أبرز عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اليوم الإثنين بمجلس النواب، أن مختلف السياسات الحكومية الموجهة لفائدة النسيج المقاولاتي، أعادت تشكيل ملامح مناخ اقتصادي سليم وحامل للفرص الاستثمارية، وخص بالذكر مختلف الجهود الحكومية الموجهة لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، باعتبارها قلب النسيج الاقتصادي الوطني ورافعة رئيسية لخلق فرص الشغل.
وأشار، خلال جلسة المساءلة الشهرية حول السياسات العامة، أن هذه الشريحة تغطي أزيد من 90% من النسيج المقاولاتي بالبلاد، وتعد محركا قويا للتشغيل على المستوى الترابي والحد من البطالة، خاصة في صفوف الشباب والفئات الهشة.
وأكد أن للمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا أهمية بالغة، تزداد من خلال أدوارها الحيوية في تعزيز الابتكار وخلق القيمة المضافة المحلية، مع مساهمتها في تقليص الفوارق المجالية وتواجدها الواسع في المناطق القروية والأقل تنمية، مما يجعل منها أداة فعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية والترابية.
واستعرض مظاهر الاهتمام الحكومي بهذا الصنف من المقاولات، من خلال الإصلاحات التي عرفتها منظومة الصفقات العمومية، والتي تضمنت أساسا تخصيص نسبة 30% من مبالغ الصفقات المبرمجة لفائدة هذه الفئة من المقاولات.
وتطرق إلى إطلاق الحكومة الفعلي للنظام الخاص الموجه إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، كمحطة استراتيجية في تنزيل مقتضيات الميثاق الجديد للاستثمار، “ذلك أنه يتيح التوزيع المنصف لآليات دعم الاستثمار عبر كافة جهات المملكة، ويكرس البعد الترابي للاستثمار مع تعزيز حكامته الجهوية”.
ولتحقيق هذه الأهداف، أشار أخنوش إلى أن اعتماد الحكومة ثلاث منح للاستثمار، والتي يمكن أن يصل مجموعها إلى%30 من المبلغ الإجمالي للاستثمار القابل للدعم، وهي منحة خاصة بخلق مناصب شغل قارة، تهدف إلى تعزيز دينامية التشغيل من طرف هذه المقاولات، ومنحة ترابية، تروم التقليص من التفاوتات المجالية وتعزيز العدالة المجالية من خلال المساهمة في النهوض بدينامية التنمية والتشغيل على مستوى الأقاليم والعمالات، ومنحة خاصة بالأنشطة ذات الأولوية، نظرا لأهميتها في تحقيق الإقلاع الاقتصادي وإنعاش الشغل.
وسجل أن هذه المنح موجهة للاستثمار في مهن وقطاعات إنتاجية مهمة، تشمل حوالي 14 قطاعا أساسيا و54 نشاطا فرعيا، على امتداد كافة المناطق والأقاليم، مبرزا أنها تلتقي مع مضامين خارطة الطريق الجديدة للتشغيل، التي خصصت أحد محاورها الأساسية لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة بغلاف إجمالي سنوي يقدر ب 12 مليار درهم.
وأكد على أن هذه التحفيزات المباشرة تعكس إرادة الحكومة الثابتة من أجل خلق بيئة اقتصادية محلية صاعدة، وتثمين المؤهلات المجالية، مع تمكين منظومة التشغيل على المستوى الجهوي لتكون المستفيد الأول من ثمار هذه الدينامية.
وأشار، في هذا الصدد، إلى شروع الحكومة في تنظيم قوافل تعريفية بهذا النظام الجديد، شملت إلى حدود نهاية نونبر 2025، 31 إقليما وعمالة من أصل 75، مما مكن من تعبئة عدد مهم من المقاولين وحاملي المشاريع وفاعلين اقتصاديين محليين، مبرزا أن هذه المبادرة قد لقيت تجاوبا سريعا من الفئات المستهدفة، إذ استقبلت البوابة الوطنية لنظام الدعم الجديد المخصص للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة CRI-Invest، ما مجموعه 63 ملفا استثماريا، بحجم استثماري إجمالي يناهز 880 مليون درهم، من شأنها إحداث حوالي 2200 منصب شغل مباشر، وتهم هذه المشاريع مختلف جهات المملكة.
