أفاد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الأربعاء، أن جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يولي عناية خاصة لقطاع الصناعة الوطنية، باعتبارها دعامة أساسية للتنمية الشاملة والمستدامة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي.
وأفاد أخنوش، في كلمته الافتتاحية خلال الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة، المنعقدة بمدينة ابن جرير، أن جلالة الملك يقود استراتيجيات صناعية طموحة، تمت مواكبتها بشبكة من البنيات التحتية الصناعية واللوجستية، على غرار ميناء طنجة المتوسط الذي يحتل المرتبة الأولى في حوض البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، وشبكة طرق سيارة تضمن 1800 كيلومتر، إضافة إلى تعبئة أكثر من 13 ألف هكتار من العقار الصناعي، وخلق حوالي 150 منطقة صناعية.
وأورد في هذا الصدد أنه تم مواكبة مختلف الاستراتيجيات الصناعية، بإصلاحات هيكلية، بهدف تحسين مناخ الأعمال والرقي بتكوين الكفاءات من خلال بنيات تكوينية جديدة على غرار مدن المهن والكفاءات، والرفع من تنافسية الصناعة الوطنية، وهو ما مكن من التوفر على رأسمال بشري مؤهل في القطاع الصناعي تمثل النساء أكثر 43 في المائة من العاملين فيه.
وعبر أخنوش عن اعتزازه بالنجاح الذي حققته صناعة الوطنية في القطاع على مدى ربع قرن من تربع جلالة الملك لعرش أسلافه المنعمين، ما يعكس ارتفاع الصادرات الصناعية 6 مرات، حيث انتقلت من 61 مليار درهم سنة 1999، إلى 376 مليار في 2023، بالإضافة إلى ارتفاع المقاولات الصناعية من 4500 سنة 1999 إلى 13 ألف سنة 2023، وارتفاع مناصب الشغل التي يوفرها القطاع من 477 ألف سنة 99 إلى قرابة مليون منصب شغل اليوم.
وأضاف أن البلاد تمكنت من تعزيز انفتاحها الاقتصادي في إطار هذه الدينامية، عبر اتفاقيات للتجارة الحرة، أتاحت الولوج إلى أزيد من 2.3 مليار مستهلك.
وأبرز أن حجم التحديات التي تواجه الصناعة الوطنية أصبح جليا في ظل الانعكاسات الناتجة عن توالي الاضطرابات العالمية.
وأوضح أن الحكومة تعمل جاهدة على بث دينامية جديدة في القطاع الصناعي من خلال العديد من المبادرات، من بينها إطلاق “بنك المشاريع الصناعية” و”صندوق دعم الابتكار”، الذي أثبت نجاحا كبيرا منذ إنشائه عام 2023.
وشدد أخنوش على أن العديد من المشاريع الهيكلية تم إطلاقها لمواكبة الفاعلين الصناعيين وتعزيز الصناعة الوطنية. وذكر على سبيل المثال ميثاق الاستثمار الجديد، والاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030″، والقانون المتعلق بآجال الأداء، بالإضافة إلى إنشاء 22 منطقة جديدة للتسريع الصناعي في 8 جهات، وتخصيص أزيد من 20 مليار درهم للمقاولات من متأخرات الضريبة على القيمة المضافة.
ودعا أخنوش إلى أهمية التركيز على دعم المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، مشيرًا إلى أن الميثاق الجديد للاستثمار يقدم تدابير خاصة لفائدة هذه الفئة من الشركات، لتحفيز الاستثمارات التي تتراوح قيمتها ما بين مليون و50 مليون درهم، بما في ذلك المقاولات الصناعية.
وأكد رئيس الحكومة أن المغرب يراهن على التحول الطاقي لتعزيز تنافسية الإنتاج الصناعي والانتقال الطاقي والنمو المستدام، حيث يتم التركيز على ولوج قطاع الهيدروجين الأخضر من خلال “عرض المغرب”، الذي جذب اهتمام كبار الفاعلين العالميين في هذا المجال.
وأفاد أخنوش أن المغرب اليوم اصبح، بفضل هذه الإجراءات، وجهة عالمية في عدد من القطاعات المتطورة، وهو ما تعكسه العديد من الأرقام والمؤشرات.
وأوضح أن البلاد أصبحت أول منتج للسيارات السياحية على صعيد القارة الإفريقية، والمصدر الأول للسيارات الحرارية إلى الاتحاد الأوروبي، كما تمكنت من مضاعفة عدد صادراتها من السيارات بين عامي 2021 و2024. وأفاد أن البلاد استطاعت سنة 2023 تصنيع أزيد من 570 ألف سيارة، أي سيارة في كل دقيقة.
وأضاف: “كما خطت البلاد خطوات عملاقة في ما يتعلق بالسيارات الكهربائية، وصناعة البطاريات، من خلال تطوير سلسلة قيمة متكاملة، ما مكنها من التموقع ضمن الخريطة العالمية للدول الكبرى في هذا المجال”.
وبالموازاة مع ذلك، أفاد رئيس الحكومة أن الصناعات المرتبطة بقطاع الطيران عرفت تطورا متواصلا، يعكسه الارتفاع المتزايد لحجم الصادرات، “كما استطاع القطاع استقطاب كبار المستثمرين العالميين، في ظل تواجد أكثر من 140 فاعلا دوليا في المجال ببلادنا”، حسب تعبيره.
وبالإضافة إلى كل هذا، أبرز أن المملكة عززت موقعها كفاعل رئيسي في مجالات أخرى، على غرار الصناعة الغذائية، والصناعات الكيماوية، والصناعة الدوائية والصيدلانية، وصناعة النسيج والجلد، من خلال الأدوار الهامة التي قامت بها هذه القطاعات، لاسيما على مستوى التصدير.
واعتبر أن كل هذا جعل البلاد تصمد في وجه تقلبات الظرفية، رغم توالي الصدمات الاقتصادية، وهو ما تعكسه مجموعة من الأرقام الدالة، حيث “بلغ متوسط القيمة المضافة غير الفلاحية ارتفاعا بــ 3.6 في المائة سنة 2023، مسجلة نموا بنسبة 3.4 في المائة كمعدل تراكمي منذ 2021، أي بزيادة نقطة على المعدل المسجل خلال الفترة 2014-2021”.
وتنفيذا للتوجيهات الملكية، أكد أخنوش على أن الحكومة تشتغل الحكومة اليوم على أن تكون الصناعة الوطنية جاهزة لتدشين عهد جديد يتخذ من مفهوم السيادة هدفا ووسيلة، “خاصة وأنها تعول على تطوير أداء القطاع الصناعي باعتباره رافعة أساسية لإنعاش التشغيل المنتج والمستدام، وبكونه يشكل أولوية حكومية، لاسيما وأن المؤشرات الأخيرة للقطاع جد مشجعة، حيث خلق القطاع الصناعي في النصف الأول من سنة 2024 حوالي 92 ألف منصب شغل، متجاوزا قطاع الخدمات”، على حد قوله.
واعتبر أخنوش أن هذه الدورة تشكل فرصة سانحة أمام المشاركين لإنضاج الأفكار وطرح مختلف التحديات التي يواجهها القطاع الصناعي، لكي تتمكن البلاد من ربح الرهانات الحالية والمستقبلية، والانتقال إلى مصاف الدول الصاعدة، وتكريس صورة المغرب كمنصة ذات جاذبية للمستثمرين الوطنيين والأجانب.