أكد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أنه لا مجال للانتشاء بنتائج استحقاقات 8 شتنبر لأنه يؤمن بثقل المسؤولية، منوّها في نفس الوقت بالبرنامج الحكومي، الذي وصفه بالبرنامج الأمل.
واستهل محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، كلمته خلال جلسة مناقشة البرنامج الحكومي بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، بالقول: “نعتبر هذه المحطة الدستورية والسياسية ذات صبغة نوعية خاصة ومتميزة”، مضيفا “لقد شكلت استحقاقات 8 شتنبر لحظة فارقة في تاريخ بلادنا، فقد أبانت عن مستوى نضج كبير لتجربة المغرب الديمقراطية، وأفرزت نخبا واعدة جديدة انبثق عنها تحالف حكومي تتميز مكوناته بالانسجام والتقارب الكبيرين، ويكرس المناصفة والكفاءة والإيمان بالطاقات الشابة، مما يعد بمردود حكومي بقيمة مضافة عالية”.
وتابع “إننا نؤمن بأن هذه الاستحقاقات كانت انتصارا للديمقراطية في بلادنا وشكلت مرحلة جديدة وبداية لمجتمع جديد تحت كنف تجربة ديمقراطية مغربية رائدة ومتفردة كانت ولازالت وستبقى تنضج وتثمر مبناها التوافق والتداول بين مختلف الأطياف والتوجهات وقوامها الاستقرار السياسي في بلادنا”.
وهذه التجربة، يضيف غيات، تعكس حقيقة الاستثناء في سياق إقليمي وجهوي مقلق، وهي التي مكنت بلادنا من النأي بنفسها عن متاهات الانزلاقات والأزمات الداخلية بفضل الحكمة السديدة والرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وأضاف: “وبعيدا عن منطق فئوي ضيق نعتبر في فريقنا أنه لا مجال للانتشاء بالنتائج لأننا نؤمن بثقل المسؤولية الملقاة على كاهلنا في هذا الظرف الدقيق، ولأن العمل النيابي هو تكليف وليس تشريف فالتحديات أمامنا كبيرة وانتظارات المواطنين كبيرة كذلك، تستدعي منا بذل كل الجهود من أجل أن نكون أهلا للثقة الغالية التي وضعوها فينا”.
وعودة إلى عرض عزيز أخنوش، رئيس الحكومة أمام البرلمان، شدّد غيات على أن البرنامج الحكومي أكد على الأهمية المولاة لتدبير مرحلة الخروج من الأزمة بنجاح، مثمنا المقاربة التشاركية المعتمدة لتصور وتنفيذ المخططات الحكومية لتأهيل ومساندة القطاعات المتضررة وهي كثيرة ومتعددة.
وشدد باسم الفريق على استخلاص الدروس من هذه الأزمة الكونية وإعادة تقييم شامل لفلسفة العمل الحكومي على ضوء ما عاشته بلادنا إبان هذه المرحلة العصيبة، وأيضا عبر اعتماد مفاهيم جديدة وجعلها في صلب العمل الحكومي من قبيل استراتيجية التدبير العام للمخاطر ودعمه بمنظومة جديدة وبإطار مرجعي وتشريعي وإداري متكامل، ما سيمكن من تحسين المجهود العام وتحسين صيرورة الاستراتيجيات العمومي عن طريق خلق شبكات حقيقية للحماية تقي بلادنا الانزلاق في الأزمات.
وفي هذا الإطار، استحضر غيات التوجيهات المولوية السامية بضرورة التوفر على استراتيجيات محكمة لتوفير ودعم مخزون بلادنا من المواد ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي من قبيل المواد الغذائية والصحية والطاقية.
كما استحضر رئيس فريق “الأحرار” كذلك التوجيهات المولوية بشأن إصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط، تجعل دورها الحيوي كجهاز إحصائي متكامل الأركان يوفر المعطيات الكمية والكيفية المعالجة وفق أحدث المقاربات العلمية والاستراتيجية لتكون نبراسا للجهاز التنفيذي حتى يقف بشكل دقيق وحثيث على تقدم العمل الحكومي، ويوفر للقوى الحية المجتمعية والاقتصادية المادة الأولية للإنتاج والعطاء كل حسب مجال اشتغاله.
ودعا في هذا الصدد، الحكومة إلى الإسراع بتقديم نص تشريعي في هذا الإطار تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية.
وفي سياق آخر، أشار إلى أن التصريح الحكومي يؤكد أنه لا توجد رهانات مستقلة بصيغة المفرد بل هناك رهانات اقتصادية واجتماعية جُمعت في التزام واحد، مردفا: “والدليل هو أنكم السيد الرئيس تطرقتم إلى مقاربة جديدة للتنمية تحت مستوى التنمية المجتمعية وليس الاجتماعية، وهي رافعة للتنمية الاقتصادية سعيا إلى المراهنة على إدماج المرأة وخلق الوظائف ودعم المبادرة الذاتية وبناء مجتمع المعرفة دون أن ننسى سعي الحكومة إلى دعم الحكامة الجيدة”.
وبعد أن أشار إلى أن ربط المسؤولية بالمحاسبة مبدأ أساسي لتخليق الحياة العامة، أوضح غيات أن الأمر يتعلق بمقاربة جديدة تروم البناء على توصيات النموذج التنموي الجديد، واستشرافا للآفاق التي يفتحها هذا البرنامج الحكومي.
وأضاف: “البرنامج الحكومي الجديد هو برنامج للأمل، الأمل في مغرب الغد بطاقاته الشابة الواعدة المفعمة بالحيوية والمتقدة ذكاء وابتكارا والتي نعقد عليها أمالا لتحمل المشروع التنموي الوطني بأبعاده المجتمعية والبشرية والاقتصادية، الأمل في التطور والترقي المجتمعيين، لتحقيق الأهداف التنموية مبناهما ترسيخ قيم الوطنية الحقة لدى مواطنينا وخصوصا الشباب منهم، ولتحصين الجبهة الداخلية في زمن التحديات السيادية وتكريس التميز المغربي كبناء مجتمعي غني بمكوناته وتراثه ورصيده الحضاري ويسوده التسامح والانفتاح والتعدد”.
وهكذا، يضيف غيات قائلا: “سوف ندعم من جهتنا العمل الحكومي من منطلق العمل النيابي البناء سواء على صعيد الإنتاج التشريعي أو على صعيد العمل الرقابي”، مذكّرا بتأكيد رئيس الحكومة على عزم هذه الأخيرة على إقرار علاقاتها مع الجهاز التشريعي بغرفتيه في احترام تام لمبدأ فصل السلط على أسس الحوار والشفافية والتنسيق المفتوح والمتواصل لتجاوز مختلف العقبات والصعوبات التي قد تواجه مسار تنفيذ مضامينه مع الحرص الدائم على إعلاء مصلحة الوطن والمواطنات والمواطنين.
وخلص غيات في ختام كلمته إلى القول: “السيد الرئيس هذه المرحلة تاريخية بامتياز، أنتم اليوم تقودون حكومة تحظى بدعم شعبي كبير وأغلبية برلمانية منسجمة مسنودة بحكومة كفاءات مشهود لها بالنزاهة والجدية وعطف ملكي سامي متجدد وهي كلها عناوين لنجاح محقق بإذن الله”.