أبرز عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، خلال جلسة المساءلة الشفوية بمجلس النواب، الإثنين، أن الغاية الجوهرية لكل الإصلاحات التي قامت بها الحكومة في مجال الصحة، ليست مجرد إصلاحات مؤقتة، بل هي تطلع لبناء منظومة صحية متكاملة، محصنة ضد التراجع، قائمة على أسس عملية واستراتيجية متينة، ستضمن استدامة الإصلاح بما يخدم صحة المواطن المغربي على الدوام.
وأوضح أن إدماج البعد الجهوي يشكل قناعة أساسية لتعزيز حكامة القطاع، لذا “عملت الحكومة على إحداث المجموعات الصحية الترابية، كآلية لضمان التكامل الوظيفي لجميع المؤسسات الاستشفائية التابعة لنفوذ الجهة، وفق برنامج طبي جهوي يحترم الخصوصيات الترابية”.
وأبرز أن هذه الخطوة التشريعية المبتكرة ستمكن من إعداد برامج طبية جهوية تحترم الخصوصيات الترابية، ووضع خرائط صحية واضحة، ستساهم في تعزيز وتنويع عرض العلاجات وتنظيم مساراتها، وبالتالي التغلب على الإكراهات التي شابت التدبير المركزي للمنظومة الصحية.
وأورد أن هذا المشروع سيمكن كل مجموعة صحية ترابية من اتخاذ قرارات ناجعة وفعالة، خاصة في الجوانب المرتبطة بتحديد أولويات الاستثمار الصحي وتوطين البنيات التحتية والمنشآت الصحية، استنادا للخصائص الديمغرافية والوبائية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية لكل مجال ترابي على حدة، فضلا عن الاستعمال الأمثل للموارد وفق الأولويات والاحتياجات، والقطع مع ظاهرة “الصحاري الطبية” وتقليص التفاوتات المسجلة على المستوى الصحي.
وأفاد أن تنزيل هذا التصور الجديد بعرف أشواطا متقدمة من خلال إصدار المرسوم المتعلق بالإشراف على التداريب بالمؤسسات الصحية المكونة للمجموعات الصحية الترابية، والمرسوم المتعلق باللجان الجهوية المشتركة لتنسيق التكوين التطبيقي في المهن الصحية.
وقد تم إعطاء الانطلاقة الفعلية للمجموعة الصحية الترابية لجهة طنجة تطوان الحسيمة كأول كمحطة، حسب أخنوش، بعد تعيين صاحب الجلالة للمدير العام لهذه المؤسسة الاستراتيجية خلال آخر مجلس وزاري، وإصدار المراسيم المؤطرة لعملها خلال الأسبوعين الماضيين.
وأشار إلى أن الجهود الهيكلية التي تقودها الحكومة لتأهيل المراكز الصحية للقرب وتعميم المستشفيات الجامعية وإصلاح المراكز الاستشفائية الجهوية والإقليمية، ستوفر للمجموعات الصحية الترابية منظومة مؤسسية متكاملة، قادرة على احترام مسلك العلاج وتسهيل عملية توجيه المرضى للمؤسسات الصحية المعنية.
“ويبقى الهدف الأسمى، مرتبطا بتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية والمستعجلات بصفة خاصة، ما يؤثر سلبا على الخدمات الصحية العمومية”، يضيف أخنوش.
وفيما يخص تحسين أوضاع الأطر الصحية ورد الاعتبار للمرفق العمومي، أكد رئيس الحكومة أن نجاح هذه الثورة الإصلاحية لن يتحقق إلا بتظافر جهود جميع الأطباء والممرضين والعاملين في القطاع الصحي، الذين يشكلون العمود الفقري لهذا الإصلاح.
وتوقف عند بعض التحديات التي تواجه واقع الممارسة المهنية، خاصة فيما يتعلق بهجرة الكفاءات الطبية والتمريضية إلى الخارج، والتي تعد من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول ومن ضمنها بلادنا.
وأفاد أن الحكومة شرعت في تطوير ظروف اشتغال مهنيي الصحة، مع جعل الحوار الاجتماعي أداة أساسية للنهوض بوضعيتهم وتحسين ظروف اشتغالهم.
في هذا السياق، استحضر عقد الحكومة سلسلة من الاجتماعات المثمرة مع النقابات، والتي توجت بالعديد من المكتسبات الهامة لفائدة شغيلة القطاع الصحي، والتي تتجلى أهمها في تحسين وضعية الأطباء من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان بتخويل المعنيين الرقم الاستدلالي 509، وهو ما مكن الأطباء من الزيادة في رواتبهم ب 3.800 درهم شهريا، بالإضافة إلى تسريع وتيرة الترقيات للممرضين وتقنيي الصحة، والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الأطر الإدارية والتقنية لتصل إلى 1.400 درهم شهريا. كما أشار إلى دعم مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي قطاع الصحة وتعزيز خدماتها لفائدة مهنيي الصحة.
كما عملت الحكومة، وفق أخنوش، على إخراج قانون الوظيفة الصحية، الذي يعد خطوة هامة نحو تحسين الظروف المهنية للعاملين في القطاع الصحي، “حيث سيشكل هذا النص التشريعي جوابا للإشكالات التي يعاني منها القطاع الصحي ببلادنا، خاصة عبر إقراره تعويضات تحفيزية تتعلق بتعزيز جاذبية العمل في المناطق النائية التي تعاني نقصا في الموارد البشرية”.