في سياق متصل، نوه أخنوش بالشركاء المؤسساتيين، وفي مقدمتهم القطاع البنكي والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لانخراطهم في هذه الدينامية الحكومية، من خلال التوقيع على ميثاق تمويل ومواكبة المقاولات الصغيرة جدا.
وأبرز أن هذا الميثاق يهدف إلى إحداث آليات جديدة لدعم استثمار هذه الفئة من المقاولات، مع توفير عروض تمويل تتناسب مع حاجياتها، ورفع مختلف القيود التي كانت تعيق تطورها.
كما أشار إلى مواصلة الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة (Maroc PME) جهودها عبر وضع خطة متكاملة لتسريع تحول المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة “PACTE TPME”، تتضمن حزمة من برامج الدعم التقني لفائدة هذه المقاولات، من أجل تحسين تنافسيتها ونموها المستدام وتمكينها من الحفاظ على مناصب الشغل وخلق فرص جديدة.
وأورد أن هذه الدينامية تتضمن صياغة وتنفيذ الإطار التعاقدي بين الدولة والوكالة للفترة 2025-2030، المتعلق بتنفيذ خطة تسريع نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة وتحويلها.
ومن جانب آخر، ولدعم جهود التنمية والتشغيل داخل المجالات القروية والجبلية، أشار أخنوش إلى أن الحكومة عملت على إرساء آليات جديدة لتأطير ومواكبة الشباب حاملي المشاريع في الميدان الفلاحي، وذلك عبر إحداث “المراكز الجهوية للشباب المقاولين في الفلاحة والصناعات الغذائية” على مستوى كل الجهات، التي تستهدف استقطاب وتتبع المقاولات الفلاحية في مختلف سلاسل الإنتاج، فضلا عن تعزيز المواكبة التقنية والمالية للتعاونيات الشبابية الحاملة للمشاريع الفلاحية والخدمات الفلاحية في إطار مشاريع الفلاحة التضامنية، بلغت طاقتها الاستهدافية، ما يناهز أزيد من 13.800 شابا وشابة من أنشطة الدعم والمواكبة همت في الإجمالي 5.200 مشروعا، موزعة بين مجموعة من البرامج.
وضمانا للاستغلال الأمثل للرصيد العقاري الفلاحي، كشف رئيس الحكومة إلى أنه تمت تعبئة ما مجموعه 121.400 هكتارا من الملك الخاص للدولة موزعة على 1700 مشروعا، باستثمار إجمالي قدره 24 مليار درهم مع خلق ما يعادل 68.695 منصب شغل.
أما على مستوى العقارات السلالية، فقد تمت تعبئة، وفق أخنوش، ما يناهز مليون هكتار، مع وضع نظام لحكامة هذه العملية وإطار متكامل للدعم، موجهة لفائدة حاملي المشاريع الفلاحية، وقد عرف وتيرة إنجاز هذا المحور، تقييم مؤهلات فلاحية لما يعادل 324.000 هكتار من الأراضي البورية، مع المصادقة على 3.053 مشروعا للكراء والتوقيع اتفاقيات الشراكة على مساحة 35.000 هكتار من الأراضي الجماعية من طرف اللجن الإقليمية للكراء.
وفي ختام كلمته، أوضح أخنوش أن مختلف هذه التحولات الجديدة التي تعرفها سياسة الدولة في مجال الاستثمار، أعادت رسم خريطة التنمية بالمغرب، وهو ما يرفع كذلك جاهزية المجالات الجهوية لقيادة برامج التنشيط الاقتصادي وريادة الأعمال، وإعطاء دفعة قوية للبعد الترابي في مجالات التشغيل والارتقاء الاجتماعي.
“هي دينامية ذات آفاق مستقبلية واسعة، نسعى من خلالها مواصلة الانخراط الجاد والمسؤول لكل الفاعلين والمؤسسات المعنية، ضمانا للتنفيذ السليم لمضامين التعليمات الملكية السامية القاضية بإطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، والتي ينتظر أن تشكل أداة منسجمة للتدخلات العمومية على المستوى الترابي، وآلية للتغلب على مختلف التحديات المرتبطة بالبنيات التحتية والخدمات الأساسية، مع ضمان ولوج الجميع على قدم المساواة إلى ثمار النمو الوطني، وترجمة الاستثمارات العمومية إلى أثر ملموس وتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين”، حسب تعبير رئيس الحكومة.




