أبرز عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الإثنين بمجلس النواب، أن الحكومة الحالية حظيت بشرف وضع لبنات المشروع الملكي الضخم لتنزيل ركائز الدولة الاجتماعية، عبر إقرار سياسة اجتماعية متكاملة، ستشكل صمام أمان ضد الصدمات والتحديات المستقبلية.
وتابع، خلال جلسة عمومية تخصص للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، أن الحكومة التزمت بتعميم الحماية الاجتماعية وفق الأجندة المحددة لها، ووضع إصلاحات هيكلية لقطاعات الصحة والتعليم وتقليص الفوارق.
وأبرز أن بلوغ هذا النجاح الاجتماعي يعكس جهود الحكومة في تشييد صرح مؤسساتي حديث من البنيات التحتية الاجتماعية ذات الولوجية الجيدة، لمواكبة هذا الانتقال التاريخي.
وأفاد رئيس الحكومة أن النتائج المحققة بخصوص تعميم التغطية الصحية الإجبارية والدعم الاجتماعي المباشر، استفادت بشكل كبير من المراجعة العميقة لآليات الاستهداف الاجتماعي للأسر، ومن وضع السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد باعتبارهما بنية تحتية رقمية ساهمت في التوجيه الناجع لآليات الدعم.
وقد شمل هذا الإصلاح، يضيف أخنوش، تدارك الخصاص الهيكلي في المجالات الاجتماعية، لاسيما في قطاعات الصحة والتعليم والتكوين والسكن والتنمية الحضرية والبشرية بشكل عام.
بالنسبة للبنيات التحتية الصحية، أفاد أخنوش أن الحكومة تواصل تنزيل مشروع تأهيل 1.400 مركز صحي للقرب، بلغت وتيرة إنجازها أزيد من 60%، مشيرا إلى أنها تعمل على مواصلة واستكمال بناء وتجهيز المراكز الاستشفائية الجديدة بكل من العيون وكلميم والراشيدية وبني ملال بطاقة سريرية تقدر بـ 1.820 سرير ومواصلة تجهيز المستشفى الجامعي لأكادير، إضافة إلى إعادة بناء وتجهيز مستشفى ابن سيناء بالرباط.
واستحضر أخنوش كذلك مواصلة الحكومة بناء وإعادة تأهيل 78 مؤسسة صحية جهوية وإقليمية و40 مستشفى للقرب، لترتفع الطاقة السريرية لهذه المراكز بــ7.607 سرير.
كما تطرق أخنوش إلى إرساء منظومة حكامة فعالة للأمن الصحي ووضع أسس السيادة الصحية، عبر تطوير قدرات إنتاج الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية الأساسية، مع الرفع من إمكانات رقمنة القطاع.
وأشار رئيس الحكومة إلى رفع ميزانية الصحة من 18 مليار درهم سنة 2020، إلى أزيد من 30 مليار درهم سنة 2024، وحوالي 33 مليار درهم برسم قانون المالية لسنة 2025.
وفيما يخص مجالات التربية والتكوين، استعرض أخنوش أهم الإنجازات في هذا الباب، من خلال خلق فضاءات مدرسية جذابة قادرة على استيعاب محاور خارطة الطريق الجديدة، لاسيما فيما يخص تعميم التعليم الأولي، وإرساء مؤسسات الريادة، والارتقاء بالرياضة المدرسية، وتطوير المدارس الجماعاتية والأقسام الداخلية والإطعام المدرسي.
“وبإرادة سياسية قوية، تم الرفع من ميزانية القطاع من 62 مليار درهم سنة 2022، إلى أزيد من 85 مليار درهم سنة 2025 “، يضيف أخنوش.
وأشار أخنوش إلى أن الجامعة المغربية تستفيد بدورها من هذه الدينامية الانتقالية، حيث “وضع المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي، ضمن أهدافه الأساسية مراجعة نموذج الحكامة المؤسسية للقطاع، عبر التركيز على تحسين ولوجية الجامعات الوطنية وتعزيز طاقتها الاستيعابية وإعادة النظر في فضاءات البحث والتحول التكنولوجي”، على حد قوله.
ومن جهة أخرى، أفاد أخنوش أن الحكومة اعتمدت تدابير غير مسبوقة لتحسين جاذبية التكوين المهني خاصة من خلال التعجيل بإعمال خارطة الطريق المتعلقة بمدن المهن والكفاءات، التي تعرف وتيرة إنجازها مستوى متقدما في الجهات الإثني عشر للمملكة، والتي ستشكل رافعة مؤسساتية في تحديد حاجيات الجهات من الكفاءات وصياغة برامج التكوين.
