أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، الوم الإثنين بمجلس النواب، بقناعة راسخة أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تعيش تحولات نوعية على مستوى التنمية، مدعومة بسلسلة من الأوراش الكبرى والمشاريع المهيكلة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأوضح رئيس الحكومة في كلمته خلال جلسة الأسئلة الشفوية الموجهة إليه حول موضوع “تنمية الأقاليم الجنوبية، أن الديناميات التنموية التي تشهدها هذه الأقاليم تجسد بوضوح صحة الاختيارات الملكية السديدة، لاسيما بعد إقرار النموذج التنموي الجديد الذي يضع الإنسان في قلب الأولويات، ويعكس رؤية استشرافية للتنمية الجهوية المندمجة والمستدامة، مع ضمان مشاركة الفاعلين المحليين في تنفيذ البرامج والسياسات على مستوى الجهات الجنوبية الثلاث.
وأشار أخنوش إلى أن هذا النموذج التنموي المبتكر يرتكز على محاور رئيسية تتمثل في تطوير البنية التحتية والمرافق الأساسية، وجلب الاستثمارات، وخلق فرص الشغل، بتكلفة مالية أولية تجاوزت 77 مليار درهم. منذ تنصيب الحكومة الحالية، تم العمل على تسريع تنفيذ مختلف المشاريع المرتبطة بهذا النموذج، الذي يشكل دعامة حقيقية لتحقيق تحولات تنموية انتقالية في الأقاليم الجنوبية.
على المستوى الاقتصادي، أكد رئيس الحكومة أن الأقاليم الجنوبية حققت إقلاعاً اقتصادياً مهما من خلال تنفيذ مشاريع كبرى، منها توسعة شبكة الطرق من أقل من 70 كيلومتراً إلى أكثر من 4000 كيلومتر، مشدداً على مشروع الطريق السريع تزنيت-الداخلة بطول 1100 كيلومتر، والذي كلف حوالي 10 مليار درهم وسيستفيد منه أكثر من 2.5 مليون مواطن، مشيراً إلى أن هذا المشروع الملكي يشكل إضافة نوعية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وربط شمال المملكة بجنوبها وتعميق الروابط مع عمقها الإفريقي.
كما أكد أن ميناء الداخلة الأطلسي يمثل مشروعاً استراتيجياً للبنية التحتية، يجسد الإرادة الملكية السامية في تحويله إلى إطار ديناميكي للازدهار والانفتاح الاستراتيجي، من خلال خلق فرص شغل واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وفتح آفاق جديدة للدينامية الترابية التي تجمع بين الاستثمار المنتج والإشعاع القاري والدولي. وقد بلغت نسبة إنجاز هذا المشروع الاستراتيجي حوالي 50% بتكلفة تجاوزت 13 مليار درهم.
ولفت أخنوش الانتباه إلى شبكة الموانئ المتنوعة الموجودة في الأقاليم الجنوبية، مثل سيدي إفني، طرفاية، طنطان، العيون، بوجدور والداخلة، التي تلعب أدواراً حيوية في دعم الصيد البحري والتصدير وتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي، مع وجود مشاريع موانئ جديدة قيد الدراسة أو التطوير، من بينها ميناء الصيد بأفتيصات، وموانئ الهيدروجين الأخضر في طرفاية وطنطان، بالإضافة إلى ملجأ الصيد بطرومة، وتطوير رصيف جديد للمكتب الشريف للفوسفاط بالعيون، واقتراب ميناء لمهيريز من مرحلة التشغيل، مما يعكس سياسة طموحة لتعزيز البنية التحتية البحرية والتكامل الاقتصادي.
على صعيد الطاقات المتجددة، أشار رئيس الحكومة إلى أن الأقاليم الجنوبية تشهد طفرة نوعية بفضل الإمكانيات الطبيعية الغنية، حيث تتجاوز القدرة الإنتاجية المخطط لها 1400 ميغاواط ضمن خطة التجهيز 2025-2030، باستثمارات تزيد على 15 مليار درهم، وتمثل الطاقات المتجددة نسبة 77% من القدرة الإنتاجية الكلية في الجهات الجنوبية. كما تم اختيار سبعة مشاريع كبرى للهيدروجين الأخضر بطاقة 20 ميغاواط واستثمار يقدر بـ 36 مليار دولار، في جهتي الداخلة-وادي الذهب والعيون-الساقية الحمراء، ما يجعل الجنوب مركزاً رئيسياً لإنتاج مشتقات الهيدروجين مثل الأمونياك والوقود النظيف والفولاذ الأخضر.
وأكد رئيس الحكومة أن البرنامج الطاقي يشمل مشاريع ضخمة لتقوية شبكة النقل بين الجنوب والوسط بطول 1400 كيلومتر وبقدرة نقل تصل إلى 3 ميغاواط، لاستيعاب الإنتاج المتزايد من الطاقات المتجددة.
وعلى صعيد الصناعات الكبرى، أوضح رئيس الحكومة أن المكتب الشريف للفوسفاط ينفذ برنامجا صناعياً ضخماً في موقع فوسبوكراع يمتد حتى 2026، يشمل توسعة المنجم، وإنشاء مغسلة جديدة، ومركباً للأسمدة والكيمياء باستثمارات تفوق 13 مليار درهم، إضافة إلى بناء ميناء فوسفاطي جديد بالعيون بتكلفة حوالي 8 مليارات درهم، وبلغت نسبة إنجازه 93% نهاية أكتوبر 2025، معتمدًا على الطاقة الريحية بنسبة 99% واستخدام مياه محلاة بالكامل، مما يجعله نموذجاً للتنمية الصناعية المستدامة في الصحراء المغربية.




