جودة وفعالية الخدمة العمومية التي يستفيد منه جميع المرتفقين.
وقال محمد زكرياء بن كيران، المستشار البرلماني عن فريق “الأحرار” في تعقيبه أمس الثلاثاء، على جواب الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، على سؤاله حول اعتماد الرقمنة كآلية للإصلاح الإداري، إن تصور الحكومة الرامي إلى تحديث الإدارة وتعميم الرقمنة في أفق جعل الإدارة تستجيب لمتطلبات النجاعة والفعالية.
وفي هذا الصدد أشاد المتحدث نفسه باهتمام البرنامج الحكومي بهذا الموضوع، مردفا “خصوصا وأننا مقتنعون جميعا حكومة وبرلمانا بأن الإدارة المغربية بطيئة وتسير بوتيرتين متباينتين على حسب طبيعة القطاعات وما بين الإدارة والقطاع الخاص الذي لا زال يشتكي من بطئها وتثاقلها ومن كثرة المتداخلين، وعدم تحمل المسؤولية وتصدير أعمالها نحو لجان بعينها يصعب معها تحقيق الإجماع”.
وأكد المستشار البرلماني على استعداد فريق التجمع الوطني للأحرار للمساهمة في هذه مجهودات الوزارة وكل المتدخلين لتحقيق لذلك الأهداف والآفاق المطلوبة في هذا الصدد، مستطردا: “بعد عشرية طبعها التردد وانعدام الثقة لذلك كانت الإدارة محطة انتقاد واسع،
ولعل التشخيص الدقيق الذي أعطاه جلالة الملك والذي وجهه إلى الحكومة والبرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية منذ خمس سنوات”.
كان المفروض في هذه المدة، يضيف بن كيران، أن تستعجل الحكومة لكي تضع خارطة طريق الإصلاح، مضيفا “لكن للأسف عدم انسجامها ومستوى الخطاب السياسي الرديء الذي ساد لعشرة سنوات، والذي جعل من الإدارة حصان طروادة لتبرير الفشل، أدخل إدارتنا المغربية غرفة الانتظار واستقال الجميع من أداء مهامه، حيث غابت المسؤولية مما أعطى الفرصة لتنامي البيروقراطية والمحسوبية الشيء الذي فاقم واقع الإدارة المهترئ”.
وأضاف أن المرفق العمومي يعاني أمام هذه الوضعية، مما أدى بشكل مباشر إلى تدني الخدمة العمومية خصوصا في القطاعات التي لها ارتباط مباشر بالمواطن، وتحقق القرب الحقيقي له، مردفا “لذلك فإن الحكومة مطالبة بمعالجة هذه الاختلالات أولا عبر القضاء على البيروقراطية ومحاربتها وتجاوز منطق الترضيات في تحمل المسؤولية بإقرار مبدأ تكافؤ الفرص وجعل الرجل المناسب في المكان المناسب وإقرار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وفق منطق متوازن دون منطق الأحكام الجاهزة الذي نضع بمقتضاه الجميع في سلة واحدة خصوصا وأن غالبية الموظفات والموظفين أشخاص نزهاء، إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال تعميم مصطلح الفساد على الجميع”.
واعتبر أن القانون التنظيمي الخاص بالتعيين في المناصب العليا والذي تمت مراجعته عشرات المرات لم يفي لحد الآن بالمطلوب حيث تم الالتفاف عليه في العديد من المحطات، داعيا إلى الاجتهاد لأجل إقرار النجاعة في المرفق العمومي عبر اعتماد أنظمة أساسية متوازنة خاصة بالموظفين، تلغي التمييز القائم اليوم، وأنظمة خاضعة للنظام العام للوظيفة العمومية والذي يجب مراجعته وإخراجه في قالب يجعل جميع الموظفين خاضعين له، ويقطع مع التردد الذي طبع تدبيره لسنوات.
وشدّد على أن ضرورة الانتقال الرقمي، وأهميته للمرحلة، إذ سيحل العديد من الإشكاليات والاختلالات التي تعاني منها الإدارة، كما سيكون آلية ذكية لمحاربة الفساد والرشوة وسيعزز الشفافية والحكامة داخل المرفق العمومي.
واعتبر باسم الفريق أن “تحفيز الإدارة وإقرار الصرامة، وفتح المجال أمام الطاقات والكفاءات وإعطائها الفرصة وتحسين الأجور والإسراع في إعادة الانتشار للتقليص من التمايز ما بين الجهات، ومواصلة تبسيط المساطر الإدارية”، يبقى أحد المداخل الأساسية لإعادة الروح للإدارة إذ لا يعقل أن تتمركز غالبية الأطر والكفاءات في محور الدار البيضاء القنيطرة وهو ما يستدعي معالجة سريعة للمنظومة التشريعية والتنظيمية في هذا الإطار، من أجل إقرار النجاعة والفعالية المطلوبتين في هاته المرحلة.
ودعا المستشار البرلماني الفاعلين السياسيين إلى الارتقاء بالخطاب السياسي، وجعله محفزا للإدارة، مضيفا “بحيث مطالبون بحماية الإدارة وتحصينها والدفاع عليها وإخراجها من كل الحسابات السياسية، ومحاصرة كل اللوبيات الضاغطة عليها..”.
