خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية لمناقشة مشروع قانون المالية 2026، أشاد محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، بالمشروع، مؤكدا أنه يجسد وفاء للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش وخطاب افتتاح البرلمان، والتي شددت على تسريع مسيرة المغرب الصاعد من خلال إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية عبر تعبئة جميع الطاقات والإمكانات، ومحاربة كل الممارسات التي تهدر الوقت والجهد والإمكانات لضمان نجاعة ومردودية الاستثمار العمومي.
وأوضح شوكي أن مشروع القانون يمثل استمرارا للبرنامج الحكومي كتعاقد سياسي مع المواطنات والمواطنين، وترجمة لإرادة الحكومة في استكمال تنزيل برامج الدولة الاجتماعية التي تضع المواطن المغربي في صلب سياساتها وبرامجها، مع التركيز على قطاعي الصحة والتعليم باعتبارهما من الأولويات الأساسية للدولة.
وأضاف شوكي أن المشروع يتضمن تدابير وإجراءات غير مسبوقة في مجالي الصحة والتعليم، وقد فاقت هذه الإجراءات كل التوقعات، رغم التحديات المالية الراهنة التي تواجهها الحكومة، مؤكدا أن الحكومة التزمت دوما بالإنصات لمطالب المواطنين والتفاعل معها، سواء تعلق الأمر بالأسرة التعليمية أو الأطباء والممرضين أو قطاع التعليم العالي وصغار الفلاحين والأسر الفقيرة، مشددا على أن هذا التفاعل الحكومي الملموس يعكس وفاء الحكومة بالتزاماتها وحرصها على الوفاء بالتعهدات.
وأكد رئيس الفريق أن الحكومة لم تلجأ إلى تبرير القرارات الصعبة أو استعمال لغة الاستجداء كما فعل البعض، بل تحملت مسؤولياتها كاملة عبر مواصلة مسار العمل والإنجاز بكفاءة ونجاعة، مسار مستمد من الرؤية الملكية التي دعت إلى ترجمة العدالة الاجتماعية إلى قرارات ملموسة، لافتا إلى أن مسار الإنجاز يشمل الانتقال من صفر مستفيد من التأمين الأساسي الإجباري عن المرض للفئات الهشة إلى حوالي 11 مليون مستفيد، والتوسع في التأمين الأساسي للعمال غير الأجراء من 8000 مستفيد إلى نحو 3.4 مليون مستفيد، إضافة إلى استفادة 3.8 مليون أسرة من الدعم الاجتماعي المباشر بميزانية تصل إلى 2 مليار درهم شهريا، وتحويل برنامج مليون محفظة إلى دعم مباشر بمناسبة الدخول المدرسي يستفيد منه نحو 2 مليون أسرة بقيمة فاقت 720 مليون درهم، كما تم الرفع من المناصب المالية في قطاع الصحة من 5450 منصبا سنويا قبل 2021 إلى 8000 منصب في 2026، ورفع متوسط الأجر الشهري الصافي للموظفين من 8237 درهم في 2021 إلى 10.100 درهم في 2026، مع رفع الحد الأدنى للأجور في الوظيفة العمومية من 3000 درهم إلى 4500 درهم.
وأشار شوكي إلى أن مشروع قانون المالية 2026 لا يمثل مجرد أرقام جامدة، بل هو ترجمة حقيقية لنموذج مسؤول في إدارة المال العام، يجمع بين الطموح والواقعية، ويعالج الاختلالات البنيوية التي ورثتها الحكومة، مستذكراً أن الحكومات السابقة أهملت قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، فيما قامت الحكومة الحالية بإعادة الاعتبار للسياسة القائمة على المسؤولية والجدية، وتجاوز منطق الهروب من المسؤولية الذي مارسه سابقوها، مع التركيز على دعم الدولة الاجتماعية وإصلاح المدرسة العمومية وتحفيز التشغيل وإعادة الاعتبار للمجال القروي.