وفي هذا الصدد، تطرق أخنوش إلى افتتاح 7 مدن للمهن والكفاءات حاليا على مستوى 7 جهات، و”من المزمع افتتاح الخمس مدن المتبقية بباقي الجهات برسم الموسم الدراسي 2025-2026، وستوفر هذه المدن عند اكتمالها 34.000 مقعدا بيداغوجيا و5.600 سريرا بالأحياء الداخلية”، يضيف أخنوش.
وفي إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تدبير التكوين المهني، “بلغ عدد معاهد التدبير المفوض 14 معهدا للتكوين في المهن الاستراتيجية لبلادنا على غرار: صناعة السيارات، الطيران، الطاقات المتجددة، النقل والخدمات اللوجستيكية، والنسيج والألبسة والفلاحة، والتي تحقق معدل إدماج مهني يصل إلى 70%”، حسب ما أبرزه أخنوش.
أما بالنسبة للبنيات التحتية المجالية، أبرز رئيس الحكومة أن التوجهات الاستراتيجية التي ينهجها المغرب، منحته سبقا مهما مقارنة بدول المنطقة، ومكنته من ولوج أسواق وقطاعات جديدة، داخل جغرافية متغيرة للنمو العالمي.
وأوضح أن البلاد تمكنت، بفضل تطلعات ومجهودات جلالة الملك، من نيل شرف تنظيم كأس الأمم الإفريقية لسنة 2025 وكأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، على أن البلاد باتت وجهة جذابة للتظاهرات الدولية الكبرى.
في هذا السياق، أفاد أخنوش إلى أن الحكومة تعمل على تنزيل التوجيهات الملكية السامية للقيام بكل التدابير اللازمة “حتى نكون في مستوى دفتر التحملات الذي وضعته الفيفا، وهو ما يتطلب رؤية مندمجة وتعبئة شاملة في هذا المجال”، حسب قوله.
وأفاد أن الاستعداد لتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم سنة 2030 يشكل محفزا حقيقيا وفرصة فريدة لتعزيز النمو الاقتصادي في بلادنا من خلال جذب المستثمرين المحليين والأجانب وتسريع الاستثمارات المقررة في عدة قطاعات، بما في ذلك كرة القدم والبنية التحتية الرياضية، والنقل، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن والصحة.
وكشف أن عمليات إعادة تأهيل البنيات التحتية التي ستستضيف هذه الاستحقاقات تجري على قدم وساق حاليا، في إطار برنامج لإعادة تأهيل وبناء الملاعب الكبرى الذي أطلقته الحكومة بكل من: الرباط، طنجة، مراكش، فاس، أكادير والدار البيضاء، وتحديث 45 ملعبا وموقعا للتداريب، إلى جانب تشييد الملعب الكبير الحسن الثاني ببنسليمان، بطاقة استيعابية تصل إلى 115.000 مقعد.
وفيما يتعلق بالتنمية الحضرية والمندمجة للمدن، أبرز أخنوش أنه يتم الآن إنجاز برامج تنموية لتثمين التراث الثقافي والحضاري، والمحافظة على المساحات الخضراء والمحيط البيئي، وتحسين الولوج للخدمات والتجهيزات الاجتماعية للقرب ودعم الحكامة الجيدة، وحماية وتأهيل النسيج العمراني، وتعزيز وتحديث تجهيزات النقل، وتعزيز وتقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية وغيرها.
“كما تعمل الحكومة على تنزيل برنامج خماسي للفترة 2024-2028 لتسريع وتيرة محاربة السكن غير اللائق والقضاء على دور الصفيح بشكل نهائي لفائدة 120.000 أسرة مستهدفة، وهو برنامج يقوم على أساس الدعم المباشر كآلية مالية محفزة لإعادة الإسكان في وحدات سكنية بتكلفة 250.000 درهم أو 300.000 درهم، عبر تعبئة وحدات عقارية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص”، على حد تعبير أخنوش.
وأورد أن الحكومة تعمل على إنجاز مشاريع كبرى موضوع اتفاقيات الشراكة المتعلقة ببرنامج التنمية الحضرية لأكادير، وإعادة تأهيل المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، وإنجاز القطب الثقافي لمدينة فاس، وبرنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لطنجة.
وكشف رئيس الحكومة أنه سيتم بناء مركز حماية وتثمين موقع سجلماسة ومركز التعريف بالتراث الأركيولوجي لجبل إيغود باليوسفية، ومواصلة إنجاز مشاريع ترميم وصيانة الحمامات الرومانية بالموقع الأثري شالة، ومواصلة ترميم قصبة تمارة، إضافة إلى مشاريع الترميم والتأهيل والتثمين للمعالم التاريخية المتضررة من زلزال الحوز، وغيرها من مشاريع البنيات التحتية الثقافية والإنسانية.