ضمن لقاءاتهم التواصلية عبر تقنية المحادثة المصورة عن بعد، ناقش أعضاء تنسيقية حزب التجمع الوطني للأحرار بألمانيا يوم الخميس 19 نونبر الجاري موضوعا يهم قضية الصحراء المغربية وتأهيل التنمية كعنوان لنهضة شاملة بالأقاليم الجنوبية.
وخلال كلمته الإفتتاحية، عبّر كريم زيدان منسق الحزب بألمانيا نيابة عن كافة أعضاء التنسيقية عن فخره واعتزازه بالقوات المسلحة الملكية تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مهنّئا إياها بتدخلها المسؤول والحازم لأجل تأمين حرية التنقل عند معبر الكركرات.
وأشار زيدان في هذا الصدد إلى أن قرار المملكة التصدي لمحاولات المساس بسيادتها ووحدتها الترابية هو حق يكفله القانون والمواثيق الدولية.
الجلسة تضمنت محاور عدة أهمها التراكمات والمتغيرات التاريخية للعلاقات بين المملكة المغربية والجارة الجزائر، بما في ذلك الدوافع المتكررة لسيناريو التوتر بين البلدين على مدى عقود، الشيئ الذي أدى إلى إحداث شرخ أحاط علاقة البلدين الشقيقين سببه الرئيسي تشبُّت الجارة الجزائر بضمّ أراضي مغربية مُقتطَعَة من طرف المستعمر خلال فترة ما قبل الإستقلال، ممّا نتج عنه إشعال فتيل حربٍ (حرب الرمال) بين البلدين بُعيد حصول الجزائر على استقلالها.
إضافة إلى ذلك و في هذا الباب تناول النقاش إثباتات تشير إلى أن تبعات هذا التوتر جعل الحكومة الجزائرية آنذاك تختلق كيانا سياسيا مزعوما يدعى “البوليزاريو”، و الذي لا زالت منطقة المغرب العربي تتحمل وزره إلى يومنا هذا على مختلف المستويات، أهمها المستوى الإقتصادي.
من جهة أخرى جدّد الحاضرون تأكيدهم على أن المسيرة الخضراء هي حدث مضيئ في تاريخ المملكة الحديث ونقطة فصل في استكمال وحدتها الترابية، كما ذكّروا بإصدار محكمة لاهاي لرأيها الإستشاري سنة 1975 قبيل المسيرة الخضراء مُقرّة بوجود روابط “بيعة” بين السلطان المغربي والأقاليم الجنوبية التي لم تكن في يوما من الأيام “أرضا خلاء” معتبرين ذلك دعما دوليا بالغ الأهمية لقضية المغرب الأولى.
وفي ختام نقاش البعد التاريخي لقضيتنا الوطنية، لم يُفوّت المشاركون فرصة التنويه بالنضال الذي يقوده حزب التجمع الوطني للأحرار من أجل قضية الصحراء المغربية منذ نشأته، مستحضرين كلمة المناضل احمد عصمان في تجمع جماهيري بمراكش، 28 أبريل 1979، حيث قال: ” – التجمع الوطني للأحرار – قوة منبثقة من المسيرة الخضراء و جاءت لتعبر عن طموحات وتطلعات وآمال شعب تلك المسيرة”، هذا وقد تمّت الإشادة كذلك بقرار حزب التجمع الوطني للأحرار الأخير بإنشاء لجنة لمتابعة قضية الصحراء المغربية، يعهد اليها بتتبع ورصد تطورات قضية الوحدة الترابية لبلادنا، كما أبدوا المحاورون رغبتهم في إحداث جسر تواصل مع هذه اللجنة قصد تبادل الأفكار والآراء وتحديد سبل الترافع والدفاع عن قضيتنا الوطنية في ديار المهجر.
أما في ما يخص موضوع مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الذي قدمه المغرب قبل سنوات، فقد أفضت مداخلات النقاش إلى مدى استثنائية هذا الحل الأمثل الطموح والعقلاني الذي يضمن لمواطنينا في الأقاليم الجنوبية حقوقهم وكرامتهم ويضمن السلم والأمن في المنطقة، في إشارة إلى أن المغرب موقن أنه في أرضه، ولا توجد قوة في العالم يمكنها إزاحته منها.
من جهة أخرى أكد جميع المشاركون في الجلسة على مدى أهمية الدبلوماسية الموازية كمُكمّل رئيسي للسياسة الرسمية في قضيتنا الوطنية، داعين إلى ضرورة مواكبة الأداء الدبلوماسي للتطورات والمستجدات التي يعرفها الملف مع تحديث الخطاب حسب المتغيرات، دون إهمال دور المجتمع المدني في تطوير النهج التوعوي وأهلية الترافع وقوة الموقف التفاوضي في الملتقيات والمحافل الدولية، الأمر الذي يستدعي إشراك مثقفين وباحثين في خلق استراتيجية عمل دبلوماسي موازي مواكب للحدث و لأجل تحرّك أكثر نجاعة وفعالية ينهض بملف الصحراء.
وكنقطة أخيرة عرفها هذا النقاش التواصلي لتنسيقية ألمانيا، خلص تبادل آراء وأفكار سؤال تأهيل التنمية في الأقاليم الجنوبية، للإشادة بما حققته المملكة من تنمية نهضة شاملة منذ استرجاع هذه الأقاليم، ومواصلة العزم على التعبئة الوطنية من أجل استمرارية النهوض بالمنطقة واعتماد جميع الآليات المتاحة في إنجاح المشاريع التنموية بها وضمان رفاه الساكنة وجعلها نموذجا لباقي جهات المملكة.
وحسب معطيات دراسة قام بها المرصد الوطني للتنمية البشرية فإن جهتي العيون -الساقية الحمراء والداخلة- وادي الذهب تظفران بمعدل تنموي يفوق معدلات باقي الجهات في ربوع المملكة.
هذا وقد اتفق الجميع على ضرورة إشراك كفاءة مغاربة الخارج إلى جانب الكفاءة داخل المغرب في بناء و إرساء قواعد تطوير النهج التنموي على مختلف قطاعاته سواء تعلق الأمر بالبنيات التحتية أو بمجالات التعليم و الصحة و القطاع السياحي.