وأوضح رئيس الفريق أن ميزانيات قطاعي التعليم والصحة ارتفعت بشكل قياسي لتصل إلى 140 مليار درهم مع إحداث أكثر من 27 ألف منصب مالي لسد الخصاص، وأن هذه الزيادات التصاعدية في التمويل جاءت ضمن استراتيجية الحكومة لتعزيز الرأسمال البشري وضمان العدالة الاجتماعية، حيث ارتفعت ميزانية التعليم من 58.5 مليار درهم في 2021 إلى أكثر من 85 مليار درهم في 2025، بينما سجل قطاع الصحة زيادة متواصلة من 19.7 مليار درهم في 2021 إلى نحو 37 مليار درهم في 2025، وهو ما يعكس اهتمام الحكومة بتمويل مستدام وتحقيق إصلاح جذري في هذه القطاعات الحيوية.
وأشار شوكي أيضا إلى إطلاق منظومة إصلاحية غير مسبوقة في قطاع الصحة تهدف إلى معالجة الاختلالات الهيكلية، بما في ذلك ضعف البنيات التحتية ونزيف الكفاءات، مؤكداً أن الحكومة ركزت على رفع عدد المناصب المالية وتعيين أكثر من 1200 طبيب متخصص، وهو ما يعكس التزامها بتحسين تدبير الموارد البشرية وضمان جودة الخدمات الصحية، معتبراً أن هذه الإصلاحات تأتي ضمن رؤية شاملة لتأسيس الدولة الاجتماعية وضمان الحق في العيش الكريم للمواطن.
وأكد رئيس الفريق أن المواطن المغربي تعب من الخطابات الشعبوية ومن منطق المعارضة من أجل المعارضة، مشدداً على أن الحكومة، بثقة وهدوء، ماضية في تنفيذ وعودها، مشيراً إلى الأداء الاقتصادي القوي الذي تحقق بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.8% في ظرفية اقتصادية عالمية معقدة، وانخفاض نسبة صافي الدين إلى أقل من 60% في 2028، وارتفاع الموارد الضريبية من 200 مليار درهم في 2020 إلى نحو 370 مليار درهم في 2026، وهو ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية للحكومة واستدامة المالية العامة.
كما تناول شوكي الإصلاحات الضريبية الحديثة، موضحاً أن الحكومة عملت على تطوير آليات اقتطاع ضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل وضريبة الشركات، ما ساهم في زيادة إيرادات الخزينة وتحقيق نمو مستدام، مؤكداً أن هذا النهج يختلف تماماً عن إدارة الحكومات السابقة، حيث كانت وتيرة الاقتراض أسرع من وتيرة خلق الثروة، فيما نجحت الحكومة الحالية في توظيف الموارد الضريبية لتعزيز الاستثمار العمومي وتحفيز النمو الاقتصادي.
واستعرض شوكي مقارنة بين الأداء الاقتصادي للحكومة الحالية والحكومات السابقة، مبيناً أن المديونية العمومية استقرت عند 65.9% في 2026 مقارنة بمستويات أعلى سابقاً، وأن الموارد الضريبية الإضافية تم توجيهها لتمويل النمو والاستثمار بدل خفض المديونية فقط، وأن حجم الاستثمار العمومي ارتفع من 70 مليار درهم سنويا خلال 2011-2021 إلى متوسط 107 مليار درهم سنويا خلال 2022-2025، مؤكدا أن هذا التوجه يعكس استراتيجية حكومية قائمة على المسؤولية والنجاعة.
واختتم شوكي كلمته بالتأكيد على أهمية المشروع، موضحاً أنه مشروع شامل ومنصف يسعى إلى تعزيز الدولة الاجتماعية والاستثمار في المستقبل، داعيا الحكومة إلى تسريع تنزيل برامجها التنموية، ودعم المناطق القروية، مؤكداً أن مشروع قانون المالية 2026 ليس ضد أحد بل في مصلحة جميع المغاربة، وأن الإصلاح المبني على الأرقام والقرارات الجريئة هو الطريق لضمان استدامة مالية الدولة وقدرتها على الاستثمار في المستقبل، وهو ما يعكس الالتزام الكامل لفريق التجمع الوطني للأحرار بدعم مسار الإصلاح والتنمية.





