قال محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، إن الحكومة تنفذ إصلاحا عميقا وغير مسبوق في قطاع الصحة، يستند إلى رؤية شاملة تستهدف ترسيخ الحق في العلاج وتعزيز مقومات العدالة الاجتماعية، إلى جانب الحفاظ على السيادة الوطنية بمختلف أبعادها، خاصة في ما يتعلق بالأمن الصحي والدوائي.
جاء ذلك خلال جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، التي عقدها مجلس النواب أمس الإثنين، حيث أكد شوكي، باسم الفريق النيابي لحزب “الأحرار”، أن اللحظة السياسية الحالية تفرض على الجميع مسؤولية مضاعفة في التعاطي مع قضايا الوطن الكبرى، وفي مقدمتها قضية السيادة الوطنية والوحدة الترابية، التي شدد على أنها “خط أحمر لا يمكن التساهل معه أو تحويله إلى مادة للمزايدات السياسوية أو الخطابات الشعبوية”، مؤكدا أن من يحاول النيل من استقرار البلاد أو تهديد أمن مواطنيها، كما حدث في السمارة، لا يمكن أن يقابل بخطاب التبرير أو المحاباة، بل بخطاب الوضوح والصرامة والانضباط الوطني.
في هذا السياق، ربط شوكي بين السيادة الوطنية والسيادة الصحية والدوائية، مبرزا أن جلالة الملك محمد السادس ما فتئ يؤكد على مركزية هذه السيادات في تأمين القرار الوطني المستقل، مشيرا إلى أن الحكومة لم تتعامل مع إصلاح المنظومة الصحية كملف تقني أو ظرفي، وإنما كخيار استراتيجي مهيكل يندرج ضمن رؤية بعيدة المدى. وأضاف أن ما تحقق في ظرف وجيز يعد تحولا ملموسا، يعكس وضوح الرؤية وقوة الإرادة السياسية لدى الحكومة في تنزيل التوجيهات الملكية السامية في هذا الورش الحيوي.
واعتبر رئيس الفريق النيابي لـ”الأحرار” أن ما تم تحقيقه على مستوى التغطية الصحية يعد إنجازا غير مسبوق، إذ انتقل عدد المستفيدين من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO-تضامن) إلى 11 مليون مواطن، بعدما كان عدد المستفيدين الفعليين من نظام “راميد” لا يتجاوز 10 ملايين، خلافا للرقم التراكمي المعلن عنه سابقا والذي بلغ 18.5 مليون. ولفت إلى أن هذا التحول يعكس دينامية فعلية في ضمان الولوج العادل إلى العلاج، ويضع حدا لتجارب سابقة طبعها التردد والقصور في بلوغ الأهداف.
وسجل شوكي التزام الحكومة الصارم بالأجندة الملكية، مشيدا بما وصفه بالجدية والنجاعة في تنزيل الإصلاحات، خصوصا في ورش الحماية الاجتماعية. وأوضح أن عدد الأرامل المستفيدات من الدعم انتقل من 75 ألف في عهد الحكومتين السابقتين إلى أزيد من 420 ألف مستفيدة اليوم، في دلالة على توسيع قاعدة المستفيدين وتجويد آليات الاستهداف الاجتماعي.
وفي ما يخص التصنيع الدوائي، شدد المتحدث ذاته على أن من أولويات الحكومة إرساء منظومة إنتاج وطنية متكاملة، تجمع بين الابتكار والسيادة والعدالة الدوائية، من خلال تشجيع الاستثمار في تصنيع الأدوية البيولوجية محليا، ودعم نقل التكنولوجيا، وتحفيز البحث والتطوير في المجال الصيدلاني، بما يتيح للمغرب تقليص التبعية الخارجية في هذا المجال الحيوي.
كما أكد شوكي أن الإصلاحات الصحية الجارية ليست مجرد تعديلات إدارية أو قانونية معزولة، بل هي رؤية مندمجة تقطع مع السياسات الترقيعية والإجراءات المتفرقة، موضحا أن الحكومة استطاعت في ظرف زمني وجيز قلب المعادلة التي استقرت لعقود على التفاوت والإقصاء، ومكنت المواطن البسيط من حق الولوج إلى العلاج بكرامة، سواء في القطاع العام أو الخاص، دون تمييز على أساس الوضع المهني أو الاجتماعي.
ووصف شوكي ما يحدث في قطاع الصحة بأنه “ثورة هادئة”، موجهة برؤية ملكية وتنفذها حكومة مسؤولة وجريئة لا ترتبك تحت الضغط، وتركز على ما ينفع الناس ويبقى أثره على أرض الواقع. وفي هذا الإطار، دعا الحكومة إلى الاستمرار في تنزيل المجموعات الصحية الجهوية، وعلى رأسها مجموعة طنجة التي تحدد موعد انطلاق عملها، معتبرا هذه البنيات رهانا حقيقيا على العدالة المجالية الصحية، والسبيل الأمثل لتقليص الفوارق بين الجهات.
وفي ختام مداخلته، عبر شوكي عن ثقته في قدرة الحكومة على مواصلة تنزيل التزاماتها المتضمنة في البرنامج الحكومي، لا سيما في المجال الصحي، الذي يشكل أحد الأسس الكبرى للعقد الاجتماعي الجديد، موضحا أن التفاؤل هو ما يقود خطوات الحكومة نحو إنجاز التغيير المنشود، خدمة لمصلحة المواطن وتعزيزا لمناعة الدولة الاجتماعية.