أكدت فاطمة خير، النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أمس الإثنين بمجلس النواب، أن الحكومة مطالبة بأن يكون لها مشروع ثقافي منسجم مع ذاكرتنا التاريخية وكفاءاتنا البشرية لإقامة صناعة ثقافية.
وسجّلت خير في تعقيبها على جواب رئيس الحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية، التي خصصت للسياسة الثقافية، الاهتمام والتجاوب السريع لرئيس الحكومة لتخصيص جلسة المساءلة الشهرية هاته لمناقشة قطاع بالغ الأهمية، ألا وهو قطاع الثقافة الذي يبرز الموروث الثقافي والهوية المغربية، مردفة: “إن الوعي بالثقافة والفنون هو وعي مرتبط بالأساس بالإدراك على أن الإنسان دائما وباستمرار متعطش للمعرفة”.
وتابعت: “لكن المتتبع للشأن الثقافي والفني بالمغرب، يلاحظ أنه في الوقت الذي يحقق فيه المغرب إنجازات على المستوى الاقتصادي وإشعاع في المجال الدبلوماسي مع استقرار في المجال السياسي والأمني، يلاحظ أن هناك تراجع واضح وملموس في الحضور الثقافي”، مضيفة: “رغم أن الدولة كانت ومازالت هي من يوفر كل الوسائل المادية من دعم للأنشطة الثقافية والفنية والإنتاجات السينمائية والتلفزية والمسرحية، لكن بالمقابل هناك قاعات سينمائية تقفل كل يوم ومسارح تفتقر إلى مستلزمات العمل الإبداعي وخزانات لا يعرف لها الشباب الطريق”.
وبالتالي، تضيف النائبة البرلمانية أن هذا لا يشجع هؤلاء الشباب على البحث عن المعرفة ولا على القراءة ولا الثقافة بصفة عامة، مشيرة إلى أن الأرقام والإحصاءات هي في الحقيقة صادمة بحيث توضح أن معدل القراءة في مغرب الألفية الثالثة لا يتجاوز ست دقائق في السنة للفرد الواحد، مضيفة “ولازال البعض ينظرون إلى الثقافة على أنها فعل نخبوي في حين أنه في الدول المتقدمة ترى في القراءة فعل يومي كالأكل والشرب”.
وبعد أن أشارت إلى أن المغرب يمتلك امتيازا من خلال موقعه الجغرافي وغنى موروثه الثقافي والحضاري من تنوع في الفنون واللغة والعادات والتقاليد في الآثار والهندسة المعمارية، في اللباس والطبخ وللحفاظ على كل الموروث، شددت خير على ضرورة الاهتمام بالثقافة، مشددة على أن الحكومة اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى أن يكون لها مشروع ثقافي منسجم ومتناغم مع ما نملكه من ذاكرة تاريخية وكفاءات بشرية لإقامة صناعة ثقافية قوية تساهم في تطوير وخلق فرص الشغل وتشكل قاطرة للنمو الاقتصادي أمام كل التحديات التي يعرفها العالم في هذا القطاع.
وأشارت إلى أن الأزمة ليست أزمة إبداع بل أزمة صناعة واستثمار، التي كانت خارج أجندة السياسات العمومية ودعم الدبلوماسية الثقافية التي باتت تعرف بالقوة الناعمة للتعريف بالتنوع الثقافي وكيفية استثماره وتسويقه على الصعيد الدولي، مبرزة أن التجارب العالمية أثبتت أن تحقيق التنمية يمر دائما وباستمرار عبر طريق الثقافة فقبل التخطيط الاقتصادي يجب تهيئة الإنسان وتكوينه وتمكينه من وسائل المعرفة والانفتاح على العالم وإدراك التنوع الثقافي والفكري لأن اقتصاد المعرفة أصبح يفرض نفسه.
وأضافت: “الحكومة تنبهت لهذا وراهنت على بناء الدولة الاجتماعية، التي في جوهرها الاستثمار في الرأسمال البشري”.
وتابعت “ولأن لكل صناعة قواعد واسس وضوابط تحكمها، هناك أيضا قانون يؤطر هذه العملية، لذلك وجب تفعيل والتسريع بتنزيل القوانين التنظيمية لقانون الفنان، لحل كل الإشكاليات القانونية المتعلقة بخصوصية المهن الفنية وفق الفصل 26 من دستور المملكة”، معربة كذلك على ثقة فريق “الأحرار” في أن لرئيس الحكومة الجرأة والشجاعة، ما يكفي لاقتحام هذا الورش، والنجاح في إعادة الاعتبار لكل المبدعين في شتى الميادين المتعلقة بالثقافة والفنون ليستمروا في إبداعاتهم مع حفظ كرامتهم.