أفاد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أن الحكومة تعمل على تعزيز مقاربة النوع في الإدارة العمومية، عبر خطط العمل المتعلقة باستراتيجية “مأسسة المساواة بين الجنسين في الوظيفة العمومية”، وذلك بهدف تعزيز قابلية التوظيف والتمكين الاقتصادي للنساء، وتحسين تمثيليتها على مستوى هيئات اتخاذ القرار بمختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية.
وأوضح قائلا، خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس النواب، إنه للتسريع من وتيرة تفعيل الخطة الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز قدرات المرأة ودعم قيادتها، تم التركيز على مجموعة من الإجراءات.
ومن أهم هذه الإجراءات، يضيف أخنوش، تم تعزيز القدرات القيادية لممثلات شبكة التشاور المشتركة بين الوزارات ونقط ارتكاز النوع الاجتماعي ووكلاء الإدارة فيما يخص مأسسة المساواة في الوظيفة العمومية على الصعيدين المركزي والترابي، إضافة إلى دعم ومواكبة آليات مأسسة المساواة في الوظيفة العمومية، فضلا عن التواصل والتوعية وتعميم أدوات التسيير على المستوى المركزي والترابي.
وفي إطار تنفيذ مضامين استراتيجية مأسسة مقاربة النوع بالوظيفة العمومية، وبغية تعزيز تواجد المرأة في مختلف مناصب المسؤولية، كشف أخنوش أن الحكومة تعمل على اتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها تمكين المرأة من التوفيق بين الحياة المهنية والحياة الخاصة، وكذا تعزيز الترسانة القانونية بنصوص تهدف إلى تمكينها من العمل في ظروف أفضل تراعي خصوصيتها. مع مراعاة حقوق النساء الموظفات انسجاما مع مبدأ المسؤولية المشتركة الذي تقوم عليه الأسرة المغربية.
كما تم إقرار عدد من التدابير والإجراءات الرامية إلى تكريس الحقوق المرتبطة بالأمومة وترسيخ المساواة في رعاية الأطفال والتي تهم، سرد منها أخنوش مسألة استفادة الموظف الرجل الذي ولد له طفل أو أسندت إليه كفالة من رخصة عن الأبوة، مدتها 15 يوما متصلة ومؤدى عنها، بالإضافة إلى استفادة الموظفة التي أسندت إليها كفالة طفل، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، من رخصة عن الكفالة.
وذكر أخنوش بالاتفاف التي كانت قد أبرمته الحكومة ومع النقابات وأرباب العمل على تعديل مدونة الشغل، لحل عدد من الإشكالات من بينها دعم المساواة بين الجنسين في فضاء العمل، حيث تعمل الحكومة على فتح النقاش حول تعديل مدونة الشغل.
وفي إطار سعيها لتعزيز حماية المرأة من كافة أشكال العنف الممارس ضدها، أفاد أخنوش أن الحكومة تعمل على إدراج محاور التدخل لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات في إطار استراتيجيتها : “جسر نحو تنمية اجتماعية دامجة ومبتكرة ومستدامة 2022 – 2026”.
ويأتي ذلك “من خلال نهج جديد يهدف إلى بناء رؤية شمولية ومقاربة تشاركية مع كافة الفاعلين، بإدماج مقاربات جديدة منها تقوية الوقاية عبر الاستثمار في قنوات التنشئة الاجتماعية مثل الأسرة، باعتبارها رافعة للتنمية الاجتماعية الدامجة والمستدامة”، يتابع أخنوش.
وأبرز رئيس الحكومة أنه سيتم اعتماد الرقمنة لمواجهة الظاهرة وتسهيل الولوج للخدمات، عبر استثمار التكنولوجيات الحديثة في التوعية والتحسيس، والوقاية من العنف وتطوير حلول تكنولوجية لتسهيل التبليغ عن العنف والحماية منه والرفع من فعالية توجيه ومواكبة النساء والفتيات.
وسجل أخنوش أن الحكومة تحرص، في إطار مقاربتها الشاملة، على مواكبة تفعيل القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الذي يعتمد على المبادئ الأساسية المتبعة في التصدي لظاهرة العنف ضد النساء، وهي زجر مرتكبي العنف، والوقاية من العنف، وحماية ضحايا العنف، والتكفل بضحايا العنف. وهو القانون الذي مرت على دخوله حيز التنفيذ أزيد من خمس سنوات.
