أكد يوسف شيري، النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الذي عقد يوم الثلاثاء 25 نونبر 2025، برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن مشروع القانون رقم 59.24 الخاص بالتعليم العالي والبحث العلمي ليس مجرد تعديل تقني عابر، بل يمثل تحوّلًا جذريًا في فلسفة تدبير منظومة التعليم العالي بالمغرب.
وأوضح شيري أن الجامعة المغربية لم تصل إلى وضعها المتردّي الحالي صدفة، بل نتيجة سنوات طويلة من السياسات المرتبكة والتدبير غير الحكيم الذي اتسم بالارتجال والمحسوبية وغياب الحكامة الجيدة. فقد كانت سنوات طويلة تمرّ فيها الجامعة بمنطق الترقيع، حيث تُخفى الاختلالات بالبلاغات، ويُغطّى الفشل بالشعارات، فيما تزداد التحديات تعقيدًا، وتتعثر المؤسسات الجامعية بسبب الاكتظاظ، وافتتاح مسالك بلا دراسة جدوى، وضعف البنية التحتية، وانعدام صلاحيات حقيقية للمجالس الجامعية.
ومع ذلك، يرى شيري أن هذه الحكومة الحالية تتمتع بالجرأة والشجاعة لمواجهة هذه التحديات بشجاعة غير مسبوقة، من خلال إصلاح حقيقي قائم على تشخيص دقيق وشفاف للواقع، وإرادة حازمة لمواجهة مقاومة التغيير والمصالح المتجذرة في ظل الفوضى السابقة. وأشاد بدور وزير التعليم العالي الذي أعاد الاعتبار لفلسفة الإصلاح، وفتح الملفات التي هرب منها كثيرون، وأدار عملية التغيير برؤية واضحة ومسؤولية.
وأكد النائب أن مشروع القانون يكرّس حكامة واضحة وشفافة، وينهي منطق الضبابية في اتخاذ القرار، ويواكب التطورات المعاصرة عبر إدخال الرقمنة، وتقييم الأداء، وتطوير البيداغوجيا الحديثة، وإعادة الاعتبار للأستاذ الباحث وحمايته. ورفض بشدة التصريحات التي وصفت الإصلاح بكونه تهديدًا أو تسرّعًا، مشددًا على أن التغيير تأخر كثيرًا، وأن التشكك في المشروع هو مجرد محاولة لإجهاض الإصلاح.
وأشار شيري إلى أن مفهوم الاستقلالية الجامعية الذي تعودنا عليه كان مجرد شعار يُستخدم للتملص من المحاسبة، بينما الواقع كان فوضى مقنّعة تُدار بمنطق الولاءات، في حين يعيد مشروع القانون الاستقلالية الحقيقية التي تربط الحرية بالمحاسبة، والقرار بالكفاءة.
كما أكد أن مقاومة الرقمنة ورفض تأسيس أقطاب جامعية رقمية هي مقاومة لتغيير ضروري لا مفر منه، مشابهة لرفض الكهرباء في وقت مضى، مؤكدا أن الجامعة المغربية يجب أن تتطور لتواكب التحولات العالمية، وتغادر عقلية الفوضى والارتجال.
في الختام، أعلن يوسف شيري دعم فريقه الكامل لهذا المشروع الإصلاحي الجذري، مؤكدًا أن مرحلة الفوضى والامتيازات غير المستحقة قد انتهت، وأن المغرب اليوم يبدأ مرحلة جديدة من الجامعة الحديثة والمنتجة والمنفتحة، متمايزة في دورها الوطني والدولي. وأكد أن النجاح في النموذج التنموي الجديد لا يمكن أن يتحقق إلا بجامعة قوية تنتج الكفاءات والمعرفة وتقود التنمية، وأن من يعارض هذا القانون يعارض مستقبل شباب المغرب.
في الختام، دعا شيري واضحة إلى العمل المشترك من أجل بناء مستقبل الجامعة المغربية، معبرًا عن إيمانه بأن هذا الإصلاح هو البداية الحقيقية لمسار طويل من التطوير الذي طال انتظاره، داعيًا كذلك الجميع إلى تجاوز أخطاء الماضي والعمل بإرادة قوية لإنجاح هذا الورش الوطني الكبير.





