أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين بالرباط، أنه في ظل هذا السياق الصعب، بات من الضروري الاعتماد على بدائل وخيارات مستدامة لضمان الأمن المائي ببلادنا، من خلال اللجوء إلى تعبئة موارد مائية غير اعتيادية، خاصة وأن بلادنا تتوفر الحمد لله على إمكانيات هامة ينبغي تثمينها واستغلالها، وتتمثل أساسا في واجهتين بحريتين تمتدان على 3500 كيلومتر.
وأضاف أخنوش في الجلسة العمومية للأسئلة الشفوية الشهرية بمجلس النواب حول موضوع “السياسة المائية بالمغرب”، أنه على غرار محطة جهة سوس- ماسة، المتواجدة بإقليم اشتوكة- أيت باها، التي ينبغي الإشادة بها كتجربة ناجحة، والتي تمكن من إنتاج 400 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يوميا عند استغلال سعتها القصوى، توجه للاستعمالات السقوية والتزود بمياه الشرب، تشرع الحكومة حاليا في مواصلة الدراسات لإنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر بجهة الدار البيضاء – سطات التي ستبلغ قدرتها الإنتاجية 300 مليون متر مكعب في السنة، وذلك في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، مما سيمكن من توفير الماء لساكنة هذه الجهة، وتخفيف الضغط على حوضي أم الربيع وأبي رقراق.
كما أن استخدام المياه العادمة، يؤكد أخنوش أنه يعد خيارا حاسما لمواجهة تحدي الإجهاد المائي ببلادنا، ما من شأنه أن يساهم في التقليل من تلوث الفرشة المائية، ومن تدفق التلوث المتبقي الذي يتم تصريفه في البيئات المستقبلة، وهو ما يحتم علينا استغلال هذه المياه بطرق ناجعة.
وفي هذا الإطار، أشار أخنوش إلى أن الحكومة قامت بإعداد اتفاقية تهم إنجاز 8 مشاريع لإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، ستوفر حوالي 12 مليون متر مكعب من المياه في السنة، بكلفة 454 مليون درهم، بكل من قلعة السراغنة، وجدة، الرباط، سلا، الصخيرات، تمارة، بنسليمان، الراشيدية، العيون، شتوكة أيت باها والحسيمة، مضيفا أنها كما تعمل على توسيع شبكة تطهير السائل، والرفع من إعادة استعمال المياه العادمة، وفق البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج (PNAM)، الذي يستهدف 150 مركزا حضريا و1200 مركز قروي.
ولتحقيق العدالة المجالية، أكد رئيس الحكومة أن هذه الأخيرة تعمل على تفعيل مشاريع الربط بين المنظومات المائية، بفعل تركز نصف الواردات السطحية في الأحواض الشمالية الغربية التي لا تتعدى مساحتها 7 في المائة من مجموع التراب الوطني، عبر إنجاز الدراسات الضرورية الخاصة بالربط بين أنظمة المياه المتعلقة بالأحواض المائية، آخذة بعين الاعتبار المستجدات المرتبطة بالطلب على الماء، وتأثير التغيرات المناخية، فضلا عن دراسة مشروع تحويل الفائض من المياه انطلاقا من حوض سبو نحو حوضي أبي رقراق وأم الربيع.
وفي هذا الصدد، أوضح أردف أخنوش أنه تم إطلاق إنجاز مشروع الشطر الاستعجالي لربط سد المنع المتواجد في حوض سبو، بسد سيدي محمد بن عبد الله المتواجد في حوض أبي رقراق بصبيب 15 متر مكعب في الثانية وبتكلفة تقدر ب 6 مليار درهم.
وبهذه المناسبة، أشاد رئيس الحكومة بتوفر بلادنا على شركات وطنية رائدة في هذا المجال، ستساهم لا محالة في إنجاح هذا الورش وتنفيذه وفق الالتزامات والآجال القانونية المتفق عليها.
وتابع : “إننا نعيش اليوم لحظة وطنية فارقة تطبع مسارنا التنموي والمجتمعي، تستدعي مزيدا من اليقظة المؤسسية بغية استشراف المستقبل بكل عزيمة وثقة، من خلال الانكباب على تجويد مضامين مشروع المخطط الوطني للماء لسنة 2050، استنادا للتوجيهات الملكية السامية وتوصيات النموذج التنموي الجديد، مع تزويده بآليات الحكامة والتتبع والتقييم الضرورية لضمان فعاليته، علما أن هذا المخطط سيكلف ما يقارب 383 مليار درهم على مدى الثلاثين سنة المقبلة، يمول جزء كبير منه من الميزانية العمومية” .
ويُتوقع أن يساهم هذا المخطط في أفق سنة 2050، وفق رئيس الحكومة، في تعبئة 4.5 مليار متر مكعب إضافية من المياه، وذلك عبر مواصلة سياسة السدود الكبرى، وإنجاز مشاريع للربط بين الأحواض لضمان تدبير مرن للموارد المائية، وتجميع مياه الأمطار، وإنجاز السدود الصغرى والبحيرات التلية لدعم التنمية الترابية، مع تطوير تحلية مياه البحر لتبلغ القدرة الإنتاجية مليار متر مكعب في السنة، وإعادة استعمال 340 مليون متر مكعب في السنة من المياه العادمة المعالجة، وخفض معدل توحل السدود بنسبة تتراوح بين 10% و20% عبر تهيئة الأحواض المائية.
وتسعى بلادنا، وفق هذا التصور الاستراتيجي، يضيف أخنوش، نحو بلوغ تدبير أمثل للطلب على الماء وتثمينه لتوفير 2.5 مليار متر مكعب من خلال الربط بين الأنظمة المائية، وتحسين مردودية شبكات توزيع الماء الشروب (80 % في عام 2030 و 85 % ابتداء من 2040)، إضافة إلى مواصلة برنامج الاقتصاد في مياه السقي، لتصل نسبة 70% من المساحات المسقية، وتعزيز التجهيزات الهيدروفلاحية العصرية للمساحات المرتبطة بالسدود، ناهيك عن صياغة برنامج لتجميع وتثمين مياه الأمطار.
وأشار إلى أن هذا المخطط يروم المحافظة على المياه الجوفية وإرساء تدبير تشاركي ومستدام في إطار تعاقدي وتقليص استغلال المياه الجوفية بنسبة 50 % في أفق 2030 وتحقيق التوازن في أفق 2050، إضافة إلى تعزيز آليات الرقابة والوقاية من الفيضانات ووضع برنامج لتهيئة مجاري الأودية، وهو ما يتطلب تعبئة شاملة من أجل نموذج جديد للإنتاج والاستهلاك المستدام للموارد المائية.
وبهذه المناسبة، أكد أخنوش بأن الدولة، بجهودها المتضافرة، ستبذل أقصى إمكانياتها لتسريع إنجاز مختلف المشاريع المتأخرة نتيجة غياب الاستباقية، خلال مرحلة من المراحل، في التعاطي مع المتغيرات المتسارعة.
وقال: “وفي انتظار تحقق هذه المشاريع، وأخص بالذكر مشروع ربط حوضي سبو وأبي رقراق، نتمنى في الوقت الراهن، وبكل صراحة وموضوعية، أن تؤجل أمطار الخير التهديدات الواقعية بتراجع إمدادات الماء الشروب بمجموعة من المدن نظير مراكش الكبرى حيث بلغ مخزون سد المسيرة مستويات جد مقلقة”.