وأكد أخنوش أن للمقاربة الوقائية دورها أيضا في محاربة العنف، وهو ما يحتم نهج سياسة متعددة الأبعاد لوقف انتشار هذه الظاهرة وتقليص مؤشراتها إلى أدنى المستويات الممكنة، وهذا ما سعت الحكومة إلى بلوغه، من خلال اعتماد الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026 من طرف ” اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة” في اجتماعها المنعقد يوم 17 مارس 2023.
وأورد أن المكون الثاني للخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026 نص على ضرورة نهج سياسة عدم التسامح كليا فيما يخص العنف ضد النساء، واعتماد إجراءات زجرية صارمة مع السهر على تطبيقها، وتعزيز الشراكة بين الفاعلين المعنيين على طول سلسلة حزمة الخدمات المقدمة، من أجل تكفل أحسن بالنساء ضحايا العنف.
أما على مستوى منظومة التكفل بالنساء ضحايا العنف، لفت أخنوش إلى عمل الحكومة على إحداث وتأهيل 83 مؤسسة متعددة الوظائف لفائدة النساء ضحايا العنف، بهدف توفير مركز بكل إقليم لتوفير خدمة الإيواء، والتي تعتبر حلقة جد مهمة وأساسية في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف، إضافة إلى خدمات أخرى تتجلى في الاستماع والمواكبة الاجتماعية والاقتصادية من خلال توفير تكوينات متنوعة داخل هذه الفضاءات للاستجابة لحاجيات وانتظارات المستفيدات من خدماتها، وكذا إخراجهن من دائرة العنف.
ونبه أخنوش إلى المستويات المقلقة التي وصل إليها العنف الرقمي ضد النساء حسب الإحصائيات الرسمية، حيث أشار أن مليون ونصف امرأة للعنف الرقمي خلال سنة 2022، مؤكدا أن هذا يدعو إلى ضرورة التدخل الفوري لتطويق الظاهرة والحد من آثارها السلبية، وتبني مقاربة جديدة بآليات قانونية رادعة للعنف الجديد الذي تتعرض له المرأة المغربية.
وفي هذا المجال، أعلن أخنوش أن الحكومة قامت بتنظيم الحملة الوطنية للتحسيس بمخاطر العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، وقد سعت هذه الحملة إلى إبراز الوعي المجتمعي حول العنف الرقمي ومخاطره، وكذا تدارس سبل تعزيز الوقاية من آثاره وعواقبه.
كما تمكنت الحكومة، يضيف أخنوش، وبإشراف مباشر من وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، من تنظيم أكثر من 370 نشاطا بمختلف جهات المملكة، وبمشاركة أزيد من 27 ألف مشاركة ومشارك، كما بلغ عدد مستعملي شبكات التواصل الاجتماعي، الذين مستهم الحملة، حوالي 1.500.000 شخص.
وعلى صعيد آخر، أبرز أخنوش أن ظاهرة زواج القاصرات باتت تؤرق بال كل الفاعلين والمؤسسات، وتشكل إحدى الظواهر المقلقة، التي تمس بصورة تعاطي المجتمع المغربي المعاصر مع قضايا الطفولة، مشيرا إلى أنه رغم تقييدها بإطار تشريعي وقضائي لا تزال بلادنا تسجل حوالي 13.000 حالة سنويا.
وفي إطار التصدي لهذه الظاهرة، أشار أخنوش إلى أن الحكومة انخرطت في “خطة العمل المندمجة لمناهضة زواج القاصرات”، والتي جاءت كمبادرة نوعية من رئاسة النيابة العامة، وإضافة لسلسلة المشاريع والأوراش الكبرى، التي انخرطت فيها البلاد لمناهضة العنف ضد النساء وحماية الطفولة ومحاربة الهشاشة.
ترتكز هذه الخطة، يضيف أخنوش، على أربعة محاور تهم تغيير العقليات والموروث الثقافي، والسياسات العمومية، والإجراءات القضائية ثم التشريع، مبرزا أنه تم إعداد هذه الخطة بشراكة بين رئاسة النيابة العامة والقطاعات الحكومية المتدخلة في الموضوع.