أفاد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أن استحضار ملامح النجاح المغربي في مختلف أبعاده التنموية، يقتضي التوقف عند مختلف الجهود المبذولة لتأمين المجالات الحيوية بالبلاد، وعلى رأسها الأمن المائي والغذائي.
وأشار، خلال جلسة الأسئلة الشفوية الشهرية حول السياسات العامة، اليوم الاثنين إلى أن للقطاع الفلاحي مكانة محورية ضمن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، مبرزا أنه تم إنجاز 55 مشروعا في هذا الصدد، بغلاف مالي يفوق 4,9 مليار درهم، تشمل مشاريع الفلاحة التضامنية والري وإعداد المجال الفلاحي، إضافة إلى مراكز التكوين المهني، بهدف تعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص الشغل وتحسين الدخل المحلي.
ومن أبرز هذه المشاريع، يضيف رئيس الحكومة، مشروع تحلية مياه البحر بالداخلة الذي يمثل نموذجا رائدا في تعبئة الموارد المائية غير التقليدية بكلفة 2,6 مليار درهم، بطاقة إنتاج سنوية تصل إلى 30 مليون متر مكعب.
وكشف إلى أن نسبة تقدم الأشغال بلغت 75% بالمحطة و100% في محطة الطاقة الريحية المرتبطة بها، “وسيمكن المشروع من سقي مساحة 5.200 هكتار عبر 219 مشروعا فلاحيا تخلق استثمارا خاصا قدره 4 مليارات درهم، وتوفر 20 ألف منصب شغل قار”، على حد قوله.
وأشار إلى أنه تم إنجاز مشروع الجريفية ببوجدور بكلفة 450 مليون درهم على مساحة 250 هكتارا، مما سيمكن من إنتاج 13 ألف طن من الطماطم وخلق 440 فرصة عمل.
كما تم إطلاق 48 مشروعا للفلاحة التضامنية بغلاف مالي يناهز 1,36 مليار درهم لفائدة أكثر من 35 ألف مستفيد، وقد أنجز 40 مشروعا بالكامل.
هذا وعرف مشروع تنمية المراعي وتنظيم الترحال بجهتي الداخلة وكلميم “نسبة إنجاز تقارب 100%، حيث تم تهيئة 140 ألف هكتار من المحميات الرعوية و263 نقطة ماء، مما ساهم في الحفاظ على النظم البيئية وتحسين إنتاجية المراعي”، على حد قول الرئيس.
ومنذ إطلاق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية سنة 2015 بتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أكد أخنوش أن قطاع الصيد البحري شكل أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الجهات.
وأسهمت الاستراتيجية الوطنية للصيد البحري، حسب رئيس الحكومة، في تحقيق أهداف العدالة المجالية واستدامة الثروات البحرية، عبر مقاربة تدمج تثمين الإنتاج المحلي وخلق فرص الشغل وتأهيل الكفاءات.
وأشار إلى أن الكميات المصطادة عرفت نموا بنسبة 1,8% سنويا من حيث الحجم وتقريبا 10 في المائة من حيث القيمة بين سنتي 2010 و2024، لتبلغ 1,14 مليون طن بقيمة 10,2 مليار درهم.
كما ارتفعت الاستثمارات الخاصة في صناعات الصيد من 90 مليون درهم سنة 2010 إلى تقريبا 500 مليون درهم سنة 2024، في حين تجاوز عدد وحدات التحويل والتثمين 186 وحدة، “أما التشغيل المباشر فبلغ 33 ألف منصب سنة 2024 مقابل 10 آلاف سنة 2010″، على حد قوله.
وأشار إلى أن الأقاليم الجنوبية تغطي 57% من الاستثمارات الوطنية في القطاع، مما يعكس جاذبية هذه الجهات للمستثمرين بفضل بنياتها المينائية وموقعها الاستراتيجي.
“وتنفذ في هذه الأقاليم مشاريع بنيوية كبرى بغلاف مالي إجمالي يفوق 3,50 مليار درهم تشمل بناء 16 نقطة تفريغ مجهزة وقرى للصيادين، وإنشاء أسواق سمك حديثة بالعيون، بوجدور، وطانطان، إلى جانب مصانع للثلج وغرف مبردة وتعميم الرقمنة في المزاد العلني”، على حد قوله.
وأشار إلى تجهيز القوارب التقليدية بصناديق عازلة وأجهزة تتبع بالأقمار الاصطناعية.
وعلى مستوى قطاع تربية الأحياء المائية، أبرز أخنوش إلى أنه يشهد دينامية غير مسبوقة، إذ “تضم جهة الداخلة وحدها 240 مزرعة مرخصة باستثمار يفوق مليار درهم وإنتاج مرتقب يناهز 92 ألف طن سنويا، مما خلق أكثر من 11 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشر”، حسب أخنوش.
كما تم اقتناء سفن بحث متطورة وخافرات للإنقاذ وتجهيز مراكز التكوين بخمسة معاهد بحرية في العيون، طانطان، الداخلة، بوجدور، وسيدي إفني، على حد قول أخنوش.
وعلى صعيد آخر، “تشكل اليوم الأقاليم الجنوبية للمملكة قاطرة حقيقية للسياحة المغربية، وإحدى أهم ركائز خارطة الطريق الوطنية للسياحة بالنظر لما توفره من مؤهلات طبيعية وشاطئية جذابة، يجعل منها وجهة سياحية تنافسية على الصعيد الدولي والإقليمي”، حسب تعبيره.
واعتبر أخنوش أن لهذا التصور الحكومي نتائج جد مشجعة في الأقاليم الجنوبية، حيث “تم تسجيل تطور ملحوظ في الطاقة الإيوائية المصنفة بالأقاليم الجنوبية للمملكة خلال الفترة ما بين 2020 و2025، حيث ارتفع مجموع عدد الأسرة من 5.697 سريرا سنة 2020 إلى 7.441 سريرا سنة 2025، أي بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 5%”، وفق وصفه.
وأكد على أن هذا التطور يعكس الدينامية التي تعرفها جهات الجنوب في المجال السياحي، خاصة في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز البنيات التحتية الفندقية وتطوير العرض السياحي المتنوع.
وكشف أن جهة الداخلة–وادي الذهب تسجل أعلى نسبة نمو، حيث ارتفعت طاقتها من 2.016 إلى 3.062 سريرا خلال خمس سنوات، متبوعة بجهة العيون–الساقية الحمراء التي بلغت 2.538 سريرا سنة 2025.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تبرز نجاح الجهود المبذولة في جعل الأقاليم الجنوبية قطبا سياحيا متكاملا، يجمع بين السياحة الساحلية والبيئية والثقافية، في انسجام مع أهداف النموذج التنموي الجديد.
وتجسيدا لإيمان مختلف القطاعات الحكومية وخاصة الإنتاجية بأهمية العمل التعاوني والاقتصاد التضامني كآلية لتعزيز التنمية وخلق فرص الشغل، “تعرف الأقاليم الجنوبية ارتفاعا ملحوظا لعدد التعاونيات، حيث تنشط بها ما يناهز 7.300 تعاونية، يشتغل ضمنها 50.000 منخرطة ومنخرط”، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن هذه التعاونيات تتجلى أساسا في مجالات الفلاحة والصيد البحري والصناعة التقليدية والسياحة وغيرها، حيث يتجاوز رقم معاملاتها 300 مليون درهم.




