أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أنه خلال 25 سنة منذ تربع جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه الميامين، شكلت قضية المدرسة المغربية أولوية وطنية لدى جلالته، حيث جعل نصره الله، في أول خطاب للعرش سنة 1999، من موضوع التربية والتكوين ثاني أسبقية وطنية بعد الوحدة الترابية.
وأضاف أخنوش خلال جلسة عمومية تخصص للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة، التي تناولت موضوع “إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية”، أن جلالته شدد في خطاب العرش لسنة 2015 على أن “إصلاح التعليم يجب أن يهدف أولا إلى تمكين المتعلم من اكتساب المعارف والمهارات، وإتقان اللغات الوطنية والأجنبية، لاسيما في التخصصات العلمية والتقنية التي تفتح له أبواب الاندماج في المجتمع”.
وأوضح أن هذه الرؤية الملكية شكلت خيارًا استراتيجيًا ضمن أهداف وغايات القانون الإطار رقم 57.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي أرسى تعاقدًا وطنيًا جديدًا وإطارًا مرجعيًا يمكن من إرساء مدرسة عمومية تتوخى تأهيل العنصر البشري، كما تضمن المساواة وتكافؤ الفرص، وذلك بهدف تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في الارتقاء بالفرد وتقدم المجتمع.
وشدد رئيس الحكومة على أن اختيارات الحكومة كانت واضحة، وقد تم التعبير عنها في البرنامج الحكومي الذي يشكل تعاقدًا سياسيًا مع المواطنين والمواطنات.
وأضاف أن الحكومة تسجل بكل اعتزاز المؤشرات الإيجابية التي يعرفها قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، لعدة اعتبارات، منها وضوح العرض الحكومي ومصداقيته، والذي يولي أهمية كبرى للتعليم باعتباره من بين ركائز الدولة الاجتماعية، والسعي إلى رد الاعتبار لمهنة التدريس، بالإضافة إلى نجاح الحوار الاجتماعي القطاعي مع اعتماد مقاربة تشاركية مع النقابات، وكذا تعبئة الموارد المالية الضرورية، حيث تعمل الحكومة على تعبئة 9.5 ملايير درهم إضافية سنويًا في أفق 2027، مما انعكس إيجابًا على الحياة اليومية لأسرة التعليم بالمغرب.
وأكد أخنوش أن الحكومة جعلت من إصلاح المنظومة التعليمية اختيارًا سياسيًا بأبعاد سيادية، يتجاوز منطق التدبير القطاعي، ويهدف إلى بناء مدرسة عمومية تضمن تنمية القدرات والارتقاء الاجتماعي، وبالتالي الاندماج في مغرب المستقبل تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة.
وأشار أخنوش إلى أن الإصلاح الشمولي للمنظومة التعليمية يتطلب توفير الإمكانات المادية اللازمة، ولهذا الغرض عبأت الحكومة ضمن قانون المالية لسنة 2025 ميزانية تجاوزت 85 مليار درهم، مقارنة بـ68 مليار درهم سنة 2019.
وأوضح أخنوش أن الهاجس المشترك بين الحكومة والبرلمان هو إعادة بناء الثقة في المدرسة العمومية لدى الأسر المغربية، عبر إحداث قطيعة مع الأساليب السابقة التي حالت دون تمكين التلاميذ من التعلمات الأساس، والحد من ظاهرة الهدر المدرسي، خاصة في المستويات الإعدادية والثانوية.
وأكد أن التقييمات الوطنية والدولية، مثل البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2019 واختبارات PISA 2018، أظهرت وجود أزمة حقيقية في التعلمات الأساس بالمدرسة المغربية، حيث أبانت الدراسات أن فقط 30% من تلاميذ التعليم العمومي يتحكمون في المقرر الدراسي عند نهاية التعليم الابتدائي، بينما احتل المغرب المرتبة 75 من أصل 79 دولة من حيث التوفر على الحد الأدنى من الكفايات الأساس.
وسجل رئيس الحكومة أن ظاهرة الهدر المدرسي تبقى مقلقة، إذ تسجل المملكة حوالي 300 ألف منقطع عن الدراسة سنويًا منذ سنة 2016، في مختلف الأوساط.
وأكد رئيس الحكومة على أنه أمام هذا الوضع، كان من الضروري تجديد الاختيارات التربوية لتدارك الخصاص، والدفع نحو استرجاع المدرسة لأدوارها الاجتماعية والاقتصادية، مبرزًا أن الوزارة بلورت خارطة طريق لإصلاح التعليم 2022-2026، بعد مشاورات واسعة مع الفاعلين، مستمدة من القانون الإطار ومتكاملة مع التزامات البرنامج الحكومي، وترتكز على ثلاثة محاور أساسية: التلميذ، الأستاذ، والمدرسة.