وقف عمر صبحي، طيلة 19 سنة من العمل كإطار إداري في المستشفى الإقليمي سيدي حساين بناصر بورزازات، على مشاكل هيكلية يعيشها القطاع بشكل عام، معبرا عن أمله في تظافر جهود القوى السياسية والحكومة لجعل هذا القطاع أولوية وطنية، بما يضمن تحسين الولوج إليه كخدمة عمومية.
يحكي صبحي أن المستشفى الإقليمي بورزازات يعيش ضغطاً كبيراً يوماً بعد آخر، جراء توافد المرضى من الأقاليم المجاورة، اكتضاض يقابله ضعف في الموارد البشرية، من الأطر الطبية وشبه الطبية، يضيف المتحدث.
ويقول صبحي إنه لا يمكن أبداً اعتبار مستشفى إقليمي بمثابة مستشفى جهوي، وهو نفسه، يرسل عدداً من المرضى للتطبيب بجهات أخرى بالمغرب. “المستشفى الجهوي الوحيد يوجد بالراشيدية، وهي مدينة تبعد عن جل أقاليم الجهة، مما يجعل التطبيب بها أمرا صعباً”، يوضّح.
لهذا السبب اجتمع صبحي وعدد من زملائه وأصدقائه، ليشكلوا نواةً لمساعدة المرضى في حالات معوزة. يوجهون المرضى ويشرحون لهم الوضع العام للمستشفيات بالإقليم ويتدخلون أحياناً لنقل الحالات المتقدمة في المرض إلى مراكش أو أكادير.
ويؤكد صبحي أن العمل الجمعوي لا يمكن أن يكون بديلا لدور الدولة، واصفاً إياه بالمكمل ذي الإمكانيات والصلاحيات المحدودة، ويشدد على أن دور الفاعل والمؤسسة الحزبية في هذا الإطار، هو الترافع عبر أجهزتها لتحسين الأوضاع وفق تصورات مدروسة واقتراحات قابلة للتنفيذ.
ويستدل صبحي بما يحمله “مسار الثقة” من مضامين، خاصة بالقطاع الصحي، معتبرا أنه تشخيص دقيق، نابع من عمق الواقع اليومي المعاش، ويؤكد أن إعادة النظر في المنظومة الصحية يجب أن يكون هدفه الأساسي هو خفض التكلفة التي يتحملها المريض.
فالتجمع الوطني للأحرار اقترح هيكلة للإصلاح مبنية على دعائم تتعلق بتنظيم سلسلة العلاجات، وتحفيز الأطر الطبية، وكذا دعم الحكامة، والرفع من الميزانية الوطنية المرصودة لقطاع الصحة.
ويطمح الحزب، حسب صبحي، لضبط مسار العلاج، والترافع من أجل العمل بنظام “طبيب الأسرة” الذي سيكون مسؤولا عن توجيه الأسرة المغربية في مسار العلاج، وهو ما سيمكن المواطنين من الولوج لأقرب مركز صحي للحصول على العلاجات الأولية وبالتالي تخفيف الضغط عن المستشفيات.
“لا شك أن الحزب اليوم يقوم بدوره الترافعي لتحسين الخدمات الصحية، عبر فريقيه بالبرلمان من أجل توحيد بنية وتجهيزات مراكز القرب وإعادة النظر في الخارطة الصحية لتتلائم مع احتياجات وخاصيات كل منطقة، والعمل على إحداث دور الصحة في إطار شراكة مع الجماعات المحلية وجمعيات الأطباء”، يسجّل المتحدث.
فتحسين الخدمات الصحية لا يمكن أن يكون إلا بتحسين وضعية الأطر الصحية، يشدد على ذلك صبحي، وذلك عبر توفير ظروف عمل جيدة وتعويضات مناسبة للعاملين في المناطق النائية، وتمكين الأطباء من نظام أساسي يتلائم مع خصوصية العمل الذي يقومون به، داعيا في هذا الإطار إلى تعميم تجربة تنزنيت، التي أرست آلية لتحفيز الأطر الصحية للاستقرار بالعالم القروي.
ولفت المتحدث إلى أن تحسين العرض الصحي على المستوى الجهوي، يقتضي خلق شبكات صحية جهوية متعددة التخصصات تتميز بالاستقلالية والتدبير الذاتي للموارد، بشرط توفرها على غرف للعمليات جاهزة للاستعمال في أي وقت، وعلى طاقم طبي متخصص للمداومة، وعلى نظام صارم للحراسة والأمن والنظافة، وترتبط هذه الشبكات بأسطول من سيارات الإسعاف المجهزة، موزعة على تراب الجهة للتعامل مع الحالات المستعجلة مع خلق مراكز اتصال لاستقبال مكالمات المواطنين على مدار الساعة.